لماذا لا يصرح الحكام بممتلكاتهم؟
أتذكر جيدا سنوات مجد الكرة الجزائرية مع بداية الثمانينات، أين كنا نحفظ على ظهر قلب أسماء أحسن اللاعبين، وتشكيلات مختلف الأندية الجزائرية وحتى العالمية، ونتنقل بأحسن الثياب إلى مختلف الملاعب لنشاهد الفنيات الكروية من دون عنف أو شتم أو سب، بحكام لا يعرفون أبدا مصطلح الرشوة أو المحسوبية.. ذكريات تبقى راسخة في أذهاننا، نرويها للجيل الحالي من الأنصار الذين يتنقلون أسبوعيا وهم بعيدون كل البعد عن العادات والتقاليد الكروية الجزائرية، ويمارسون كل أشكال العنف والشغب الذي انتشر بسرعة في مجتمعنا وملاعبنا حتى أصبح الجزائري لا يتنقل إلى الملعب ولا يستطيع حتى مشاهدة مباراة رياضية متلفزة في بيته.
انطلق الموسم الكروي في الجزائري وأنا متأكد أنه لن يختلف كثيرا عن المواسم الكروية السابقة، وبدأت معه سياسة الانتقادات والاتهامات بين المسؤولين، حتى يحافظوا على مناصبهم لأطول فترة ممكنة، دون أن ننسى هاجس التحكيم الذي أصبح شبحا مخيفا يهدد الأندية، من دون أن تتحرك الهيئة التي تسير الكرة في الجزائر أمام هؤلاء الحكام الذين بدؤوا موسم الاحتجاجات بقوة، حيث تعالت الأصوات في بعض الملاعب منددة بسوء التحكيم والتحيز الفاضح، مثلما حدث في مباراة اتحاد العاصمة ووفاق سطيف أين كان صاحب الزي الأسود خارج “مجال التغطية” بقراراته العشوائية التي أثرت سلبا على العمل الذي يقوم به الوفاق السطايفي النادي الوحيد الذي يشرف الجزائر على المستوى القاري.
أتمنى لو تضرب اللجنة المركزية للتحكيم بيد من حديد الحكام الذين يتلاعبون بمصير الأندية أسبوعيا وتفتح تحقيقات على الحكام المشتبه فيهم، والذين يتقاضون أسبوعيا أموالا “حلالا” من الفاف نظير إداراتهم لمبارايات البطولة وأموالا “حراما” تمنح لهم ممن يطلبون منهم تسهيل مهمة الفوز أو التعادل كل حسب الطلب.
حين أتحدث عن التحكيم في الجزائر، تراودني فكرة ربما قد تزعج البعض، وتفرح البعض الآخر، وهي أن يصرح حكام النخبة بممتلكاتهم مباشرة بعد حصولهم على شارة حكم فيدرالي، إجراء تطبقه الجزائر على كل مرشح لمنصب في الدولة الجزائرية، مثلما حدث في الانتخابات الرئاسية السابقة حين صرح كل المرشحين لرئاسة الجزائر بممتلكاتهم، فلماذا لا يطبق هذا الإجراء على الحكام الجزائريين ليتمكن مسؤولوهم من محاسبتهم إذا اقتضت الضرورة.
المنطق أن يحكم هؤلاء بالعدل في الملاعب، ويعطوا حقوق الأندية، ويحافظوا على عمل المدرب، ويسهروا على راحة المناصر الذي يفرح عندما يشاهد حكما يطبق القوانين بحذافيرها حتى ولو كانت ضد فريقه، لكن حقيقة الأمر بعيدة عند هؤلاء.. “الله يستر“.
أتعجب عندما أرى حكامنا هم الأحسن في إفريقيا وحتى في العالم مثلما حصل مؤخرا مع الحكم حيمودي في كأس العالم الأخيرة، لكن ماذا يصيبهم حين يحكمون في بطولتنا؟ رغم أنهم دخلوا الاحتراف قبل لاعبي البطولة الوطنية… الكرة عند خليفة بلعيد لكارن، “الخليل” حموم الذي وعد الجميع بموسم جيد لكنه لن يكون كذلك إذا لم يضرب بيد من حديد. والبداية كانت من الجولة الأولى، أعلم أن الخطأ في التحكيم مقبول… و“الحرام” غير مقبول.