“لم يعد مقبولا أن يطرح علينا الآن الخيار بين الاستبداد أو التدخل الأجنبي”
في تصريح له لـ”الشروق اليومي”، أكد المفكر الفلسطيني الدكتور عزمي بشارة على أن الذي حدث في تونس إنما هو ثورة عظيمة كبيرة تسجل في التاريخ “وإن كنا ندرس ثورات لم نعشها، فها نحن نرى ثورة كبرى تتولد في الحاضر العربي بقوة وجلاء، ذلك أن شعبا متناسقا تحرك باقتدار للاحتجاج من أجل مطالب اجتماعية سريعا ما انتقل بالاحتجاج إلى ثورة، أي أنه انتقل من المطالب إلى الأهداف السياسية، كما أنه انتقل من الجهوي والمحدد إلى الوطني والشمولي والثورة تتقدم نحو إنجاز أهدافها”.
-
ويضيف بشارة: “لقد انتهى النظام السابق، والحديث الآن يتم حول آفاق النظام القادم وشكله.. وإن النخب السياسية والفعاليات من شتى التوجهات تقوم الآن بالتفاوض على نوع النظام القادم وعن إنجازه بأي شكل.. هل عن طريق حكومة مؤقتة، أم عن طريق حكومة إنقاذ؟.. المهم أن الجميع يتجه إلى جمعية تأسيسية.. وذلك سيفضي إلى قيام أول نظام ديمقراطي في الوطن العربي”.
-
ويرى عزمي بشارة: “إن إثارة هذه الثورة على المستوى العربي بالغة الأهمية، إذ لم يعد وجيها ولا مقبولا أن يطرح علينا الآن الخيار بين الاستبداد أو التدخل الأجنبي.. لقد تحركت الثورة التونسية وطنيا وقوميا دون التخلي عن ثوابتها الوطنية والقومية، ولم يستدع الأمر تدخلا خارجيا، لأنها تحركت بإرادة شاملة وناضجة وسلمية وأخرست الأصوات المحتملة جميعا”.
-
وانتهى المتحدث إلى أن: “الثورة انتقلت من العفوية إلى التنظيم، حيث دخلت الأحزاب لكي لا يحصل فراغ ،وهنا لابد من التأكيد على الإجماع على قواعد اللعبة الديمقراطية والثورة التونسية تسير إلى هذا الهدف، مزودة بخبرتها التي اكتسبتها من مرحلة الملاحقات والقمع، ونتيجة انتشار التعليم والتجربة الحزبية العريقة، ولهذا فالنخب قادرة على إكمال التحول وعلى العرب حماية هذا المنجز”.
-
لقد تدخل الشعب وهو من كنا ننتظر تدخله، ليؤكد على حقوق الشعب في الديمقراطية.. ومن الواضح أن الديمقراطية تحمي خيارات الشعب.. ولم يعد مقبولا السؤال حول استطاعة الجماهير أم لا؟ نحن الآن في مرحلة من مراحل التحرير الوطني، فالديمقراطية هي الجزء الثاني من الاستقلال، وعندما تكتمل العملية في بعض الدول العربية يصبح هناك معسكر عربي متماسك ديمقراطي لا يتناقض مع المواطن”.