-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
سفير مصر لدى الجزائر مختار توفيق وريدة لـ"الشروق":

لن نقبل بتصفية القضية الفلسطينية ولا تهاون في الدفاع عن السيادة

لن نقبل بتصفية القضية الفلسطينية ولا تهاون في الدفاع عن السيادة
الشروق
السفير المصري بالجزائر، مختار توفيق وريدة

يقدّم السفير المصري بالجزائر، مختار توفيق وريدة، مواقف القاهرة إزاء الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والتحركات الدبلوماسية التي قامت بها طيلة عمر الحرب.

ويؤكد السفير مختار وريدة في هذا الحوار مع “الشروق”، أن بلاده لا تتوانى عن القيام بدورها في دعم الأشقاء في غزة، ومع اندلاع الأزمة، تم بذل جهود دبلوماسية ضخمة جدا واتصالات مكثّفة على عدة مستويات لضمان إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
وبخصوص معبر “رفح” مع مصر، شدّد السفير على أنه لم يغلق وهناك تكدّس للشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية، وأوضح في هذا الخصوص “الحديث أن مصر هي المنفذ الوحيد لدخول المساعدات إلى غزة يعد بمثابة إعفاء لدولة الاحتلال من مسؤولية توفير كافة الخدمات الأساسية”، وذكّر السفير بالمواقف التي عبّرت عنها القيادة المصرية بخصوص الحديث عن تهجير الغزاويين إلى سيناء، فأكد بصيغة الجزم: “مصر لن تقبل أبدا بتصفية القضية الفلسطينية”، وتابع: “مصر لن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي، في ظل أوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات”.

كيف ترى مصر التطورات الحاصلة في فلسطين وتحديدا بغزة؟
في مصر، قلوبنا تدمي بشدة مما يحدث الآن، نحن أمام أزمة إنسانية كبيرة جدا، نرى قصفا متواصلا على المدنيين، وحالات الوفيات في تزايد مستمر جدا، واليوم الحديث عن قرابة الـ9 آلاف شهيد، نصفهم من الأطفال والنساء والمسنين، دون إغفال المصابين والمفقودين تحت الأنقاض.
نحن أمام أزمة إنسانية كبيرة جدا، وفي فترة تاريخية ومفصلية بالنسبة للقضية الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب منّا أن نرتقي ونبذل قصار الجهد حتى نساعد الفلسطينيين على تجاوز الأزمة.

على المستوى الإنساني، الوضع يوصف بالحرج للغاية، نفاد للماء والغذاء والوقود، ما هي الإجراءات والخطوات المتخذة من قبلكم لإيصال المساعدات، على اعتبار أنكم المنفذ الوحيد للقطاع؟
الحديث أن مصر هي المنفذ الوحيد لدخول المساعدات إلى غزة، يعد بمثابة إعفاء لدولة الاحتلال من مسؤولية توفير كافة الخدمات الأساسية للمناطق الخاضعة لها.
مصر لا تتوانى عن القيام بدورها في دعم الأشقاء في غزة، ولكن يجب الحرص على عدم تحويل الأمر إلى واقع مقبول دوليا بالمخالفة للشرعية والقانون الدولي الإنساني، فهناك مسؤولية دولية على سلطة الاحتلال القيام بواجبها الذي يحتمه عليها القانون الدولي، لأن عليها مسؤولية قانونية في إدخال المساعدات الإنسانية الموجّهة إلى إخوتنا الفلسطينيين في غزة.
نحن في مصر، ومع اندلاع الأزمة، بذلنا جهودا دبلوماسية ضخمة جدا واتصالات مكثّفة على عدة مستويات حتى نضمن إدخال المساعدات الإنسانية للأشقاء في غزة.
وكما تعلمون، معبر “رفح” لم يغلق وبقي مفتوحا باستمرار، وهناك تكدّس لشاحنات الإغاثة المقدّمة من مصر وغيرها من الدول الصديقة والشقيقة لإرسالها للأشقاء في غزة.
نعم، هناك صعوبات كثيرة موضوعة تعيق ضمان وصول المساعدات بطريقة انسيابية ومستمرة، نحن نجحنا في التوصل لآلية لإرسال المساعدات نتيجة للتعاون الوثيق بين الهلال الأحمر المصري والأمم المتحدة ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، لإدخال المساعدات للهلال الأحمر الفلسطيني، ومن ثمّ، إيصالها للأشقاء في غزة، ونتمنى أن الآلية تعمل بصورة أكبر حتى تصل المساعدات وتدخل بصورة فورية وسريعة وآمنة ومستدامة.

هل هناك معوقات لدخول المساعدات؟


نعم، هناك معوقات، ليس سرا أن الجزء الفلسطيني من معبر “رفح” تم قصفه، ليس خافيا كذلك أن هناك عراقيل كثيرة تفرض على دخول المساعدات إلى القطاع، هناك تباطؤ وتشديد أمني كبير، فمثلا، المساعدات يشترط الجانب الإسرائيلي أن تحوّل إلى مكان على بُعد 50 كلم لتتم مراجعتها، ثم يتم إرجاعها إلى “رفح”، ليتسنى دخولها مجدّدا لقطاع غزة. هذا جانب من العراقيل والمعوقات، أي أن هناك تشديد كبيرا، نحن نطالب من المجتمع الدولي بالضغط حتى يتم السماح بدخول أكبر قدر ممكن من المساعدات، لوصولها إلى الأشقاء المدنيين في قطاع غزة.

تباين حصل في مواقف الدول العربية والإسلامية حيال ما يحصل في غزة، نستند في هذا التشخيص إلى ما حصل في اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة، واجتماع منظمة التعاون الإسلامي ومؤخرا حيال المشروع العربي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما تعليقكم؟
القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعرب، كما أن هناك إرادة قوية لمساعدة فلسطين، وطبعا، كل دولة ترى الطريقة الأمثل للمساعدة، وواجبنا كدول عربية التنسيق والتعاون المشترك حتى نقدّم المساعدة اللازمة للأشقاء في فلسطين هذا واجبنا ودورنا.
كل دولة تقدّم المساعدة بالشكل الذي تراه مناسبا وفق سياساتها.
ومنذ بداية الأزمة، جرت تحركات دبلوماسية كثيفة، عقد أكثر من لقاء واجتماع للبحث في كيفية إنهاء الأزمة التي يعرفها قطاع غزة، ومن ذلك، اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، واجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مدينة جدة السعودية.
مصر قامت باتصالات مكثّفة على عدة أصعدة، بما ذلك مع الأمم المتحدة، وعليه، تم عقد “قمة السلام” في القاهرة وشاركت فيه دول كثيرة.
كذلك جرت مساع في مجلس الأمن الدولي، وأخيرا نجاح المجموعة العربية في إصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لهدنة إنسانية ووقف العنف وإرسال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة، والآن الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعا إلى عقد قمة عربية طارئة.
نحن كدول عربية علينا أن نبحث ونتعاون للوصول إلى أرضية مشتركة لمساعدة الفلسطينيين، لأننا أمام لحظة تاريخية هامة جدا وفارقة، وكل دول تساعد بالطريقة المناسبة لها وبالطريقة المناسبة لرؤيتها والتي تراها الأنجع، لكن يبقى العمل العربي المشترك مسألة حيوية جدا.

في ظل هذا الوضع الحرج، يعاد طرح خيار إحياء مسار السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، هل تعتقدون بوجاهة هذا الطرح؟
بالتأكيد، هدفنا هو وجود شعب فلسطيني ينال حقه في إقامة دولته الفلسطينية على حدود الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا ما اعترفت به قرارات مجلس الأمن وأقرته الشرعية الدولية، وهذا هو الهدف الذي يجب أن نصل إليه.
بطبيعة الحال، الرؤية هذه تتحقق عبر تنفيذ القرارات التي أقرتها الأمم المتحدة، حيث لا يجب أن تبقى حبرا على ورق.
مصر طلبت من مجلس الأمن أن تكون هناك آلية دولية ملزمة لتفعيل هذه القرارات في مجلس الأمن ومن ثمّ، إقامة دولة فلسطينية، وهذا هو الهدف الذي نستمر في العمل على تحقيقه.
هناك إجماع عربي بتبني خيار السلام حيث توافقت الدول العربية على المبادرة العربية للسلام، باعتبارها خيار إستراتيجي لم يتم النكوص عنه، واتسّاقا مع الشرعية الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة.

مقابل هذا، هناك حديث عن تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء والأراضي المصرية، وبالتالي، تصفية القضية الفلسطينية، كيف يمكن مواجهة هذا المخطط؟
مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية، ولن تقبل أن تكون القضية الفلسطينية بعد هذا الكفاح الطويل للشعب الفلسطيني من أجل نيل حريته وإقامة دولته، أن تتم تصفية قضيته بهذه الطريقة، وبأي طريقة أخرى.
مصر لن تقبل بكافة الممارسات الهادفة إلى تهجير الشعب الفلسطيني ونزوحه، وفى إطار سعي مصر نحو تحقيق تلك الأهداف السامية، لن تقبل أبداً بدعاوى تصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي، في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات مستعينة في ذلك بالله العظيم، وبإرادة شعبها وعزيمته.
هناك فكرة مهمة هي الارتباط بين الشعب والأرض، لو أن الشعب ترك الأرض، فسنكون أمام وضعية معقدة للغاية وتكون القضية مهدّدة بخطر التصفية، ونحن لن نقبل بأن يحدث هذا.
ونحن دائما نؤكد أننا ندعّم ونحيي صمود الشعب الفلسطيني على أرضه وثباته، ونحيي كل الأصوات الفلسطينية الرسمية والمسؤولة التي تتحدث عن الشعب الفلسطيني وثباته وصموده، وأنه لن يترك أرضه. واجبنا نحن دعم هذا الصمود والثبات، وعليه، نسعى جاهدين مع جميع الفاعلين والمتدخلين لإيصال كل المساعدات الإنسانية حتى يتمكّن الشعب الفلسطيني من الصمود والثبات.

ما هي التسهيلات التي وضعتها السلطات المصرية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية؟
منذ اللحظة الأولى، أعلنا أن أي مساعدات من الدول العربية الشقيقة مثل الجزائر أو من الدول الصديقة ترغب في إيصالها إلى الفلسطينيين يتم استقبالها، وحدّدنا مطار العريش الدولي لاستقبال المساعدات، وبالتنسيق بين الهلال الأحمر المصري والهلال الأحمر الفلسطيني، نعمل لتصل المساعدات إلى الأشقاء في غزة.
البعد الإنساني للأزمة نلبيه، ونحن نطالب وطالبنا بآلية آمنة لوصول المساعدات بطريقة مستدامة وآنية.

مصر تتواجد في حزام ناري، وضع غير مستقر في ليبيا واقتتال داخلي في السودان وأخيرا حرب في غزة، كيف تتعامل القاهرة مع هذه التحدّيات؟
الأوضاع الإقليمية الحالية صعبة جدا جدا وحساسة للغاية، وهناك تعقيدات جمّة نعمل ونسعى أن نواجهها بالحزم والعمل الجاد والتنسيق العربي المشترك.
نحن نركّز على أن نتعاون مع الدول العربية والشقيقة، ونحاول أن نعالج الإكراهات الحاصلة وإيجاد حلول لها بشكل يحافظ على مصالح الدول العربية.
هذه الأزمات تفرض علينا وتفرض على الجزائر، مثلا، وغيرها من الدول العربية تحدّيات مختلفة، يجب علينا بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية وتكثيف الاتصالات والتعاون لنستجيب لهذه التحدّيات وتحقيق الاستقرار في كل دول الجوار ولجميع الدول العربية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!