-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بطالة وتهميش وبيروقراطية وغياب مناخ محفز على الإبداع

لهذه الأسباب تهاجر الأدمغة الجزائرية نحو أوروبا والخليج

صالح سعودي
  • 5091
  • 2
لهذه الأسباب تهاجر الأدمغة الجزائرية نحو أوروبا والخليج
أرشيف

أعاد رحيل 1200 طبيب نحو فرنسا قضية هجرة الأدمغة الجزائرية إلى الواجهة، بالنظر إلى الأرقام الكبيرة لأطباء وباحثين ومهندسين وإعلاميين فضلوا مغادرة البلاد نحو أوروبا وأمريكا وبلدان خليجية بحثا عن فضاء أفضل للعمل من ناحية المادية والمعنوية، وهو الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل الكفاءات الجزائرية الذين يتكونون في المدارس والجامعات الجزائرية، وفي النهاية تظفر بها بلدان أجنبية دون مقابل.

فضلت “الشروق” أن تقف على ظاهرة هجرة الأدمغة الجزائرية من خلال محاولة معرفة هذه الأسباب بالحديث مع بعض الكفاءات التي قرّرت الإقدام على هذا الخيار، وهي التي تشتغل في جامعات ومؤسسات معروفة في مختلف البلدان بأوروبا وأمريكا والخليج، حيث يؤكد البروفيسور عمر صافي من جامعة مرسيليا بفرنسا بأن “هجرة الأطباء والكفاءات الجزائرية ليست ظاهرة جديدة، فما يحدث هذه الأيام لا يزيد عن حلقة من سلسلة طويلة بدأت منذ ثلاثة عقود عقب دخول البلد في مأزق سياسي وأمني واقتصادي”، مضيفا أنّ الجزائر لم تستفد من أخطائها الكثيرة، “فبعد مجهودات كبيرة في ميدان التربية والتعليم والبحث العلمي، يجد الإطار الجزائري نفسه أمام معوّقات وحواجز بيروقراطية لا تسمح له بالعطاء أكثر”، بحكم أن الراتب متدن كثيراً مقارنة بما يقدمة الآخرون، سواء في أوروبا أو أمريكا أو بلدان خليجية تستغل واردات النفط، رغم أنّ الجزائر تحوز، حسب محدثنا، على هذا الامتياز (العائدات النفطية الكبيرة)، أما الدكتور عيسى محمدي، وهو طبيب وأب لـ3 أطباء منهم البروفيسور عبد القادر الذي نال مؤخرا جائزة أحسن طبيب في أوهايو الأمريكية، فقد أكد بأن الدراسات الكمية حول هجرة الأطباء لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، لذا، حسب محدثنا، فكلام المتكلمين في الشأن العام ضباب في ظل ندرة المعطيات، مشيرا أنّ تفسير الهجرة بطلب الثروة تفسير فاسد، بل هاجسهم خطة المسار المهني بمعايير نظيفة، يحركهم شغف البحث ضمن الفرق المرموقة ومناخات النقاش العلمي الجريء ورفع التحديات المرتبطة بالابتكار والتنشئة، وكذلك التناسب العقلاني بين الشغل والأجر وأثمان الأشياء من نقل مسكن وغذاء.

بطالة وبيروقراطية وتهميش وأسباب أخرى تمهّد لغاية واحدة

يرى الدكتور عمار تيغزة الذي يشتغل في إحدى الجامعات الخليجية أن نسبة النجاح الكبيرة التي حققها هؤلاء الأطباء بين مختلف الجنسيات العربية وغير العربية في المسابقة الفرنسية يطمئننا بأن القدرات العقلية وذكاء الفرد الجزائري متميز عالميا، أما عن أسباب هجرة الأدمغة فتترجمها القاعدة الاقتصادية “العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة”، في ظل الممارسات الاقصائية التي تحول دون بروز أي عنصر جيد.
وقال الدكتور تيغزة في هذا الجانب “ماذا تنتظر ممن قضى نصف عمره في مقاعد الدراسة لما يأتي ذلك الذي تسرب من الدراسة في مراحلها الأولى ووضع قبعة على رأسه وانهال عليه ضربا.. ماذا تنتظر منه لما تأتيه فرصة للانتقال إلى بيئة عمل مثالية براتب لا يقل عن عشرة أضعاف ما يتقاضاه في بيئة غير مشجعة”. ويظهر أن الهجرة تقف وراءها أسباب كثيرة ومتعددة، ما يجعل الهجرة غاية واحدة لدى أغلب الكفاءات التي لجأت إلى هذا الخيار، حيث يرى البروفيسور عمر صافي من جامعة مرسيليا بأن المشكلة الكبرى تكمن في غياب فرص العمل والآفاق المستقبلية التي لا تنبئ بالتطور والتّحسن، إضافة إلى البيروقراطية والمحسوبية في الإدارة الجزائرية، وكذلك فشل مشاريع البحث العلمي، حيث أن الميزانية، حسب محدثنا، قليلة وضعيفة جداً، كما أن المقابل المادي المقدّم حاليا للإطار الجزائري يظل عاملاً مثبّطاً لأي مشروع علمي واقتصادي ولأي استقرار اجتماعي.
وقال الدكتور عمر صافي إن المحفّزات التي تقدّمها الدول الأخرى ستظلّ تشغل بال الكثير من الإطارات، لهذا فقد صار الإطار الجزائري يتطلّع للاستفادة من هذه المحفزات والظفر بمناخ مساعد لتفجير مواهبه وطاقاته.

ظاهرة غير صحية لواقع في حاجة إلى تحسين
ويخلص البروفيسور عمر صافي إلى القول بأن “هذه الظاهرة غير صحية، لأنها لا تعبّر عن الآمال المرجوة من طرف الشعب ودولته، فكلاهما يتطلعان لبقاء الإطارات في البلد لخدمة المواطن والدفع بالوطن نحو التقدم والتطوّر”.
وأكد المتحدث أنّ الدولة مطالبة بالإجابة عن هذا التساؤل الذي صار يقلق الرأي العام، ما الفائدة، حسبه، من تكوين إطارات المستقبل، تستفيد منهم دول ومجتمعات أخرى، بحكم أن الطبيب والأكاديمي والباحث الجزائري يبحث عن طريق آخر. وهو الواقع الذي ربطه الدكتور بدر الدين زواقة ببيئة الإنبات وبيئة الإبداع، مؤكدا أن الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي مؤثر بالضرورة على الإنسان، بسبب التخلف والبيروقراطية وغياب العدالة الاجتماعية، واعتبار الطب والتعليم من المجالات غير المنتجة، واصفا ذلك بالخلل الاستراتيجي، وهو نفس الكلام الذي ذهب إليه الدكتور محمد الفاتح حمدي الذي ركز على البيئة المعيقة وغياب التحفيز، مؤكدا أن الهجرة حتمية لدى الكثير من الكفاءات، متمنيا تنقية البيئة من البيروقراطية حتى يستفيد البلد من خيرة أبنائه.
أما الدكتور بعزيز بنشوري (طبيب مختص) فقد أكد بأن قطاع الصحة في بلدنا فيه مفارقات كبيرة ونقائص بالجملة يعرفها العام والخاص، مضيفا أن سبب هجرة الأطباء والإطارات خيارات شخصية، خاصة ما يتعلق بالعامل المادي وظروف العمل والاحترام وتحديد المسؤوليات، ناهيك عن فرص التربص وتعلم تقنيات وخبرة إضافية، أما عن الحلول فيدعو الدكتور بعزيز بنشوري إلى إصلاح جذري في قطاع الصحة وبقية القطاعات بغية توفير ظروف عمل ملائمة وعيشة كريمة للإطارات الجزائرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • حماده

    دير الميزاجور (التحديث) للمعلومة تاعك ماهيش 1200 بل أقل من ذلك بكثير كما صرح وزير الصحة. أما أسباب الهجرة فلا يوجد إلا سبب واحد وهو المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادة فقط

  • بلال

    مقال جيد. هذا الموضوع يستحق كتاب كامل ليس فقط مقال.