اقتصاد
أكدوا أن الجزائريين مدمنون على المذاق الحلو

لهذه الأسباب رفض المُصنعون تخفيض السكر في منتوجاتهم

كريمة خلاص
  • 3694
  • 12
ح.م

لا يزال الجدل بخصوص تخفيض نسبة السكر والملح في المنتجات الغذائية قائما في بلادنا، فرغم تشكيل لجنة وزارية مشتركة بين قطاع التجارة والصحة والفلاحة، إلا أنه إلى غاية الآن لم تثمر جهودها عن قرارات إلزامية وصيغ نهائية لإجبار المصنعين والمنتجين على ذلك، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء عدم التمكن إلى غاية الآن من إلزام المنتجين تخفيض النسب رغم التبعات الخطيرة لذلك على صحة المواطن واقتصاد البلاد وميزانية المستهلك الذي ينفق في البداية لإشباع شهواته وينفق بعدها غاليا جدا لتصحيح الكوارث الصحية التي أحدثتها.

يحذر الأطباء ومختصو التغذية في كل مرة مما يصفونه بالسم الأبيض “السكر والملح” لما يتسببان فيه من أمراض مدمرة للجسم، وتشير الدراسات الرسمية التي قدمتها وزارة الصحة والتجارة إلى أنّ الجزائري يستهلك أكثر من 40 كلغ من السكر سنويا، وهو معدل مهول ومرتفع جدا مقارنة مع ما توصي به منظمة الصحة العالمية المحدد بـ 10 كلغ، أي إنّ الجزائيين يتناولون السكر بمقدار 3 مرات أكثر مما يجب.

“الشروق”، فتحت الملف مع أطراف مختلفة لمعرفة الأسباب الحقيقة التي تعيق إلزام المنتجين بقوانين لخفض نسبة الملح والسكر في الأغذية.

المستهلك هو العقبة الأولى لعدم تخفيض السكر والملح

وفي السّياق، أفاد زكي حريز، رئيس الفدرالية الجزائرية لحماية المستهلك، بأنّ المستهلك هو العقبة الحقيقية والأولى أمام عدم التمكن من تخفيض السكر والملح والدهون. فالمواطن تعوّد على ذوق السكر الزائد وأصبح لديه نوع من الإدمان على ذلك، لذا فهو لا يتقبل المنتجات التي تقل فيها نسبة السكر.

وتطرق حريز في حديثه إلى المفاوضات التي قادتها هيئته مع بعض المتعاملين الاقتصاديين، التي خلصت إلى أنّ المواطن لا يتقبل المنتجات المخففة، سواء تعلق الأمر بالسكر أم الملح، وحتى الدهون، رغم تخفيض سعرها مقارنة مع ما كان يعرض سابقا، أو ما هو متوفر حاليا، الأمر الذي ألحق خسائر بالمنتجين الذين تداركوا أنفسهم ورفضوا الاستمرار في التخفيض، حسب المتحدث نفسه.

واستشهد حريز بتجارب لمؤسسات وطنية في مجال المشروبات وكذا في مجال الأجبان لم تفلح محاولاتها الأولى، وحتى العلامات الأوروبية المنتجة في بلادنا اضطرت إلى رفع نسبة السكر في منتجاتها لتسويقها بعد أن سجّلت ركودا وكسادا، وفق ما أكده القائمون على المؤسسة في ردهم على استفسارات جمعية حماية المستهلك.

وأضاف حريز أن نسبة السكر والملح والدهون المرتفعة في مختلف المنتجات لها تبعات اقتصادية وصحية على المستهلك واقتصاد البلاد. ولذا، فإن القضية تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وقرار شجاع إلزامي صارم مع متابعة دورية لمدى تطبيقه.

وعاد المتحدث ليقول إن المتابعة والرقابة لوحدها تبقى منقوصة إذا لم يرافقها عمل توعوي وتحسيسي كبير.

ودعا ممثل المستهلكين إلى ضرورة تكتل مختلف الشعب التجارية ذات العلاقة بالأمر فما عدا جمعية منتجي المشروبات والعصائر لا توجد جمعيات يمكن التحاور والتفاوض معها، موضحا أنّ الأمور تسهل أكثر في وجود ممثل جاد وواع، يمكن تكوينه وتحسيسه بحجم الكوارث والأخطار الصحية التي قد يرتكبها في حق أبناء وطنه.

واقترح حريز زكي التخفيض التدريجي للسكر وترويض المستهلك الجزائري وتعويده على ذوق أقل حلاوة حماية لصحته وصونا لسلامته، مؤكدا أن القضية مهمة ومسؤولية الجميع “المستهلكين والسلطات والمتعاملين”.

جمعية منتجي المشروبات: الجزائريون تعودوا على المذاق الحلو

أعرب علي حماني، رئيس الجمعية الجزائرية لمنتجي المشروبات، أن المتعاملين المنخرطين في الجمعية شرعوا في تطبيق تخفيف نسبي للسكر في منتجاتهم، أمّا البقية فينتظرون الإلزام الحكومي أو الوزاري للتقيد به.

وقال حماني إنّ ذلك نابع من منطلق وعيهم بالمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقهم وبكونهم مؤسسات مواطناتية يتوجب عليها المحافظة على صحة مستهلك اليوم.

وأضاف حمّاني أنّ تخفيض نسبة السكر في المنتجات الغذائية يكون بشكل تدريجي ولا يمكن إقراره فجأة بشكل كلي، واستطرد قائلا: “نحتاج إلى تربية سلوكية لتغيير العادات الغذائية، وذلك يتأتى خطوة خطوة، فالجزائري تعوّد على المذاق الحلو الزائد”.

وذكر حمّاني أنّ تخفيف السكر في العصير ولو بنسبة قليلة يتطلب تغييرا في الوصفة بكاملها ومقاديرها، وذلك حسب وصفه، ليس بالأمر السهل والهين، لما يحرص عليه صاحب العلامة من عدم التغيير في الذوق.

جمعيات المرضى: جزائريون يدركون المخاطر ويتعمّدون

ركّز مخبي خير الدين، رئيس جمعية مرضى ارتفاع الضغط الدموي، على الآثار الصحية الخطيرة لكثير من الأغذية التي يفوق فيها الملح نسبته المسموح بها ومن أهمها الخبز واللبن والجبن.

وأضاف مخبي أنه من الصعب جدا منع المرضى من تناول تلك الأغذية رغم علمهم بما تسببه لهم من تعقيدات.

ولفت المتحدث الانتباه إلى ضرورة اتباع نظام غذائي صحّي، لاسيما أن كثيرا من المواطنين باتوا في عداد المرضى بسبب ذلك.

وأكّد أنّ جمعيته تنظم دوريا حملات تحسيسية من أجل توعية المرضى وبقية المواطنين بأنواع الأغذية الضارة ومكوناتها وتأثيراتها على الصحة.

بدوره، أوضح فيصل أوحدة، رئيس جمعية مرضى السكري، أن ارتفاع نسبة السكر في المنتجات الغذائية أثر سلبا على صحة المواطنين الذين يصرّون على استهلاك غير عقلاني للعصائر والمشروبات المحلاة بشدّة وكذا البسكويت والمرطبات، في غياب بدائل صحية وعدم مقدرة المواطن على شراء الفواكه في غير موسمها.

ولم يغفل أوحدة الجانب التوعوي حيث قال إن الجمعية تقود حملات مكثفة لتوضيح المآلات الخطيرة للاستهلاك المفرط لتلك المنتجات وأنّ ما تقدّمه من طاقة فارغ وغير نافع.

وتحدّث أوحدة عن مختلف النشاطات التي ينظمونها بمناسبة شهر نوفمبر الأزرق لتحسيس الطلبة والعمال والنساء.

مقالات ذات صلة