رياضة
مواقف وأناقة رئيسة كرواتيا وكرههم للاستعمار قلبت الموازين

لهذه الأسباب ساند الجزائريون كرواتيا ضد فرنسا في نهائي المونديال

صالح سعودي
  • 4782
  • 21
ح.م

لم تتوان الجماهير الجزائرية في مساندة المنتخب الكرواتي خلال نهائي مونديال روسيا الذي جرى الأحد، في أجواء اتسمت بالندية والرغبة في التتويج، تحت شعار اللقب الثاني لفرنسا وتذوق طعم التتويج بالنسبة للكرواتيين، حيث مالت كفة الجزائريين إلى الكروات، انطلاقا من عدة عوامل، أبرزها الماضي الاستعماري لفرنسا، إضافة إلى مواقف وأناقة رئيسة كرواتيا التي خطفت الأضواء في محفل روسيا المونديالي.

بصرف النظر عن نتيجة نهائي أمس، وكذا الطابع الفني والندي بين المنتخبين، إلا أن الجماهير الجزائرية لم تتوان في الميل إلى كفة المنتخب الكرواتي، وسط أمنيات بخسارة المنتخب الفرنسي لرهان نهائي المونديال، ويأتي ذلك انطلاقا من عدة عوامل ومعطيات، حيث أن هذه المباراة الكروية حملت ثقلا تاريخيا وسياسيا واقتصاديا، بدليل أن الجزائريين عبروا في كل مناسبة عن كرههم لفرنسا بسبب ماضيها الاستدماري في الجزائر وبقية مستعمراتها في إفريقيا على الخصوص، حيث إن الفترة التي قضتها في الجزائر تمثل شتى أنواع المعاناة والتعذيب والتجهيل والحرمان التي لاحقت الجزائريين منذ 1830 إلى غاية نيل الاستقلال يوم 5 جويلية 1962، وهو ما يجعل الجزائريين يجمعون على أن فرنسا هو آخر منتخب يستحق أن يحظى بمساندة أبناء المليون ونصف المليون من الشهداء.

من جانب آخر، لم تخف الجماهير الجزائرية إعجابها بصمود العناصر الكرواتية وصمودها، من خلال المشوار المميز الذي حققته في نسخة روسيا المونديالية، وهذا بصرف النظر عن المصاعب التي تلقوها في بعض المباريات الحاسمة، ولو أن ذلك لم يمنعها من الوصول إلى نهائي المونديال، كما عبر الجزائريون عن إعجابهم بجمال ومواقف رئيس كرواتية كوليندا غرابار كيتاروفيتش التي ساندت منتخب بلادها على طريقتها الخاصة، بل كسرت بعض الأعراف الدبلوماسية، بدليل أنها اقتنت تذكرة الدخول من مالها الخاص، والأكثر من هذا فقد اختارت المدرجات التي يتواجد فيها الجمهور، وهذا بعيدا عن المنصة المخصصة للسياسيين والدبلوماسيين، كما لم تتوان رئيسة كرواتيا في النزول إلى غرف تغيير الملابس واستقبال اللاعبين الكروات بالأحضان، بطريقة وصفها البعض بالعفوية التي من شأنها أن تشكل محفزا على مواصلة البرهنة والتأكيد، وإذا كانت رئيسة كرواتيا قد تعذر عليها متابعة النهائي من الملعب، بسبب اجتماعها مع ممثلي الحلف الأطلسي، إلا أن ذلك لم يمنعها من بعث رسالة تشجيع للاعبين والطاقم الفني تدعوهم إلى تشريف علم كرواتيا، مثل هذه المواقف والخرجات تفاعل معها الجزائريون على نطاق واسع، ما جعلهم يصفون رئيسة كرواتيا على أنها نموذج مهم في تشجيع منتخب بلادها بكل عفوية وبعيدا عن القيود الدبلوماسية.

وبصرف النظر عن تواد فئة مساندة للمنتخب الفرنسي تحت مبرر أولوية الجانب الفني على الشق العاطفي والخلفيات التاريخية، إلا أن الجزائريين كثيرا ما أدخلوا السياسة والتاريخ والاقتصاد في شؤون الرياضية، بدليل مواقفهم السابقة ضد المنتخب الفرنسي، حيث ساندوا في نهائي أورو 2016 منتخب البرتغال الذي توج باللقب الأوروبي على حساب الفرنسيين الذين بكوا مطولا بعد المباراة، كما أن تواجد زيدان كأفضل نجم في المنتخب الفرنسي نهاية التسعينيات ومطلع الألفية لم يمنعهم من التعبير عن ارتياحهم لخسارة منتخب “الديكة” لنهائي مونديال 2006 أمام إيطاليا، وازداد فرحهم بهذا الإخفاق خاصة بعد انقلاب الشارع والإعلام الفرنسي ضد زين الدين زيدان بسبب نطحته الشهيرة في النهائي، متناسين تضحيات “زيزو” طيلة فترة حمله لألوان المنتخب الفرنسي، وهو ما جعل الكثير من الجزائريين يصلون إلى قناعة بأن ذاكرة الفرنسيين ستظل قصيرة، في ظل تناسيهم وتجاهلهم لمساهمات اللاعبين من أصول جزائرية، وهو الأمر الذي يجعلهم يقتنعون بخيار مساندة كل منتخب يواجه المنتخب الفرنسي خاصة في المباريات الحاسمة.

مقالات ذات صلة