الجزائر
رجال تفرقوا بين المقاهي والمساجد واكتساح للمنتزهات والمراكز التجارية

ليالي رمضان تتحول إلى نهار و”تمرد” على مواقيت الحجر

آمال عيساوي
  • 2851
  • 3

عادت السهرات الرمضانية بقوة مع دخول العشر الأواخر من رمضان، بعد تمديد الحجر الصحي إلى منتصف الليل، ووجد الجميع متسعا من الوقت، من أجل السهر والتسوق، والتجمع في المقاهي والمنتزهات وطاولات الشواء، التي مددت بعضها ساعات العمل إلى الفجر، ضاربة بإجراءات الحجر الصحي عرض الحائط، ليحول الجزائريون ليالي رمضان إلى نهار، مع إنزال نسوي وعائلي على المراكز التجارية، لشراء ملابس العيد، ومع اقتراب رقاص الساعة من منتصف الليل، في الولايات التي يميزها الحجر، تبدأ زحمة المرور في مفترقات الطرق والشوارع الرئيسة، وتتعالى منبهات السيارات. وداخل الأحياء الشعبية يستمر السهر إلى غاية الأذان الأول من الفجر، حين يلتحق الناس بالمنازل لتناول السحور وأداء الصلاة…

كانت الساعة تشير إلى التاسعة ليلا، عندما بدأنا جولتنا الاستطلاعية في مختلف شوارع العاصمة، حيث كانت التجمعات التي تلم الشباب والرجال قليلة نوعا ما، ولم نشاهد أي طاولة شواء، وحتى المقاهي شبه خاوية على عروشها، لكن كان هناك اختناق مروري كبير في معظم الطرقات، فأغلب الذين يذهبون للصلاة يتنقلون على متن مركباتهم وليس مشيا على الأقدام حتى ولو كانت المساجد التي يؤدون فيها صلاة التراويح تبعد ببضعة أمتار عن منازلهم..

إنزال على المنزهات وإفطار على شواطئ البحر

وجدت الكثير من العائلات فرصة في ليالي رمضان من أجل التنزه والتسوق، بعد يوم طويل من الصيام، ومنها من قصدت المراكز التجارية الكبرى في أرديس وباب الزوار والشراقة وغيرها وكذا المنتزهات كالصابلات، التي كانت تعج بالعائلات والمواطنين.. وعند تقربنا من البعض منهم، ذكروا لنا أنهم أحضروا معهم وجبة الإفطار وجاءوا قبل أذان المغرب، وتناولوا إفطارهم هناك مقابل البحر. في حين ذكرت عائلات أخرى أنها تأتي بعد الإفطار مباشرة أحيانا إلى الصابلات، وأحيانا أخرى تذهب إلى أرديس تقضي سهرتها، وعند قرب موعد الحجر تعود أدراجها إلى منازلها. وهناك من ذكروا لنا أنّ وجهتهم تختلف بين مقام الشهيد وكنيسة السيدة الإفريقية في أعالي العاصمة، أين يصطحبون أولادهم للعب والتقاط الصور والاستمتاع بمناظر العاصمة من الأعلى ونسائم البحر..

الجنس اللطيف ينافس الرجال في خلق الازدحام المروري والمقاهي المختلطة

صنع الجنس اللطيف هو الآخر الحدث في ليالي رمضان، بإقبالهن الكبير على المحلات والمراكز التجارية، فغالبية النساء بدأن التحضير لعيد الفطر المبارك، واخترن فترة الليل للخروج والاطلاع على مستجدات كسوة العيد، وغيرها من الأمور، حيث تجدهن في الطرقات على متن سياراتهن بشكل كبير، وكذا في المحلات والمراكز التجارية وكأنهن اتفقن على أن يقضين سهراتهن الرمضانية خارج منازلهن، شأنهن شأن الرجال..

اكتساح للمقاهي بعد صلاة التراويح وغياب تام للإجراءات الوقائية

واستمرت جولتنا الاستطلاعية، وكانت ساعة الذروة في اكتساح الشوارع والمقاهي، مباشرة بعد صلاة التراويح، أين التحق الرجال بالمقاهي، والأمر نفسه بالنسبة لطاولات الشواء، التي بدأت تستقطب الشباب، وتزايدت التجمعات في كل مكان. وحسب ما لاحظناه، فالكمامة والإجراءات الوقائية غائبة تماما لدى الجميع ومن دون استثناء، فطوال جولتنا التي دامت لحوالي ثلاث ساعات لم نصادف أي شخص يرتدي كمامة سوى المصالح الأمنية، التي كانت منتشرة في الطرقات، وكل ما لاحظناه هو التجمعات التي لم تكن تخص الرجال والشباب فقط، وإنما الشابات والنساء أيضا، كان لهن نصيب منها، فهن الأخريات، كن منتشرات بقوة في المقاهي المختلطة وفي المحلات التجارية التي اعتمدت الفتح في الليل بعد قرار تمديد الحجر إلى منتصف الليل.. أمّا الرّجال فكانوا يجتمعون إما على طاولات “الدومينو” أو على ألعاب أخرى في هواتفهم النقالة “كالشقرورة”، أو كما يطلق عليها البعض “الشكشاكية”، وألعاب أخرى بعضها تتم في المقاهي وأخرى يسهرون بها في طاولات ينظمونها بأنفسهم في الهواء الطلق..

طاولات الشواء تتعدى قوانين الحجر وتعمل إلى غاية الفجر

عند اقتراب منتصف الليل بدأت المقاهي تُخرج الزبائن وتغلق أبوابها، لكن طاولات الشواء وكذا تجمعات الشباب ظلت على حالها، وعند حديثنا مع البعض منهم ذكروا لنا أنهم سيواصلون سهراتهم إلى غاية الفجر كما كانوا عليه في السابق، وأضافوا أن المصالح الأمنية لم تعد تخرج إلى الأحياء لمراقبتهم، كما تحدثوا باستهتار وسخرية عن استمرار وباء كورونا، واعتبروا الأمر مجرد أكذوبة في الوقت الحالي ولم يعد له أثر، ولا داعي لأن يقطعوا سهراتهم الرمضانية التي حُرموا منها خلال شهر رمضان الماضي، وكذا خلال عشرة الأيام، وقال في هذا السياق أحدهم متسائلا: “لم أفهم لماذا تم تمديد الحجر إلى منتصف الليل ولم يتم رفعه تماما.. هل كورونا تنتشر بعد منتصف الليل فقط؟؟” وهو السؤال الذي ختمنا به جولتنا، وعدنا إلى منازلنا تاركين خلفنا عشرات التجمعات التي رفضت أن تلتزم بمواقيت وتدابير الحجر، وفضلت أن تستخدم منطقها في قضاء سهرات الشهر الفضيل، أين شهدت العديد من شوارع وطرقات العاصمة زحمة شدية للسيارات بعد منتصف الليل، والجميع يريدون الالتحاق بمنازلهم في وقت واحد.

مقالات ذات صلة