-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لَـنْـكِـسُوا ولا تُـوَنْـدِزُوا!

لَـنْـكِـسُوا ولا تُـوَنْـدِزُوا!

“لنكسوا ولا توندزوا” عبارة طريفة أطلقها الزميل محمد العيد قادري منذ سنوات خلال ورشة تكوينية على نظام لينُكس Linux والبرمجيات الحرة. وفي هذه العبارة دعوة صريحة إلى التخلي عن استعمال نظام ويندوز Windows التجاري والتحوّل إلى نظام لينُكس غير التجاري الذي يعمل على تطويره متطوعون عبر الجامعات ومراكز البحث العالمية، ويعملون على نشره واستعماله.

ما هي البرمجيات الحرة؟

نظمت جامعة سعيدة خلال يومي 28-29 مارس الفارط ورشة تكوينية للتعرّف والتدرّب على نظام لينُكس والبرمجيات الحرة. ويندرج هذا النشاط في إطار عملية تطوعية واسعة امتدت طيلة 15 سنة، حيث انطلقت من جامعة أم البواقي عام 2001، وتعثرت منذ 2015. ولم تمكّن الظروف من استمرار هذا النشاط.

أما أصحاب هذه المبادرة في بداية الأمر فهم الأساتذة عبد الفتاح بوزياني (جامعة أم البواقي) وعيسى عيبش (جامعة سطيف 1) وكريم جواني (جامعة باريس شرق). ثم انضم إلى الفريق أعضاء آخرين من أبرزهم عبد القادر بلحسن (بومرداس) وفتحي تبّون (جامعة سعيدة) والمرحوم أحمد بوعشرية (جامعة بلعباس)وعبد الحفيظ بن عودة (جامعة سطيف)، وشارك معهم في التكوين خلال تلك الفترة عدد من الزملاء، منهم محمد العيد قادري وعبد العزيز شوتري (المدرسة العليا للأساتذة، القبة) وغيرهم.

واستمر هذا التعاون، فسمح بتنظيم 24 مدرسة تكوينية في مختلف الجامعات الجزائرية، تجمع كل مدرسة من هذه المدارس عددا من المنتسبين للجامعة المحتضنة للتظاهرة وعددا آخر من الجامعات الأخرى، من أساتذة وطلبة دراسات عليا. فإذا افترضنا أن عدد المشاركين في كل ورشة تراوح بين 40 و 50 مشاركا،سنلاحظ أن عدد الذين تكوّنوا في هذه الورشات والبرامج الحرة يتجاوز ألف باحث. وهذا يعكس مدى مساهمة هؤلاء الزملاء المتطوعين في نشر ثقافة البرمجيات الحرة.

والآن لم تعد هذه الثقافة غريبة عن الوسط الجامعي على المستوى الوطني. ولم تعد أهمية البرمجيات الحرة تحتاج إلى إثبات ونحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، سيما إذا ما نظرنا من حولنا في كثير من البلدان المتقدمة سواء تعلق الأمر بقطاع التعليم أو الاقتصاد أو الأمن…

ما هي البرمجيات الحرة؟ يصدق هذا الوصف على البرمجيات إذا سمحت لمستخدميهابأربع حريات أساسية، هي:حرية تشغيلتلك البرمجيات؛ وحريةدراسةكيفية تشغيلهاوإجراء تعديلات عليها؛ وحريةإعادةتوزيعنسخها؛ وحريةتوزيعنسخمنإصداراتهاالتيقامالمستخدمبتعديلها. أما البرنامج الذي لا تتوفر فيه هذه الشروط فيعتبر برنامجامملوكا (أي مِلكا للغير).

ومن المعلوم أن رائد هذه البرمجيات هو ريتشاردستالمانRichardStallmanالذي ذاع صيته في هذا المجال منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي. أما لينُكس فهو مستوحى من نظام سابق،وتم تطويره عام 1991 على يد الفنلندي لينوس تورفالدسLinusTorvalds… وعمره لم يتجاوز آنذاك 21 سنة.

تكريم الأستاذ حفيظ أوراق

لقد لوحظأنعدداكبيرامنالبلدانترىأنهناكصلةوثيقةبينالسيادةالرقميةوتعزيزالبرمجياتالحرةفيالإدارةالعامة. ولوحظ أيضا إن انتشارالبرمجياتالحرة مرتبط بتقدمها العلمي والتقني. كما لا ننسى أهميةالجانبالأخلاقيوالاقتصاديوالمجتمعي في هذا الباب.

وعلى كل حال فإن البرمجياتالحرةتعرف تطورا متزايدا مسّ بصفة خاصة الوسط الأكاديمي. وهكذا نجد هذه البرمجيات متاحة في إدارة كلمات السر، وفي الكيمياء والكهرباء، وفي إنشاءأرشيفاتالملفات، وفياستعادةالملفاتالمحذوفة، وفي استنساخالأقراص وتقسيمها، وفي استكشافأخطائهاوتصويبها، وفي تسيير المحاسبة وإعداد وتصميمالوثائقالعلمية، إلخ.

وفي هذا السياق رحب رئيس جامعة سعيدة، الأستاذ فتحي تبّون، باحتضان تظاهرة تهدف إلى إحياء دورية تلك الورشات التكوينية الـ 24، وتقييم الوضع الراهن، ورسم خارطة طريق لجلب الأسرة الجامعية الجزائرية على وجه الخصوصنحو المزيد من استخدام نظام لينُكس والبرمجيات الحرة… و(لِمَ لا) إنتاج مثل تلك البرمجيات.

وكانت التظاهرة فرصة سانحة لتكريم الأستاذ حفيظ أوراق، المدير العام السابق للبحث العلمي والتطور التكنولوجي لاهتمامه البالغ بالبرمجيات الحرة ولمسيرته خلال إشرافه على البحث العلمي في الجزائر… والتكريم جاء بمناسبة تقاعده. وهكذا ألقى الأستاذ أوراق خلال اليوم الأولمحاضرة ثرية بالمعلومات حول “العلم المفتوح” أكد فيها على ضرورة الاهتمام بهذا الجانب بعد أن أشار إلى العديد من النشاطات الجارية في العالم في سبيل تمكين العلم من الانتشار دون قيود مادية أو جغرافية في جميع القطاعات. فعندما يكون العلم في المتناول،سوف يزيد التعاون بين الباحثين وستكون وتيرة الاستكشافات أسرع. وبذلك سنصل إلى حلول ناجعة وأسرع في مجالات عديدة، مثل الصحة والأدوية والمناخ وغيرها.

وفضلا عن ذلك، تضمنت التظاهرة خلال اليوم الأول 6 مداخلات تطرقت إلى الجانب التاريخي للبرمجيات الحرة ومدارس لينُكس وإلى الجانب الأخلاقي المرتبط بهذه البرمجيات. وتواصلت المداخلات في صبيحة اليوم الثاني بتقديم عدة برمجيات حرة. وخصصت الفترة المسائية للورشات التدريبية في قاعتين مجهزتين في جناح من أجنحة جامعة سعيدة. وقد شارك في التكوين الأساتذة عيسى عيبش وفتحي تبون وعبد القادر بلحسن وعبد الحليم بن أشنهو (مدير مخبر بجامعة مستغانم) وعبد الرحمن يوصفات (مدير مخبر بجامعة بلعباس).

تجدر الإشارة إلى أن المشاركين قدِموا من عدة مؤسسات عبر الوطن، منها الجامعات ووزارة التعليم العالي وشركة سونطراك.أما الأستاذ محمد الأمين بن عمر رئيس جامعة أدرار فرحب باحتضان جامعته للمدرسة التكوينية القادمة (السادسة والعشرين) في البرمجيات الحرة ونظام لينُكس خلال خريف السنة الجارية. وليس هذا فحسب بل هناك ممثلون لجامعات أخرى متحمسون لتنظيم مثل هذه الورشات في مؤسساتهم خلال العام القادم. وهكذا نجحت جامعة سعيدة في استعادة هذا النشاط الرامي إلى توسيع رقعة استخدام البرمجيات الحرة في المؤسسات الجامعية والاقتصادية في البلاد… وهو ما يبشر بالخير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!