-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أنباء عن قرب زيارة الرئيس الفرنسي

ماذا سيحمل ماكرون في حقيبته لتخفيف التوتر مع الجزائر؟

محمد مسلم
  • 2161
  • 0
ماذا سيحمل ماكرون في حقيبته لتخفيف التوتر مع الجزائر؟
أرشيف

هل اقترب موعد الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى الجزائر؟ الأصداء المتواترة القادمة من باريس تشير إلى أن نزيل قصر الإيليزي سيحل بالجزائر قبل نهاية الشهر الجاري، في زيارة عمل تعد الثانية له منذ تربعه على الرئاسة.
مباشرة بعد إعادة انتخاب الرئيس ماكرون لعهدة ثانية في أفريل المنصرم، وجه إليه الرئيس عبد المجيد تبون، تهنئة بالمناسبة ودعاه إلى زيارة الجزائر، وهي الدعوة التي قوبلت بتجاوب من قبل المسؤول الفرنسي: “سأكون سعيدا بالذهاب قريبا إلى الجزائر، من أجل بعث هذه الأجندة الثنائية الجديدة بشكل مشترك، والمبنية على الثقة والاحترام المتبادل لسيادتنا”.
وكما سبق وأوردت صحيفة فرنسية، جاء الدور هذه المرة على مجلة “جون أفريك” الفرنسية، التي نقلت عن مصدر دبلوماسي لم تكشف عن هويته، قوله إن ماكرون سيزور الجزائر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ولكن في غياب أي تأكيد رسمي من قبل الجانب الفرنسي.
الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي، تأتي في ظرف بدأت فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية تستعيد عافيتها، بعد أشهر من أزمة متعددة الأبعاد، تسبب فيها الرئيس الفرنسي، عندما راح يشكك في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي في العام 1830، وهي الحادثة التي تسببت في استدعاء الجزائر سفيرها من باريس، محمد عنتر داوود.
ورغم تلك الأزمة، إلا أن الطرف الفرنسي حافظ على شعرة معاوية، من خلال الزيارتين اللتين قام بهما جون إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية السابق، إلى الجزائر في ديسمبر الماضي، وهي الزيارة التي مهدت لعودة السفير عنتر داود إلى عمله في باريس، قبل أن يقوم بزيارة ثانية في مارس الأخير، ساهمت بدورها في التخفيف من حدة الأزمة ولكن لم تقض على مسبباتها.
وهناك الكثير من الملفات لا تزال تلغم العلاقات الثنائية، تأتي على رأسها قضية الذاكرة، التي عجزت باريس عن تسجيل تقدم فيها، رغم الجرأة التي أبداها الرئيس الفرنسي خلال زيارته للجزائر في فبراير 2017، عندما كان مرشحا، عندما وصف الاستعمار بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، غير أن الرجل لم يلبث أن نكص على عقبيه بمجرد عودته إلى باريس، بعدما واجه ضغوطا من قبل لوبي اليمين واليمين المتطرف.
وإن حاول ماكرون التقدم في ملف الذاكرة، من خلال تكليف المؤرخ بنجامان ستورا، بإعداد تقرير حول ذاكرة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وسلمه إلى قصر الإيليزي في يناير 2021، إلا أن تلك الخطوة بقيت معزولة ودون المستوى المأمول من قبل الجزائري، رغم ما تبعها من محاولات يائسة وبائسة، من قبيل الاعتراف بمسؤولية الجيش الفرنسي في تصفية مناضلين جزائريين إبان الثورة.
المسألة الثانية التي سممت العلاقات الثنائية ولا تزال، هي قرار الحكومة الفرنسية تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى النصف قبل نحو سنة، وهو القرار الذي استدعى ردا من الخارجية الجزائرية، التي عبرت عن عدم تفهمها لذلك القرار، لكن يبدو أن التصريح الذي أطلقه مؤخرا وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، والذي تحدث عن روابط صداقة بين فرنسا الجزائر (باعتبارها جزءا من المنطقة المغاربية) أبعد من التأشيرات، أعطى انطباعا بوجود نية لدى الطرف الفرنسي في تجاوز هذه القضية الحساسة، بحكم الوشائج الاجتماعية التي تربط شعبي البلدين.
وعلى مدار السنوات الثلاث الأخيرة شهدت العلاقات الجزائرية الفرنسية هزات ارتدادية بعضها كان عنيفا، أثرت بشكل كبير على المصالح الفرنسية في الجزائر، التي ضاع منها الكثير لصالح منافسين آخرين، فقد خسرت الشركة الفرنسية (را تي بي) امتياز تسيير ميترو أنفاق العاصمة، كما ضيعت مؤسسة “سويز” تسيير قطاع المياه في العاصمة وتيبازة.
لكن يبدو أن حصول العملاق الفرنسي الناشط في قطاع الطاقة “توتال إنرجي”، مؤخرا على صفقة مشتركة بقيمة أربعة ملايير دولار، رفقة كل من “العملاق الإيطالي “إيني” والشركة الأمريكية “أوكسيدونتال”، لتطوير حقول غازية في الجنوب، قد يكون بداية نهاية زوال الغضب الجزائري من الاستثمارات الفرنسية، التي كثيرا ما اتهمت بالانتقائية، أي الجري وراء القطاعات الربحية السهلة، مثل قطاع الخدمات، الذي لا يعول عليها كثيرا في نقل التكنولوجيا.
وعليه، تبقى فرص نجاح زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، مرهونة بما سيحمله ماكرون في حقيبته بعد نحو أسبوعين، وبالخصوص ما تعلق بملف الذاكرة الحساس، وقضية التأشيرات، وكذا الاستثمار المنتج والناقل للتكنولوجيا، وليس ذلك الذي يركز على الربحية فقط.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!