الرأي

ماذا نفعل بحُزن كريم يونس؟!

قادة بن عمار
  • 4099
  • 7
أرشيف
كريم يونس

كان يجب على كريم يونس، وبدلا من التعبير عن حزنه لردود الفعل القاسية التي أعقبت الكشف عن قائمة الأسماء المقترَحة للانضمام إلى هيئة الوساطة والحوار، توفيرُ ذلك الحزن لحال النخبة السياسية التي لم تعُد قادرة على إقناع الرأي العام أو كسبِ ثقة الشارع من أجل المضيِّ في أيّ مشروع سياسي حتى الآن.
هذه النخبة ظهرت أضعف من الفايسبوك، حتى لا نقول من الشارع، وبات الحَراك الذي يسيطر مزاجُه العام على كل سلوكات السياسيين متحكّما في صناعة القرار رغم أنه يرفض حتى الآن أيّ تمثيل مباشر أو غير مباشر له، ولا يقدّم أيّ اسم، ما يجعل المكاسب المحققة مهددة بالضياع أو بالالتفاف عليها تماما.
هذا التخبُّط، يجعل نور الدين بدوي يشعر بالقوة يوما بعد آخر، كما بات وزراء حكومته قاب قوسين أو أدنى من الاستمرار في مناصبهم ومكاسبهم أشهرا أخرى، رغم كل ما تعرَّضوا له من هجوم ومطاردة، وهنا كان لابد للجميع من تجاوز مسألة الأسماء لمحاسبة الأفعال والتحرّك بنيّة ترجمة المطالب في آليةٍ متفق عليها بدلا من تضييع الوقت لفائدة “رموز العصابات”.
تصوّروا أن درجة الإفلاس وصلت بنا إلى حدّ ترديد أسماء من الماضي، والتمسُّك بها بشدة، أسماء ترفض المشاركة تماما في أيّ عملية انتقالية أو سياسية على غرار ما صرح به مولود حمروش مرارا وتكرارا، أو تقبل المبدأ على مضض، وتحت الضغط مثل أحمد طالب الإبراهيمي، ورغم ذلك تُقابَل هذه الأسماء، بجهات تتمسك بها إلى حد القداسة، وأخرى تنفر منها إلى حدّ التخوين!
في تونس مثلا، عثر الشعب هناك على باجي قائد السبسي الذي اختار وبعد تقاعدٍ استمر عقدين من الزمن، المشاركة في الحفاظ على الثورة ومكاسبها فكان له ذلك، بل وأسّس حزبا فاز به في الانتخابات وانتهى به الأمر مترجِّلا عن الدنيا وهو رئيسٌ منتخَب ورجلٌ وطني يحظى بالاحترام، رغم الاختلاف معه في كثير من النقاط، فهل عجزنا عن العثور عن “سبسي جزائري” يمتلك عقلية نموذجية في التوافق، وبوسعه الجمع بين الأضداد من أجل مصلحة البلد؟!
وعلى ذكر مصلحة البلد، فإنّ أعضاء لجنة كريم يونس الذين جلسوا مع بن صالح قالوا إنهم فعلوا ذلك من أجل مصلحة البلد، ومن رفضوهم وانتقدوهم، برَّروا ذلك بمصلحة البلد، ومن جلسوا في عين البنيان من المعارضة كانوا هنالك من أجل مصلحة البلد، والتيار الديمقراطي الذي قرَّر إنشاء عقدٍ وطني جديد، يزعم أنه يفعل ذلك من أجل مصلحة البلد، لا بل إن بن صالح وبدوي يقولان إنهما مستمرّان في منصبيهما من أجل مصلحة البلد!
وفي النهاية، نخشى أنّ الكل يتحجّج بمصلحة البلد، لكن الكثير منهم يخدم في الواقع مصلحته الخاصة ولا يهمه البلد، ولا أيّ أحد!

مقالات ذات صلة