-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مديرية الأمن الخارجي تضع العلاقات مع الجزائر على كف عفريت

… ماكرون في قبضة “الباربوز”!

محمد مسلم
  • 20161
  • 0
… ماكرون في قبضة “الباربوز”!
أرشيف

لم تصمد العلاقات الجزائرية الفرنسية سوى أقل من ستة أشهر، قبل أن تعود إلى منطقة الاضطرابات مجددا، والسبب دوما الطرف الفرنسي، الذي يبدو أن مصادر القرار عنده منقسمة بين قصر الإيليزي ومراكز قوى أخرى غير دستورية، مستعدة لتدمير كل ما بناه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون.
لم يمض السفير سعيد موسي القادم من العاصمة الإسبانية مدريد، في منصبه في باريس، سوى ستة أشهر بعد أزمة عاصفة تسبب فيها الرئيس الفرنسي، في أكتوبر 2022، عندما راح يشكك في وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي لها في عام 1830، وهي القطرة التي أفاضت الكأس، الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الامتلاء بسبب تراكم الاستفزازات الفرنسية، التي طالت حتى حق الجزائريين في التنقل باتجاه التراب الفرنسي (قضية التأشيرة)، وفق ما تقتضيه الأعراف القانونية المؤطرة للعلاقات بين البلدين.
وقد كشفت قضية أميرة بوراوي عن استفزاز لا يمكن تقبله في نظر الطرف الجزائري، كونه لا يقل فداحة عن الاستفزازات السابقة، والمثير في هذه القضية أنها جاءت في ظرف تشهد العلاقات الثنائية حركية لافتة طبعها الهدوء والاستقرار، كان فيها الجانب الفرنسي، ممثلا في الرئيس إيمانويل ماكرون، الطرف الأكثر حرصا على إعادة بعثها من جديد، بدليل حرصه على زيارة الجزائر في شهر أوت الماضي، ثم تكليف الوزير الأول، إليزابيت بورن، بالانتقال رفقة نحو 15 وزيرا بعد ذلك بثلاثة أشهر، لوضع التفاهمات التي وُقّعت بين رئيسي البلدين، قيد التجسيد.
توقيت وحيثيات “مؤامرة بوراوي” يطرح أكثر من سؤال حول الجهة التي تقف خلف هذه الحادثة، التي باتت تهدد بحق مستقبل العلاقات الثنائية، فالخطوات التي أقدم عليها الرئيس ماكرون منذ الصائفة المنصرمة على هذا الصعيد، تتصادم جذريا مع فعل كهذا (تهريب رعية جزائرية مطلوبة قضائيا)، لأن تداعياتها على كل ما بناه ستكون ناسفة ومدمرة.
هذا المعطى كانت قد نبّهت إليه برقية وكالة الأنباء الجزائرية، حينما اتهمت بصفة مباشرة “المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي” بالوقوف وراء هذه الانزلاق: “لم تعد المصالح الفرنسية (البربوز) تخفي مناوراتها، بل أضحت تعلنها أمام الملأ وفي وضح النهار، وها هي اليوم على وشك بلوغ هدفها المتمثل في إحداث القطيعة في العلاقات الجزائرية-الفرنسية”.
هل يعقل أن يقوم ماكرون بالشيء ونقيضه لتدمير ما خطط وعمل له؟ كل المؤشرات تشير إلى أن “المصالح الفرنسية” لا تعمل في انسجام تام مع قصر الإيليزي، وهذا يعتبر إهانة كبيرة لمؤسسات الدولة السيادية كالرئاسة الفرنسية، التي يفترض أنها القائد الحقيقي والفعلي للربان، بل إن مثل تلك الممارسات يمكن أن تقوض جهود ماكرون.
موقف الطرف الفرنسي على الاحتجاج الجزائري، هو ذلك الذي عبر عنه المتحدث باسم “الكيدورسي” (الخارجية الفرنسية)، فرنسوا ديلماس، ردا على سؤال حول موقف باريس من قضية أميرة بوراوي: “من جانبنا، نعتزم مواصلة العمل لتعميق علاقتنا الثنائية”. كلام دبلوماسي يفتقد إلى الملموس، في وقت توجد الكرة في مرمى الرئيس الفرنسي، الذي لم يبق أمامه من خيار، سوى الخروج بموقف أكثر جدية من ذلك الذي عبرت عنه مصالح كاثرين كولونا، لأن الغضب الجزائري تجاوز الخارجية إلى رئاسة الجمهورية، التي كانت صاحبة الأمر باستدعاء سفير الجزائر بباريس.
وفي انتظار ذلك، كيف يمكن قراءة الموقف الجزائري من هذا التطور غير المنتظر؟
التوقف عند بيان وزارة الشؤون الخارجية الذي عممته الأربعاء المنصرم، يحيل إلى وجود قناعة لدى السلطات الجزائرية بأن الرئيس الفرنسي ليس هو من يقف وراء ما حدث، ولذلك لا يحمل البيان كلمات أو إشارات إلى إمكانية حدوث القطيعة، وإن تحدث عن “تضرر العلاقات الثنائية”، بل ترك الباب مفتوحا لتصحيح الخطأ.
غير أن برقية وكالة الأنباء الجزائرية ذاتها، سجلت “أنه لمن المؤسف رؤية كل ما تم بناؤه بين الرئيسين تبون وماكرون، لفتح صفحة جديدة بين البلدين، ينهار. وحدوث القطيعة لم يعد بعيدا على ما يبدو”، فهل يتجرأ ماكرون لترميم ما أفسدته “البربوز“؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!