ما تبقى من الإسلاميين؟!
الإسلاميون في الجزائر، وبعد الانتصارات التي حققها نظراؤهم في بلدان الربيع العربي، باتوا يمارسون السياسة وكأنهم يحضرون أنفسهم لإمساك مقاليد السلطة بجهد الآخرين ونضال إخوانهم في البلدان المجاورة، حتى أن خطابهم بات شبيها في الأيام الماضية بالإشهار الذي تقدمه إحدى شركات الزيوت ومضمونه… ”واحد ما يصبر على بنّة طيابي”!!
- فها هو عبد الله جاب الله يقول أنه مستعد للإقامة في قصر المرادية ابتداء من الغد لو شاءت الظروف، في حين يتحدث أبو جرة سلطاني عن وصول قريب لحركته إلى السلطة، وهو الذي لم يخرج من نعيمها بتاتا منذ مرحلة المرحوم نحناح، حتى وإن زعم أنه في الحكومة وليس في الحكم، في الوقت الذي تمنّي فيه قيادة حركة النهضة نفسها بأن تأخذ شيئا من بركة النهضة التونسية، من دون العثور على غنوشي جزائري، أما الإخوة الأعداء في حركة الإصلاح، فقد وصلت المعارك بينهم على القيادة لدرجة استعمال السيوف والخناجر والقضبان الحديدية، وكأن المنتصر في الحرب على رئاسة الحركة، سيمهد لنفسه الطريق نحو الرئاسة؟!
لا أحد من هؤلاء سأل نفسه ماذا تبقّى في الشارع الجزائري من حب وانتماء للتيار الإسلامي؟ وهل سألوا أنفسهم، إن كانوا ينتمون للتيار الإسلامي حقا، بعد ما غيروا جلدهم، و”تكستموا” وتأنقوا ودخلوا البرلمان فاقد الشرعية، ووظفوا عقولهم وألسنتهم لخدمة السلطة، وأحاطوا أنفسهم بلفيف من المنافقين وصنعوا لهم نفوذا باسم الدين؟!
في مرات كثيرة، شككنا في هوية من يصفون أنفسهم بالديمقراطيين في البلاد، وهم لا يعترفون بسلطة الصناديق، ولا شفافية الانتخابات، ويمارسون الوصاية على الشعب، بل ويستعينون بالعسكر من أجل الانقلاب عليه، وإن فقدوا المعونة الداخلية، لجأوا للخارج والتدويل، ولكن هل ذلك يمنح بالمقابل، صكا على بياض لكل من يسمي نفسه إسلاميا، فيعتقد جازما أن ترديده للكذبة أكثر من مرة، عبر وسائل الإعلام، سيدفع الناس لتصديقها؟!
حتى الفوز الذي حققه الإسلاميون في المغرب، مشكوك في ظروفه وتوقيته، طالما أن معظم هؤلاء خرجوا من عباءة القصر وجلباب الملك، وهنا لا بد من القول أن الأنظمة التسلطية تسعى لإنقاذ رقبتها من القطع بسبب الثورات، وهي في سبيل ذلك، مستعدة لتسليم السلطة حتى للشيطان أو تقاسمها معه في إطار تصالح المصالح.
أما الإسلاميون في الجزائر فقد فقدوا شعبيتهم وانهارت شرعية معظمهم عندما قبلوا بالفتات، وقد كان في إمكانهم الحصول على الكعكة كاملة، واليوم، فلا فتات لهم بعد مساهمتهم في تفتيت معظم التيار الإسلامي والعمل على انقسامه إلى حركات تصحيحية ومعارضات داخلية، تهدم ولا تبن، تبحث عن مغانم السلطة دون الصبر على مغارمها.