الجزائر
كانت محور حصة على قناة فضائية عبرية رسمية

ما خلفية الاهتمام الإسرائيلي بوكالة التعاون الدولي؟

محمد مسلم
  • 9565
  • 24
ح.م
قناة “اي 24” الاسرائيلية الرسمية التي خصصت حصة للحديث عن الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي

بعد أن كانت الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، محل اهتمام صحيفة اسبانية، يعتقد أنها مقربة من القصر الملكي في المغرب، جاء الدور هذه المرة على وسيلة إعلامية مثيرة للجدل، كونها تابعة لدولة مشهورة بعداوتها التاريخية للجزائر.

الاهتمام الخارجي هذه المرة ليس كغيره، لان مصدره دولة ليس كغيرها من الدول، عندما يتعلق الامر بالجزائر، الا وهي قناة “اي 24” الاسرائيلية الرسمية، التي خصصت حصة لهذا المولود الجديد الذي اسندت رئاسته لاحد الاكاديميين المعروفين في البلاد، وهو العقيد المتقاعد، محمد شفيق مصباح.

اما الصحيفة الاسبانية التي كانت السباقة الى تناول مسالة استحداث وكالة التعاون الدولي، فهي غير معروفة، ويمكن وصفها بانها من صحف الصف الثاني، كونها ليست من حجم “الباييس” او “الموندو”، وقد تشابه طرحها بخصوص الوكالة مع طرح القناة الاسرائلية، ما يؤشر على وجود تقارب او مصلحة ما في تناول صلاحيات الوكالة ودورها وعلاقتها بمؤسسات الدولة، مثل مؤسسة الرئاسة والجيش.

القناة الاسرائيلية ذهبت في منحى تامري من خلال تبنيها توجه يدفع الى محاولة معرفة الغرض الحقيقي من استحداث هذه الهيئة، وعلاقتها ببعض القضايا الاقليمية، وعلى راسها القضية الصحراوية، التي تعتبر ثابتا من الثوابت عند مختلف الرؤساء الذين تعاقبوا على قصر المرادية.

القناة التي تعبر عن وجهة النظر الرسمية الاسرائيلية، قالت ان الحكومة “الصهيونية” تتابع عن قرب الاوضاع في الجزائر، ومحاولة سبر توجه الاحداث على مستواها الداخلي، وكذا تعاطيها مع المعطيات الجديدة التي برزت على الساحة العربية، ولاسيما ما تعلق باعلان بعض الدول الخليجية، مثل الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين، اقامة علاقات دبلوماسية مع دولة الكيان الغاصب، نظرا لتاثير ذلك في القضية الفلسطينية.

وتعنى الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من اجل التضامن والتنمية وفق المرسوم الذي انشاها، بالمشاركة في ارساء سياسة وطنية للتعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والثقافية والتربوية والعلمية والتقنية، والسعي الى خلق فضاءات جديدة تساعد الدبلوماسية على تحقيق اهدافها.

وقد تم اسناد مسؤولية قيادة الوكالة الى شخصية علمية اكاديمية، وخبير في مجال الاستراتيجية والاستشراف، ممثلة في شخص العقيد المتقاعد شفيق مصباح، الامر الذي يكون قد ازعج بعض الاطراف الخارجية التي لها خصومة مع الجزائر، خوفا من مساهمة هذه الوكالة بلورة سياسة قد تؤثر في مسار بعض القضايا الاقليمية والدولية العالقة.

واللافت في الامر هو ان الوسيلتين الاعلاميتين اللتين تطرقتا الى وكالة التعاون الدولي، من دولتين معنيتين بقضيتين تعتبران مصيريتين بالنسبة الى الجزائر. فاسبانيا تعتبر من الدول المحورية في القضية الصحراوية للاعتبارات التاريخية المعروفة، والتي يبقى موقفها قريبا من المغرب، الطرف الرئيس في هذه القضية التي عمرت لاكثر من اربعة عقود.

اما الوسيلة الثانية فهي اسرائيلية، والجميع يدرك حجم العداوة التاريخية المستحكمة بين الجزائر وتل ابيب، اذ في الوقت الذي بدات بعض الدول العربية التي يعتقد انها كانت معادية للدولة الغاصبة، في نسج علاقات معها فوق الطاولة، تبقى الجزائر على موقفها التاريخي الصامد في رفض التطبيع، والداعم من دون شروط للقضية الفلسطينية.

ولا شك ان موقفا جزائريا كهذا، يدفع الدولة العبرية الى قراءة كل جديد يصدر عن الجزائر، املا في تفكيك شيفراته، ففلسطين حاضرة في كل المواقف والخطابات الرسمية تقريبا، باعتبارها قضية اخلاقية ومرجعية في العقيدة الدبلوماسية للجزائر، التي لا يمكن لاستحداث وكالة للتعاون الدولي، ان يغير موقفها من قضية محورية كالقضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة