الجزائر
اعتاد تأخيرها إلى الـ 3 أشهر الأخيرة التي تسبق الرئاسيات

ما هي خلفيات اختزال أويحيى لمسافة دعمه للعهدة الخامسة؟

محمد مسلم
  • 5512
  • 17
ح.م

سارع الوزير الأول والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، على غير العادة، إلى دعوة الرئيس بوتفليقة الترشح لعهدة خامسة، وهو القرار الذي فاجأ المراقبين، الذين اعتادوا أن يؤخر أويحيى قراره هذا إلى الأسابيع القليلة التي تسبق موعد الاستحقاق.
أويحيى قال إن “الظروف السياسية التي تعيشها الجزائر جعلتنا نناشد بوتفليقة الاستمرار في منصبه كرئيس”، نافيا أن يكون استمرار بوتفليقة في الحكم “احتقار لأحد”، لأن “الشعب الجزائري سعيد، وهو أيضا يتمنى استمرار بوتفليقة في الحكم”، كما قال.
ويعد هذا التصريح سابقة في تعاطي أويحيى مع ملف الرئاسيات، فالرجل وخلال الاستحقاقات السابقة، كان كلما سئل عن موقف حزبه من ترشح الرئيس بوتفليقة، يرد بأن هذه المسألة (ترشح بوتفليقة) ليس من أولويات الحزب في الوقت الراهن، غير أنه سرعان ما يلتحق بالركب، بمجرد أن يُحسم أمر مرشح السلطة، وعادة ما يكون ذلك قبل نحو شهرين أو ثلاثة من موعد الاستحقاق.
غير أن أويحيى سارع هذه المرة إلى الإعلان عن دعوته الرئيس بوتفليقة لخوض غمار سباق الرئاسيات، وذلك قبل نحو عشرة أشهر، الأمر الذي خلف جملة من التساؤلات لدى المراقبين، الذين لم يكونوا ينتظروا “خرجة” من هذا القبيل، من رجل معروف بطموحه السياسي الكبير.
وتعني دعوة أويحيى الرئيس الترشح لعهدة خامسة، إعلانه بصفة رسمية عدم خوض سباق الاستحقاق الرئاسي المقبل، إلا في حالة واحدة، وهي قرار الرئيس بوتفليقة عدم الترشح، وهو أمر يبدو مستبعدا، على الأقل في ظل ما تعيشه الساحة السياسية من مؤشرات كلها تشير إلى عكس ذلك.
ومعلوم أن أويحيى تولى كل المناصب السياسية السامية في الدولة، وكان يحلم بأن يختم مساره السياسي بتولي أعلى المسؤوليات، وقد راهن على ذلك في أكثر من مناسبة، غير أن التحديات والرهانات كانت أكبر منه، وخاصة في رئاسيات 2009 و2014، بحيث تلقى ضربات (مثلما حدث في العام 2013)، اضطر خلالها إلى لعب الدور المطلوب منه وفقط.
إذن: فما الذي دفع أويحيى هذه المرة إلى اختصار المسافة بإعلانه دعوة الرئيس بوتفليقة إلى الترشح قبل نحو عشرة أشهر عن موعد الاستحقاق؟
لم يكن قرار أويحيى الأول بين قادة أحزاب الموالاة، فقد سبقه إلى ذلك الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، وهو أمر مبرر، سواء من ناحية قرب الحزبين والشخصين من محيط الرئيس ومصادر صناعة القرار، وكذا ترتيب تموقعهما في المشهد السياسي، ومع ذلك فالقرار يعني الكثير من الناحية البراغماتية، بالنسبة لرجل عرف كيف يتكيّف على مدار سنين طويلة، مع تقلبات موازين القوى في قمة الهرم السياسي.
ويرى مراقبون أن أويحيى يكون قد وقف على حقيقة ما أشيع عن تحول مقر إقامة الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، بـ “محمية الدولة” غرب العاصمة، إلى “محج” للكثير من رجالات السياسة، وهو ما دفعه للاعتقاد بتحضير سلال لدور سياسي ما، له علاقة بالاستحقاق الرئاسي المقبل، ومن ثم جاء تفكيره في التموقع بشكل أفضل، وذلك عبر دعوة الرئيس للترشح لعهدة خامسة، لقطع الطريق على غريمه.
أما الأمر الثاني فيرجح أن له علاقة بما أشارت إليه بعض التسريبات، كانت قد تحدثت عن دور لسلال في التغييرات التي طرأت على تشكيلة المكتب السياسي، وهي التغييرات التي لا يمكن فصلها عن الرهانات المتعلقة بالرئاسيات المقبلة، لأن الأشخاص المبعدين محسوبين على الأمين العام السابق للحزب، عمار سعداني، الذي كان قد قال عن سلال بأنه “لا يصلح للسياسة”، وهي العبارة التي تزامنت وبروز اسم سلال كمرشح بديل في رئاسيات 2014، قبل أن يتم التراجع عنها في الأخير.
ومما سبق، يمكن القول إن أويحيى اختار مبدأ الأمان باختزال مسافة دعمه للعهدة الخامسة، حفاظا على مستقبله السياسي، فهو يأمل في الاستمرار مع رئيس (بوتفليقة) استأمنه كرئيس للحكومة ووزير أول، لمدة سبع سنوات، وذلك يتطلب قطع الطريق على كل ما من شأنه أن يقود إلى رسم مسار آخر غير محسوب العواقب.

مقالات ذات صلة