-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في سياق الحملة الوطنية التضامنية الرائعة

ما يجب أن يُقال…

حسن خليفة
  • 552
  • 2
ما يجب أن يُقال…

خلال أيام قليلة أمكــن تقديم الدعم والمساعدة لكثير من المؤسسات الصحية والاستشفائية، كما تمّ شراء المعدّات التي توفّر الأكسيجين للمرضى، وتركيب محطّاته في المستشفيات.
لقــد تمّ ذلك في أنحاء مختلفة من الوطن، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، بـسعي وتدبير وتنسيـق شعبي من: أفراد،وجمعيات وهيئات خيرية.

وتحقق الكثير من الخير، وما تزال المساعي قائمة منتظمة بنداءات ودعوات، وفيديوهات،وما تزال الجهود تتدعّـم، وأهل الخير يتـنادون، وإطلاق المبادرات والنداءات متواصل… حتى ولو اتخذ ذلك ـ أحيانا ـ طابعا إقليميا جهويا، لكن ذلك الصنيع الإنساني كشف عن المخبوء المضيء الرائع في القلوب الطيبة لأبناء وبنات شعبنا،وينبغي أن يُستنتج من ذلك الكثير الكثير، عند التحليل والتركيب ومحاولة الوقوف على بعض تفاصيل هذه الاندفاعة الإنسانية، وهذه “الهبّة” الإيمانية العظيمة، ومما يمكن تسجيله هنا:

1ـ الخيرية العظيمة الكامنة في الإنسان الجـزائري، مهما طرأت بعض المظاهر المزعجة بين وقت وآخر، ولها أسبابها وسياقاتها؛

2ـ الاندفاع في أعمال الخير كلها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بقضية الأرواح ؛كما هو الشأن الآن مع “أزمة الأكسجيــن” اندفـاع فريد يمكن تسميته بـ”الاندفاع الجزائري”، وهو ميراث عظيم لو أُحسـن استثماره سيصــنع الكثير من الخير، في مختلف مناحي الحياة؛

3ـ انخراط المجتمع في معظم فئاته في هذا الصنيع: الرجال، النساء، الأطفال، البسطاء من الناس،أهل اليُسر والفضل؛ كلّ بقدر استطاعته؛وليس ذلك بالأمر الهيـّن، وإلاّ كيف يمكن تغطية العشرات من المشافي بمحطات توليد الأكسجين وأثمانها غالية. إنه الانخراط شبـه الكلّي للمجتمع؛

4ـ مما يلفت النظر تصدّق النساء بحليـّهن (خواتم ذهب، ويزات، مصوغات أخرى.. وفي ذلك دلالات كبيرة، تُذكرنا بصنيع جميل سابق من حرائر الوطـن بعد الاستقلال ما يكشف عن معدن الإنسان الجزائري في عمقه)؛

5ـ يلحظ المهتم والمتابع تسابق “المحســنات” في شراء المعدّات بالمبالغ المحترمة المدفوعة فيها، بما لا يقـلّ عن شأن المحسـنين من الرجال (أكثر الله أمثالهم وأمثالهن)؛

6ـ في الجهة المقابلة لهذه الاندفاعة الإنسانية ـ الجزائرية يمكن أن نلاحظ غياب الكثير من “الشركات والمؤسسات ” الكبرى، حكومية كانت أو غيرها عن هذا المجال. على الأقل لا نجد منشورات وأخبارا عن ذلك، وهذا أمر غير مفهوم. ولا نريد ذكر أي جهة ولكن ما تمّ تداوله في الفضاء الأزرق كشف المستور… وأبان عن بعض ما يجب أخذه في الحسـبان مستقبلا.

إنّ التعاون شعيرة وفريضة عظيمة، ونحـن أحوج ما نكون إلى هذا التعاون في مثل هذه الأوقات الصعبة؛

7ـ غياب التنسيـق قد يضـرّ بهذه الجهود الطيبة المباركة، على الأقل من حيث التركيز على ما يجب أن يشتَـرى (مستوردا أو محليا) وأيضا من حيث توجيه المعدّات إلى الجهات الأكثر تضررا، والأصل في السلطة/ الدولة أن تكون ناظمــا ومنظــما بالشـكل الذي يجعل الأمور تسيـر بشكل سلس ومفيد ونافع، وقادر على تلبية الاحتياجات في مجابهة هذا الوباء الخطير؛ أما البقاء في مقاعد المتفرج المتابع فهو أمر لا يلــيق.

8 ـ الملاحظ أيضا ضعف أو فلنقل انعدام الاستثمار الحضاري ـ القيمي بالتدبير المناسب لمثل هذا الإقبال الإنساني الرائد والرائع. ألا يكشف ذلك عن “عطالة” في الحكامة، والتدبير والتسيير، ينبغي التنبيه إلى أضرارها ونتائجها الوخيمة؛ ويجب الحرص على وضع “الكفاءة المناسبة” في المكان المناسب، ذلك هو المنهج الذي من شأنه أن ينهض بالمجتمع والوطن والدولة؛

9 ـ إن من أوجب الواجبات تثمــين هذا السلوك والاهتمام بهذا المخزون القيمي والإنساني والعاطفي في الإنسان الجزائري وتوجيهــه وتقديره، وصرفه في المجالات الأكثر أولوية وحيوية؛ والحرص على مراكمته والاستفادة منه في الحاضر والمستقبل؛

10ـ المؤلم والمؤسف ما يمكن تسجيله من ملاحظات في ما يتعلق بالإعلام، فالجميع يمكن أن يلحظ ضعف الأداء الإعلامي في القنوات التي تتشابه في “العاجل” و”الهام”وتقديم الأخبار التافهة والميتة التي لاقيمة لها، بدل أن تصنع قصصا إخبارية حيـة نابضة بالقوة، معبّرة عن “الأَنفة” الجزائرية العتيدة.. بئس الإعلام إذ يحوّل الاستثنائي والرائع والمفيد إلى العادي وأقل من العادي بل والأدهـى من ذلك عدم الانخراط في الحمـلة التوعوية ـ التربوية التوجيهية لمرافقة هذا الجهد الشعبي وتسويقه وتعزيز وحفز القائمين به وعليه؛..

11 ـ يمكن لي أن أزعم أن جزءا من هذا الزخم الإيماني التدافعي الخيّر، كان لجمعية العلماء نصيب طيب فيه، ليس الآن فحسبُ، بل بالسبق التطوعي الإغاثي الذي حققـته من خلال توزيع حقائب وأجهزة التنفس بالتعاون مع اشقائنا في المهجر، فقد كان ذلك العمل الإغاثي الممتد أشهرا طويلة قاعدة متينة في العمل التضامني والخيري والإنساني، كانت له أصداؤه في المجتمع (الأطباء، العاملون في المجال الصحي، الجهات الرسمية (الولاة والمدراء التنفيذيون)، وعموم أفراد المجتمع الذين كانوا يثمّنون اشتغال الجمعية بجد وصدق. ويجب التأكيد ـ هنا ـ أن هذا يضع ثقلا أكبر ومسؤولية أضخم على كاهل الجمعية في قيادة المجتمع نحـو أفق أفضل ونماء أكبر، ووعي أبصر، واستقامة أجمل.. فهل أبناء الجمعية وبناتها في المستوى المطلوب؟

وأما اليوم المفتوح الذي أطلقته “الشروق” الإخبارية بالتنسيق مع جمعية العلماء لفائدة مرضى كورونا فسنخصص له مقالة مختصرة بحول الله، لاستخلاص ما ينبغي استخلاصه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ابونواس

    هكذا(الثورة التحريرية)المباركة..دفع ثمنها الشعب الجزائري..وأنتهت الى ثروة للبعض من المزيفين ....واليوم يتسابق الشعب بذكوره واتناثه وحتى صبيانه وصباياه..على انقاذ المرضى بشراء مادة الأكسجين التي تعاني المستشفيات النقص الكبير والفادح....دولة بترولية لم تقدر على حماية مرضاها وتوفير الأكسجين لهم....

  • خالد

    هذا مؤشر على أن هذه الروح العجيبة تستطيع أن تنقل البلد كله من حالة ميؤوس منها إلى حالة تطور كبير و على جميع الأصعدة في ظرف وجيز ( 5 او 6 سنوات) إذا أخذت طريقها الصحيح نحو ذلك..... تستطيع أن تحقق أكثر مما نتصور بقوة الإرادة و الذي تحققه هي التي تسهر على حمايته و المحافظة عليه لأنه منتوجها و عرق جبينها.