-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب حالة الشك التي تطبع مصير عمل اللجنة المختلطة

مبادرة فرنسية غير حكومية لـ”تحريك” ملف الذاكرة

محمد مسلم
  • 832
  • 1
مبادرة فرنسية غير حكومية لـ”تحريك” ملف الذاكرة
أرشيف

عادت قضية الممارسات الوحشية للاحتلال الفرنسي في الجزائر إلى الواجهة، ولاسيما فظائع التعذيب التي كانت ممنهجة إبان الثورة التحريرية، وهو الملف الذي ظل مسكوتا عنه قبل أن ينكشف جزء منه ويتحول المطلب إلى تحمل الدولة الفرنسية مسؤولية تلك الجرائم المقترفة باسمها.
وفي السياق، طالب ناشطون حقوقيون فرنسيون ومنظمات غير حكومية باعتراف باريس بـمسؤوليتها عن استخدام التعذيب خلال “حرب الجزائر” (1954-1962)، كما تسميها الأدبيات التاريخية الفرنسية، والثورة التحريرية الجزائرية وفق الأدبيات الجزائرية.
وجاء في رسالة وجهوها إلى الرئاسة الفرنسية “أن اتباع طريق فهم الدوامة القمعية التي أدت إلى استخدام التعذيب، والذي يشكل الاغتصاب أداة تأسيسية له، (…) ليس عملاً من أعمال الندم، بل هو عمل من أعمال الثقة بقيم الأمة”، وهي الرسالة التي جاءت في وقت دخل عمل اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية لبحث ملف الذاكرة حالة من الشك.
وسبق هذه الخطوة مبادرة من قصر الإيلزي، الذي قال في بيان صحفي بتاريخ 18 أكتوبر 2022: “نحن ندرك بوضوح أنه في هذه الحرب قامت “أقلية” من المقاتلين بنشر الرعب وارتكبوا التعذيب”. وقد اعتُبر ذلك “اعترافا مهما وشجاعا”، لكنه غير مكتمل، لأنه لا يحدد سلسلة من المسؤوليات، خاصة على أعلى مستوى في الدولة الفرنسية”، وفق ما جاء على لسان نيلس أندرسون، رئيس “جمعية العمل ضد الاستعمار اليوم”، التي تعتبر إحدى الموقعين على المطلب.
وأضاف “إن الأمر لا يتعلق بإدانة ولا بحكم، بل بالنظر إلى التاريخ مباشرة، من أجل التهدئة (تهدئة حرب الذاكرة)”. “هذا سيسمح لنا بالانتقال إلى الخطوة التالية: والمتمثلة في فهم كيف كان ذلك ممكنا والمضي قدما في العيش معا. وهذا مهم لأن المسألة الجزائرية حساسة في الرأي الفرنسي”.
وكما جاء في البيان، فإنه ووفق ما كان يسمى منذ فترة طويلة بـ”الأحداث” في الجزائر (كانت فرنسا تعتبر الحرب في الجزائر مجرد أحداث)، “تم تنظير التعذيب كنظام حرب وتعليمه وممارسته والتستر عليه، وتصديره من قبل الحكومات الفرنسية، الأمر الذي يحمل الدولة مسؤولية كاملة”.
وفجر محررو البيان قنبلة بتأكيدهم أن التعذيب “تم تدريسه منذ العام 1955” في المدارس العسكرية الرئيسية الفرنسية، مثل “سان سير” وأن أولئك الذين عارضوه خلال الحرب الجزائرية “تمت إدانتهم”، مستشهدين بشهادات بعض الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي الجيش الفرنسي، على غرار الناشط هنري علاق في العام 1958، في كتاب صادم تم حظره على الفور بعنوان “السؤال”، غير أن الأمر أصبح ماثلا للعيان بعد أكثر من أربعة عقود، إثر اعترف الجنرال المجرم بول أوساريس بممارسة التعذيب.
واضطرت المنظمات الحقوقية الموقعة على البيان، والتي لم يتم استقبالها من قبل الرئاسة الفرنسية، إلى نشر العديد من الشهادات لأشخاص تعرضوا للتعذيب خلال الثورة التحريرية، من بينهم أحد الضحايا الذين اعتقل في أكتوبر 1957، ورفع رسالة إلى المدعي العام في ليون: “لقد عانينا من أفظع الانتهاكات”، متحدثا عن التعذيب في حوض الاستحمام والصعق بالكهرباء على مستوى الأعضاء التناسلية.
وتأتي هذه الرسالة في الوقت الذي تعيش المفاوضات بين فريقي المؤرخين الجزائريين والفرنسيين المكلفين ببحث ملف الذاكرة حالة من الشك، فمنذ اللقاء الأخير الذي جمعهم بالعاصمة الفرنسية باريس، في 25 جانفي المنصرم، لم يتم ضبط موعد آخر، فيما لم تحقق اللقاءات السابقة ما يشير إلى وجود تقدم، باستثناء تسليم نسخ وأفلام مصورة لملفوفات من الأرشيف، مع تلميحات من رئيس اللجنة من الجانب الفرنسي، بنجامان ستورا، بأن هناك عراقيل سياسية، من قبيل موافقة الأحزاب الفرنسية على قانون يصوت عليه البرلمان الفرنسي، مقابل تسليم الأرشيف الجزائري المنهوب والمخزن في الأقبية الفرنسية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • حمودي

    الشعب الجزائري لايريد من فرنسا الا الاعتراف والاعتذار الرسمي فقط عن جرائمها ومجازرها ضد الانسانية التي اقترفت ابان الاحتلال الغاشم للجزائر والذي دام 132 سنة من الابادة الجماعية والقتل الممنهج والتطهير العرقي المقيت (( استشهاد اكثر من 25 مليون شهيد ). يا فرنسا كفاك هروبا الي الامام يا فرنسا كفاك تضليلا وتدليسا ونفاقا . يا فرنسا كفاك سخافات وهرطقات والاعيب وخداع ولف ودوران .