جواهر
الشاشة العملاقة ستنسف حلمهن نهائيا

مباراتا غينيا والسنغال أعادت الجنس اللطيف إلى المدرجات

جواهر الشروق
  • 5926
  • 0
ح.م

شهدت المباراتان الوديتان الأخيرتان، اللتان لعبهما المنتخب الجزائري أمام غينيا والسنغال، عودة قوية للجنس اللطيف، إلى مدرجات ملعب 5 جويلية، وهو الملعب الوحيد في الجزائر الذي ظل يستقبل البنات، خاصة في المباريات الدولية بالرغم من أن إدارة ملعب 5 جويلية في حلّته الجديدة، لم تخصص مكانا للجنس اللطيف أو العائلات، كما كانت تفعل منذ عقود.

ولاحظ متابعو المباراتين أن كاميرا التلفزيون الجزائري التي نقلت مشاهدها على الشاشة العملاقة، التي بثت المباراتين عبر القنوات التلفزيونية الجزائرية الرسمية على المباشر، تفادت لأول مرة التركيز على الجمهور، وحتى عندما أخطأت مرة واحدة، ونقلت صور الجمهور بعد هدف ياسين براهيمي في الدقيقة 80 التقطت وجود ثلاث شابات، علمن مباشرة بأن صورهن التقطها الملايين من المشاهدين، فحاولن إخفاء وجوههن، خاصة أن غالبية المشجعات من الطالبات الجامعيات المقيمات في الأحياء الجامعية من اللائي توجهن إلى الملعب، من دون علم أوليائهن وهو ما يهدد بإعادة النساء إلى بيوتهن، وترك المجال للرجال فقط، كما هي الحال في كل ملاعب الجزائر، خاصة أن مباراتي الخضر أمام غينيا والسنغال لم تكونا حفلا وبهجة كما تمناها الجميع، وكانتا مليئتين بالتشنج والشتيمة والتصفيرات التي تهاطلت على اللاعبين وخاصة على المدرب كريستيان غوركوف.

وتفضل الفتيات من عاشقات الكرة أن يقرن في بيوتهن، خوفا من ردّ فعل المجتمع ومن نظرة أفراده، وكذا مخاطر ظاهرة عنف الملاعب  .  .


ملاعب محرمة على الذكور فما بالك النساء..!

 وصراحة، فإن الملاعب في صورتها الحالية، تكاد تكون محرمة على الذكور فما بالك بالإناث والأطفال، اللواتي نراهن بقوة في حفلات الغناء التي تنقل على التلفزيون يرقصن لأغاني خلاص والزهوانية وخالد، ويخجلن من دخول الملعب لمشاهدة عرض كروي، بل سقط من مفكرتهن عالم الكرة نهائيا.

لكن في المقابل هناك نساء يصرخن: نريد مقاعد في ملاعب كرة القدم، رفقة الشناوة والسنافير والكواسر والجوارح، لتصبح لنا الشنويات والسنفورات والكاسرات، مما يؤكد أن كرة القدم في الجزائر ما زالت رجالية من ضربة البداية إلى صافرة النهاية. الأمر لا يتوقف عند حدود اللاعبين والجمهور، فحتى الشرطيات اللائي نجدهن في كل مكان من الطرقات إلى شواطئ البحر وقاعات الحفلات، يغبن عن ملاعب الكرة والإداريات والسكريتيرات الموجودات في جميع مجالات الحياة لا نجدهن أبدا في إدارات الكرة، ويبقى وصول المرأة الجزائرية إلى منصب رئيسة للجمهورية أقرب من رئيسة للفدرالية الجزائرية لكرة القدم.

 حب الجزائريات لكرة القدم ما عاد يختلف عن الجزائريين من الذكور، منذ ملحمة أم درمان وتحول تلك المباراة إلى هاجس سياسي واجتماعي وثقافي مع الأشقاء المصريين، وعادة ما تتحوّل تجمعات أنثوية إلى طرح مشاكل الكرة الجزائرية وحتى العالمية، ويوجد عدد من نجوم الكرة في الجزائر ممن تزوجوا من مشجّعات للكرة مثل النجم العالمي رابح ماجر الذي تعرفت عليه زوجته -كما روى بنفسه- لأنها أعجبت بأدائه في مونديال إسبانيا عام 1982 وكان حينها في الـ 24 من عمره. لكن لماذا لا تدخل الجزائريات من دون نساء العالم جميعهن إلى ملاعب الكرة مع استثناءات قليلة جدا.


أين ذهبت المقاعد النسائية في مدرجاتنا

وما لا يعلمه الجمهور الرياضي هو أن مهندسي ملعب 5 جويلية و17 جوان بقسنطينة وأول نوفمبر بتيزي وزو والثامن ماي في سطيف مثلا قاموا بتخصيص مكان يتّسع لنحو 1000 امرأة مع تخصيص مراحيض ومواقع راحة نسائية عندما تم تدشين هذه الملاعب في سبعينات القرن الماضي، ومنها ملعب 5 جويلية الذي استقبل أول مباراة في 19 جوان 1972 بحضور هواري بومدين ضمن نهائي الكأس بين حمراء عنابة واتحاد العاصمة (2 ـ 0)، وبقي مكان النساء فارغا باستثناء بعض الضيفات، كما تم تخصيص مكان للنساء عند افتتاح ملعب 17 جوان في ربيع 1975 في مباراة نصف نهائي الكأس بين مولودية قسنطينة وجمعية وهران (3 ـ 0)، وحضرت العشرات من القسنطينيات، لتختفي بعد ذلك نهائيا النساء عن ملاعبنا وأصبحت الأماكن “النسوية” رجالية 100٪، وحاولت إدارة ملعب عنابة في زمن الرئيس السابق منادي عيسى، تخصيص مكان للمناصرات في ملعب 19 ماي، ولكن من دون جدوى.


الجزائريات حاضرات في كل مكان إلا الملاعب

ويتابع الجزائريون حاليا كل مباريات العالم عبر مختلف القنوات التلفزيونية، وفي كل الدول من دون استثناء بما فيها إيران والمملكة العربية السعودية، توجد أماكن للنساء إلا في الجزائر، فهن موجودات في الجامعات وفي الحقول وفي القطارات وفي المسارح باستثناء الملاعب، وفي إفريقيا ولدى الجيران لم يعد يجلب الانتباه وجود امرأة تونسية أو مغربية أو مصرية على مدرجات الملعب، وكلما تنقلت أنديتنا إلى صحاري وأدغال إفريقيا إلا وكان الحضور مختلطا، وطبعا لسنا في حاجة إلى الحديث عن الأوربيات، تصوروا أن الفنانة الراحلة وردة الجزائرية كانت تحضر مباريات الداربي المصري ما بين الأهلي والزمالك، ولم تدخل في حياتها مباراة في الجزائر بالرغم من أنها كانت تهلل لانتصارات الخضر.

 

وواضح أن اللائي حضرن مباراتي غينيا والسنغال الأخيرتين واللائي نوين الحضور سينسين الفكرة نهائيا، لأن الخضر عائدون إلى ملعب تشاكر بالبليدة، وهو ملعب ممنوع على النساء وعلى بعض الرجال أيضا.

مقالات ذات صلة