جواهر

مباركات أم مقايضات!؟

أماني أريس
  • 5536
  • 40
ح.م

لا شيء يشغل بال الكثير من النساء في هذه الأيام سوى أمر الأفراح والمباركات.. وإن كانت هناك من تتوق نفسها لمثل هذه المناسبات، لتجتمع بمن تحب، وتقضي أوقاتا ممتعة معهم، وتذيب صقيع الجفاء الذي فرضته مشاغل الحياة، فهناك من يصيبها المغص بمجرد سماع خبر زواج أو نجاح دراسي أو أي مناسبة أخرى لدى الأقارب أو الأصدقاء. والسبب طبعا يتعلق بالمادة وثقافة المقايضة التي اكتسحت الذهنيات.

ما نتفق عليه هو أن الناس لبعضها، والإنسان في مجتمعه مفيد ومستفيد، لذلك كان التعاون، وتقديم الهدية، وحفظ المعروف، وردّ الجميل، من أعظم الفضائل التي توطّد العلاقات الإنسانية وتضمن اِستمراريتها. وما جزاء الإحسان إلا الإحسان.

لكن الملفت للنظر أن مشاركة الأقارب والأصدقاء أفراحهم، وردّ الخير قد أضحى في أيامنا هذه عبئا ثقيلا على كل مكلّف به، لأن الكثير من الناس لم يعد ينتظر الوجوه ويسعد بها؛ بقدر ما ينتظر الأيدي وما تحمله إليه. غير آبهين بالظروف الشخصية والأحوال المادية لغيرهم. وهو ما جعل من ضاقت به ذات اليد يقاطع أفراح أقرب الناس إليه!

والمتأمل في حال مناسباتنا وأفراحنا بل وحتى أتراحنا يرى أنها اِتخذت طابعا برتوكوليا وغدت كأنها سوقا للمبادلات التجارية لا فضاء تنعكس فيه القيم الإنسانية الراقية.

وبات من الضروري أن تكون للواحد ذاكرة فولاذية ليتذكر القيمة المادية التي قُدِّمت له من طرف كل واحد في أفراحه وأتراحه، ليردها لهم كاملة بلا نقصان أو زيادة. أو ربما يصل الأمر إلى الجرد الدقيق لما سيقدمه بناء على عدة حسابات يسقط فيه من تخلف عن الحضور، أو أتى بيده فارغة.

إن المناسبات والمعاملات بين الناس؛ تفقد معناها إذا ما أُفرِغت من قيمها الروحية وأُخضِعت لثقافة المقايضة، والضريبة قطعا ستكون نقصا في السعادة والبركة، وفتورا في العلاقات الإنسانية، هذا فضلا عن كونها مهددة بالزوال لأنها رهينة بالأعراف والعادات، لا بإرضاء الله، والخير الخالص النابع من ضمير حي، ونفس طيبة تروم إسعاد غيرها.

فإلى متى ستبقى المادة تستعبدنا وتسرق منا كل مرة قسطا من سعادتنا ثم نتساءل عن سبب غياب نكهة المناسبات، وزوال البركة.

مقالات ذات صلة