متى أصبح بشار ملاكا؟!
إذا صدقنا الوفد الجزائري العائد من سوريا، فإن بشار الأسد بريء من دماء السوريين، براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، وإن الرجل ليس رئيسا عاديا فقط، وإنما هو زعيم أمة، يتصدى وحده لمؤامرة حركها ضده العالم بأسره، وإن سوريا آمنة وكل ما تنقله الفضائيات كذب وافتراء!!
هذا الوفد أقحم الجزائريين جميعا كطرف في المأساة السورية. وأظهر للعالم الجزائر حكومة وشعبا تقف مع بشار الأسد، بل وألبسوه برنوسا جزائريا أصيلا، وأهدوه صورة الأمير عبد القادر، ليقفزوا بذلك على جثث عشرات الآلاف من السوريين الذين قتلهم بشار الأسد ونظامه.
من كلف هذا الوفد بالذهاب والحديث باسم الجزائر؟ ومن نصبهم ممثلين عن الجزائريين؟… وإذا كانت المعارضة السورية المشتتة لعبة في أيدي المخابرات الأجنبية، فهل هذا مبرر للوقوف مع الديكتاتور بشار الأسد، الذي واجه المظاهرات بالحديد والنار، وحولها الثورة ضده إلى ثورة مسلحة بسبب أعمال القتل الوحشية التي مارسها ضد المحتجين.
أليس نظام بشار الأسد هو الذي حوّل بلاده إلى معركة إقليمية تشارك فيها كل جنسيات العالم؟… أليس هو من دفع بعشرات الآلاف من جنود الجيش إلى الانشقاق بعد أن أعطاهم أوامر مباشرة بقتل مواطنيهم؟… أليس هو من عذب الأطفال وبطش بالنساء والعجزة؟ كيف يتحول هذا الديكتاتور إلى زعيم في نظر بعض الجزائريين؟
نعم… هناك مؤامرة كونية ضد سوريا، وهناك فيالق من الإرهابيين المنضوين تحت لواء دولة العراق والشام وجبهة النصرة وباقي الجماعات التكفيرية، لكن هؤلاء يمثلون حالة شذوذ في الثورة السورية ضد الطغيان، ولا يمكن تعميم انحرافهم على كافة السوريين، كما لا يمكن المرافعة بالتآمر الأجنبي للوقوف مع النظام السوري القاتل وتبرير جرائمه التي ارتكبها في حق السوريين.
الوقوف مع الأسد والحديث عن صموده وانتصاره، وتمجيده بالطريقة التي فعلها الوفد الجزائري الذي عاد قبل أيام، هو انحراف أخلاقي، لا يمكن السكوت عنه، ولا يمكن لهؤلاء أن يدعوا البطولة والمروءة، لأنهم ناصروا ظالما ومجدوا مجرما، وقالوا كلمة باطل أمام سلطان جائر.. ويا ليتهم فعلوا ذلك بشكل انفرادي ولم يقحموا الشعب الجزائري عبر الحديث باسمه واستخدام رموزه لتتويج بشار الأسد زعيما للأمة، ثم عادوا برسالة منه إلى الجزائريين تقول بأنه لا يقتل الأطفال… فهل يعني ذلك أن قتل باقي السوريين مباح للوقوف في وجه المؤامرات الكونية!