الرأي

متى جاءنا الخيرُ من فرنسا؟!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1334
  • 13
الشروق أونلاين

على الرّغم من السوابق الكثيرة للقنوات الفرنسية في الجزائر التي تحاول إعطاء صورة مشوّهة عن المجتمع الجزائري، إلا أنّ الكثير من الجزائريين ما زالوا يتعاملون بشيء من التلقائية والبراءة، وهو بالذات ما حدث مع وثائقي “أم 6” الذي تضمّن الكثير من الإساءات إلى المرأة الجزائرية والرجل الجزائري، وتجاهل معدّوه خصوصيات المجتمع الجزائري، مطلقين أحكاما شمولية انطلاقا من الثقافية الغربية.

وينسجم هذا الوثائقي مع الصّورة النّمطية السّائدة في الإعلام الفرنسي عن المجتمع الجزائري، والنظرة الضّيقة للحَراك الشعبي، ولا ينسجم إطلاقا مع عنوانه الكبير “الجزائر بلدُ كل الثورات” الذي يعطي انطباعا بأنّ الأمر يتعلق بعمل وثائقي ضخم مشبّع بسرديات تعطي صورة عامة عن الحراك الشعبي الذي أذهل العالم، غير أنّ الوثائقي جاء هزيلا ومختصَرا في شابة تقوم بتعليم الماكياج على اليوتيوب، وشابّ يكافح للحصول على سكن، وحالات أخرى ومواضيع لا علاقة لها بالحَراك ولا بالثّورات!

وقبل ذلك بثت قناة “فرانس 5” روبورتاجا أساء إلى الحراك الشعبي، إذ تضمّن مشاهد أظهرت الشّباب المشارك في الحراك وهم يحتسون الخمور، كما يبرز الروبورتاج موضوع الكبت الجنسي لديهم، وفتيات يتعاطين السجائر، وهي نظرة سطحية للحراك الجزائري ومحاولة لتقزيمه ووضعه في دائرة المطالبة بالحرّية الجنسية!

وفي كلتا الحالتين خرج الشباب المشاركون وتبرأوا من الصّورة التي ظهروا عليها، متهمين صحفيي القناتين بالتركيز على مقاطع بذاتها وإدراجها في سياق مغاير لسياق الأحاديث التي أجروها، وهو في الحقيقة مجرد عذر، لأن المادة الخام المسجّلة التي يتم تسجيلها لإعداد الوثائقيات والرّوبورتاجات لا يمكن أن تُدرَج كلُها ضمن العمل التلفزيوني، وإنما يتم اختيار مقاطع ضمن القصّة الصحفية المسبقة التي أعدها الصحفي.

لذلك؛ فإنّ مجرّد القبول بالحديث مع ممثلي القنوات الفرنسية هو خطأ في حدِّ ذاته، بالنّظر إلى التّجارب السّابقة وبسبب اختلاف الثّقافة والخصوصيات فضلا عن الأفكار المُسبقة لدى الفرنسيين عن المجتمع الجزائري، إذ يتم التقاط ظواهر اجتماعية ومشاهد عن العلاقات داخل الأسرة الجزائرية، ويتم عرضُها ومحاكمتها وفق الثّقافة الغربية التي لا تقدّس العلاقة الأسرية، وترى في حالة التآلف بين الرجل وزوجته تحكّما وسيطرة، وهو بالذات ما حدث في وثائقي “أم 6”.

أما التساؤل الذي يجدر طرحه فهو: لماذا يتم السماح بدخول ومنح التراخيص لهذه القنوات الإعلامية التي غالبا ما تعطي صورة مشوَّهة عن المجتمع الجزائري، وتحاول تسويق أفكارها المسبقة من خلال ما تبثه من تقارير؟

مقالات ذات صلة