-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مدريد تحضر الشعب الإسباني لقرارات سوناطراك العقابية

محاكمات متتالية لحكومة سانشيز بسبب الأزمة مع الجزائر

محمد مسلم
  • 2962
  • 0
محاكمات متتالية لحكومة سانشيز بسبب الأزمة مع الجزائر
أرشيف

رغم محاولات الحكومة الإسبانية إبعاد الأزمة مع الجزائر عن التداول الإعلامي بسبب الضغط الذي سلطته على حكومة بيدرو سانشيز، إلا أن تداعيات هذه الأزمة تبقى حاضرة وبقوة في السجال السياسي والإعلامي، كون القضية تتعلق بمسألة حيوية طالما أنها وصلت إلى “جيوب الشعب”. وإن استأنس الطرف الإسباني بتأكيدات الرئيس عبد المجيد تبون بأن الجزائر ستحترم عقود توريد الغاز نحو إسبانيا، إلا أن الرعب لا يزال يسكن عقول وجوارح المسؤولين في مدريد، بسبب قرار مراجعة أسعار الغاز التفضيلية، التي خصت بها الجزائر، مدريد كشريك استثنائي في وقت سابق.

وفي هذا السياق، بدأت مدريد في تحضير الشعب الإسباني لقرار السلطات الجزائرية الرفع من أسعار الغاز، وجاء ذلك على لسان فرانشيسكو رينيس رئيس شركة “ناتورجي”، الذي قال في حوار خص به صحيفة “لفانغوارديا” الإسبانية، الأحد، إن “العالم محكوم عليه بارتفاع أسعار الغاز في السنوات القادمة”، في محاولة لإيهام الرأي العام في بلاده بأن ارتفاع الأسعار مرده أزمة الطاقة العالمية وارتباطاتها بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وليس بالعقوبات التي قررت الجزائر فرضها على مدريد، إثر الانقلاب المفاجئ في موقفها التاريخي من القضية الصحراوية، بحرمانها من امتياز الشريك الاستثنائي الذي وفر لها “أسعارا تفضيلية” لم تكن تحلم بها.

وشركة “ناتورجي” هي صاحبة العقد الحصري المبرم مع مجمع سوناطراك في توريد الغاز الجزائري نحو إسبانيا، وقد اعترف الطرف الإسباني بأن الجزائر طلبت رسميا مراجعة الأسعار في العقود الثنائية بداية من العام المقبل وهو أمر متضمن في البنود، علما أن تلك الاتفاقيات تمتد إلى عام 2032.
وقبل اندلاع الأزمة، كانت إسبانيا تحظى بمعاملة تفضيلية، أما اليوم فأسعار الطاقة وصلت عنان السماء ورافق ذلك خسارة مدريد امتيازات الشريك الاستثنائي، وهذا يعني في أحسن الأحوال أن الأسعار التي ستعتمد في العقود الحالية، ستكون في مستوى ما هو متداول في الأسواق العالمية، وهذا من شأنه أن يضع الحكومة الإسبانية في ورطة كبيرة أمام مواطنيها، لأنهم هم من سيدفع الثمن من جيوبهم، بسبب قرار سياسي “خاطئ” اتخذته حكومة بلادهم، وفق تقديرات قسم كبير من السياسيين والإعلاميين في شبه الجزيرة الإيبيرية.

وفي محاولة للتهدئة، تحاول حكومة مدريد تطمين الشعب الإسباني بأن الخلافات مع الجزائر سوف لن تلقي بظلالها على التزود بالغاز، كما جاء على لسان وزير خارجيتها، خوسي مانويل ألبارس، وذلك بالرغم من هاجس ارتفاع الأسعار، كما جاء في وكالة “يوروبا براس”.

وأوردت الوكالة نقلا عن ألبارس قوله: “إن الجزائر تبقى الشريك القوي والموثوق والاستراتيجي” لبلاده في مجال الغاز بالرغم من الأزمة المتفاقمة بين البلدين، وجاء ذلك في إجابة وزير الخارجية على سؤال وجهه اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الإسباني، وهما “روث غوني” و”إيميليو أغويزو”، لحكومة سانشيز يستفسرونه عن الإجراءات التي تدرسها الحكومة لمواجهة قرار المدير العام لـ”سوناطراك” الرفع من أسعار الغاز الموجه نحو إسبانيا.

الحكومة الإسبانية وعلى لسان وزير خارجيتها قالت في الإجابة على السؤال: “إن توريد الغاز الجزائري يتم عبر مسوقين خواص، فيما تقع المسؤولية على الدولة في ضمان مسؤولية التوريد، ضمن الإطار المحدد في العقود الحالية”.

ويعد هذا السؤال الثاني من نوعه من أعضاء مجلس الشيوخ الإسباني الموجه لحكومة سانشيز بخصوص أسعار الغاز المستورد من الجزائر، في ظرف نحو أسبوعين، وكانت الإجابة ذاتها، ومفادها أن الأسعار تحددها الشركات الخاصة المكلفة بالتوزيع والتسويق، وذلك بالرغم من أن السؤال المطروح سياسي أكثر منه تقني.

وزير الخارجية الإسباني، حاول يائسا إقناع أعضاء مجلس الشيوخ بأن الأسعار تحددها الشركات الخاصة التي تسوق الغاز المستورد، في حين تستهدف الأسئلة البرلمانية تلمّس مسؤولية حكومة سانشيز في استفزاز الجزائر بقراراتها “الخاطئة”، ودفعها نحو فرض عقوبات على إسبانيا، تجلت من خلال قرارها مراجعة أسعار الغاز في العقود الثنائية.

وعلى الرغم من مرور نحو ثلاثة أشهر على دخول العلاقات الجزائرية الإسبانية نفقا مظلما بسبب تهور المسؤولين في مدريد، إلا أن هذه الأزمة تبقى تضغط بشكل لا يطاق على حكومة سانشيز، الذي سيمثل في الثامن من الشهر الجاري أمام البرلمان مرة أخرى لتبرير قراراته غير المستساغة سياسيا بشأن القضية الصحراوية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!