-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
4 و5 سنوات حبسا نافذا لعاشور جلول ومن معه

محاكمة ماراطونية للمتهمين بإخراج 1064 سيارة من ميناء مستغانم

ب. يعقوب
  • 3003
  • 0
محاكمة ماراطونية للمتهمين بإخراج 1064 سيارة من ميناء مستغانم
أرشيف

قضت مساء الاثنين، محكمة جنح مستغانم، بعقوبات تتفاوت بين أربع وخمس سنوات حبسا نافذا، وغرامات مالية كبيرة في حق المتهمين المتابعين في ملف خروج حاويات طحكوت من “نهائي الحاويات” بالميناء التجاري في مستغانم، في جلسة محاكمة ماراطونية دامت أكثر من 7 ساعات، لضخامة التهم المنسوبة إلى المتهمين، وطول مرافعات هيآت دفاع الموقوفين، والطرف المدني، الذي رافع لأجل تطبيق القانون وأخذ الجزاءات في حق الأطراف التي كانت سبباً رئيسا في مغادرة 1064 مركبة من نوع هيونداي لصاحبها رجل الأعمال الموقوف محي الدين طحكوت من دون تسديد مستحقات الخدمات المينائية المقدرة بـ130.950.740.05 دينار جزائري التي تخص تكاليف التخزين والحراسة وتأجير وسائل نقل وتحويل البضائع المستوردة من كوريا الجنوبية.
وحسب منطوق الأحكام الابتدائية، فقد تم إدانة الرئيس المدير العام السابق لمجمع “سير بور” عاشور جلول بعقوبة 5 سنوات حبسا نافذا، رفقة مواطنه المدير السابق لميناء مستغانم “ص.م” ومدير الاستغلال والاستثمار الأسبق “ح.ب”، وتغريم كل واحد منهم بغرامة 1 مليون دينار جزائري، فيما تم القضاء بعقوبة 4 سنوات حبسا نافذا وغرامة 800 ألف دينار جزائري في حق رئيس مصلحة الفوترة ومدير الاستغلال السابق، الذي كان أبلغ الجهات الأمنية بفصول ملف الحال، ووفر عدة مستندات عن خروج 311 حاوية محملة بمركبات طحكوت، إلا أن النيابة تابعته بجنحة التستر وعدم التبليغ عن جريمة حال وقوعها، تطبيقا للمادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية، التي تعاقب على عدم الإبلاغ عن الجرائم في الوقت الملائم.
ولم تختلف جلسة محاكمة الحال، عن نظيراتها في محاكم مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، في متابعة رموز الفساد، من خلال التشديدات الأمنية التي عرفتها محكمة مستغانم، والحضور اللافت لرجال القانون، إلى جانب الشهود، واستدعاء مسؤولين مركزيين في مجمع تسيير موانئ الجزائر للإدلاء بإفاداتهم في قضية تواطؤ مسؤولي الميناء بخروج حاويات من دون تسديد حقوق الدولة، وهو ما أفقد الخزينة العمومية أكثر من 13 مليار سنتيم، كما سجل قطاع الجمارك، حضورا بارزا في جلسة المحاكمة، حيث رافع الممثل القانوني لذات القطاع، لأجل فرض القانون، كون أن المتهمين لهم مسؤوليات مشتركة في خروج بضائع ثمينة دون المرور على الإجراءات الجمركية اللازمة، بينما يتابع صاحبها بتهم فساد في عدة قضايا، وهو ما سبب أضرارا لخزينة الدولة.
من جهة ثانية، حضر الموقوف “عاشور جلول” إلى المحكمة مصحوبا بمجموعة من المحامين، بعد ما تمت متابعته بجنحة تبديد أموال عمومية والإساءة في استخدام السلطة، حيث حاول إنكار المنسوب إليه، بأن وظيفته في مجمع “سير بور” كانت لا تسمح له بمراقبة هكذا أنشطة، أو ما كان يقوم به مسؤولون محليون، بسبب كثرة انشغالاته بترقية قطاع الموانئ وجعلها رائدة في الحوض المتوسطي، غير أن هيأة المحكمة واجهته بتصريحات مدير الميناء التجاري لمستغانم، التي أكدت مسؤولية “عاشور” بالضغط على إدارة الميناء بغرض تسهيل خروج حاويات طحكوت.
وحاول كلاهما التمسك بتصريحاته السابقة أمام الضبطية القضائية، إلا أن ممثل النيابة أربك هذين المسؤولين في مرافعة وازنة، تعرض فيها إلى مسؤولية كافة الأطراف في خروج سلع شخص محكوم عليه بالسجن النافذ في قضايا فساد منفصلة، مؤكدا أنه كان حريا بالجميع، تشديد الرقابة على بضائع هذا الأخير، بدون السماح بخروجها، و فحص ملفه المالي بتسديد شركته لمستحقات الميناء، التي تعد بالملايير.
المدعي العام التمس توقيع عقوبة 10 سنوات حبسا نافذا في حق المتهمين الخمسة، بينهم ثلاثة في حال إيقاف، مشددا على إنزال الجزاءات التي يستحقها كل متابع بتهم فساد.

طحكوت يتبرأ
وفي تفاصيل هذه القضية، فإن القاضي استمع مطولا إلى المسجون “محي الدين طحكوت” عن طريق تقنية المحادثة المرئية عن بعد، هذا الأخير نفى علمه بعملية خروج بضائعه من مرفأ حاويات ميناء مستغانم، زاعما أنه يملك شركات مختلفة في مجمعه، وأن أدوار المسؤوليات وتسيير الشؤون المالية والقانونية كانت موزعة على إطارات مجمعه، بينما كان يقوم – يواصل طحكوت – بمهام تجارية أخرى معظمها خارج الوطن.
وفي عملية استجواب القاضي لممثل مجلس إدارة مجمع تسيير موانئ الجزائر، أصرّ هذا الأخير، على تمسك المجمع بحق الطرف المدني في التعويض عن الضرر المالي الذي لحق بالخزينة العمومية، معترفا أن مجلسه كان قد حرر شكوى بحق مسؤولين في القضية، وتأسس كطرف مدني، بعد ما تم التأكد أنهم كانوا مسؤولين عن خروج حاويات طحكوت.

جهات نافذة تتغول في الميناء
مدير الاستغلال السابق الذي كان أبلغ عن قضية الفساد المالي، رد على ما سرده القاضي حول تورطه في جريمة التستر وعدم التبليغ عن جريمة حال وقوعها، بأن سلسلة من الضغوط واجهها في الميناء، وأنه كان ينتظر التوقيت الحاسم للتبليغ عن وقائع القضية، التي كانت في حقبة “تغول” جهات نافذة في الميناء ومجمع “سير بور”، ملتمسا إنصافه والكف عن متابعته بالمادة 47 من قانون الإجراءات الجزائية.
وتعود الوقائع الجزائية التي عرضتها محكمة الجنح إلى مطلع سنة 2021، حينما باشرت الضبطية القضائية في مستغانم، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، في شبهات فساد تخص خروج 1064 سيارة مجزأة من مرفأ حاويات ميناء مستغانم لصاحبها طحكوت، وأثبتت التحريات، مسؤولية كل من الرئيس المدير العام السابق لمجمع “سير بور” “عاشور جلول”، ومدير عام ميناء مستغانم، ومدير الاستغلال، وأشخاص آخرين، في جريمة الفساد، ليتم إحالة الملف على قاضي التحقيق الذي أودع ثلاثة منهم الحبس المؤقت، وقرر إخضاع اثنين لتدبير الرقابة القضائية، كما قرر القاضي نقل الملف في الأخير إلى المحكمة، بعد اقتناعه بالخبرة القضائية التي طلبها لإثبات دلائل الاتهام، علاوة على انسجام الخبرة مع المقتضيات القانونية المنظمة للخبرة المحاسبية.
وخاض الخبير، في عدة جوانب احتاجها القاضي لتعزيز الأدلة القائمة في هذا الملف، خاصة الجهات التي قامت بتحرير وثائق محاسبية تخص إدراج الديون التي بلغت 13 مليار سنتيم، على عاتق مؤسسة “طحكوت” ضمن رقم أعمال مؤسسة ميناء مستغانم. وجسدت هذه الواقعة الأخيرة، دليلاً جديداً على صدقية حملة مكافحة الفساد التي باشرتها السلطات القضائية في البلاد، ووجود الإرادة السياسية الحقيقية في استمرار القضاء على هذه الآفة.
واعتبر المبلغ عن الفساد “حمو الشيخ البوزيدي” في مستغانم، أن ما يعكس وجود إرادة سياسية حقيقية لمحاربة الفساد في الجزائر، محاكمة مسؤولين مركزيين، كانوا يتوهمون في السابق أنهم بمعزل عن المساءلة والعقاب وأن القانون لا يطبّق بحقهم، موضحا في حديث لـ”الشروق”، أن الأحكام الثقيلة الصادرة، تعكس إرادة القضاء في المضي قدما في تطهير الإدارة العمومية من الفساد ورموزه، مطالبا بضرورة مواصلة التحقيق في ميناء مستغانم وتحديد الأطراف التي كانت وراء إدراج وثيقة 13 مليار سنتيم ضمن التقرير السنوي لعام 2020.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!