الرأي

محمد البشر، ومحمد الرسول

أرشيف

نظمت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين يوم الجمعة الماضي ندوة في “نادي الترقي” الذي سماه الإمام الإبراهيمي “بيت الأمة”.
كان موضوع الندوة خاصا للحديث عن أحد علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، الذي عاش شريفا أبيا، في عهد الظلام الفرنسي، وكريما بعد استعادة الاستقلال، فلم يمكن الجاهلين من أهل السلطة أو أصحاب المال أن يستعملوه في أغراضهم الدنيئة، أو يستخدموه في مساعيهم، ولم يرضخ لا لترهيب ولا لترغيب.. إنه الشيخ علي المغربي (1915-1999).
وقد تحدث المتدخلون الذين عرفوا الشيخ علي، فشهدوا أنه جسّد – كإخوانه أعضاء الجمعية – الوطنية الحقة، والزهد الإيجابي، الذي يمنعه من الطمع مما في أيدي الناس، والاستغناء بما رزقه الله – عز وجل-.
ولد الشيخ علي في بلدة فرفار، القريبة من بسكرة، ونشأ في أسرة علم ودين، فتشبعت نفسه بهذين المبدأين، وعاش ما عاش خادما لهما، ناشرا لقيمهما ومبادئهما في أوساط شعبه.
ثم توجه إلى مدينة تونس، فالتحق بجامع الزيتونة المبارك، وبعد تخرجه فيه عاد إلى وطنه يساهم في “الحرب الحضارية” التي شنتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ضد الانحراف الديني، من بدع وخرافات، والاستدمار الفرنسي الصليبي.. فكان أحد جنود الله، ورمت به الجمعية في عدة جبهات، واستكفته في عدة ميادين، فما خاب له رأي، ولا طاش له سهم.. سلاحه عقيدة سليمة، وعلم صحيح، وعزم قوي، وحكمة سديدة… مما أزعج جنود إبليس من الأقارب والأباعد، فناله منهم ما ينال كل ذي عقيدة صحيحة، وما يصيب كل ذي وطنية صادقة من أذى مادي، وقول شيء، وقد وصفته جريدة البصائر في أحد أعدادها بـ “فاتح عنابة”. أنظر: البصائر ع 234 في 26/6/1953 ص6.
لقد تشرفت بالتعرف على الشيخ علي في سنة 1964 في ثانوية عبان رمضان، وإن لم أتتلمذ عليه، ثم تعرفت عليه أكثر منذ بداية الثمانينيات، وقد صاحبته في عدة رحلات في داخل الوطن، فوجدته في مجاله أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، داعيا إلى الخير، ساعيا فيه، محترما من إخوانه العلماء.
ومن أعماله التي تشكر له سعيه مع إخوانه لتحويل كنيسة “القديس أوغسطين” في شارع عبان رمضان بالعاصمة إلى مسجد يحمل اسم الإمام عبد الحميد ابن باديس، حيث عمل الشيخ إماما متطوعا لا يبغي جزاء ولا شكورا من أحد..
كان الشيخ علي المغربي عضوا في المكتب الإداري لجمعية العلماء في عهد رئيسها الإمام محمد البشير الإبراهيمي، وانتخب نائبا للرئيس في عهد الشيخ أحمد حماني، ثم خلفه في رئاستها لفترة قصيرة قبل أن يأتيه اليقين..
من الأمور التي يكثر أعداء الإسلام وأتباعهم في العالم الإسلامي الحديث عنها زواج رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، بتسع زوجات، وهذا في رأيهم المأفون، وعقلهم السخيف، دليل “شهوانية” رسول الله – عليه الصلاة والسلام- ودليل عدم احترام الإسلام للمرأة.. وقد قال لي أحد الإخوة في هذه الندوة أن هذا الأمر أهمّه، فسأل عنه الشيخ علي المغربي، فأجابه الشيخ إجابة ما سمعتها من أحد، ولا قرأتها عند أحد، وهي إن محمدا “الإنسان” تزوج امرأة واحدة هي خديجة بنت خويلد – رحمها الله- وكانت أكبر منه سنا، ومحمدا “الرسول”- صلى الله عليه وسلم- تزوج الأخريات، لحكم سديدة يدركها أولو العقول الرشيدة.
رحم الله شيخنا علي المغربي، وأكرمه مع المكرمين من عباده، وثبتنا على ما علمه لنا.

مقالات ذات صلة