الرأي

“مخّك يحبس”!

قادة بن عمار
  • 3842
  • 14
ح.م

يتساءل البعض أحيانا وبكثير من الحيرة والاستغراب عن سرّ أو عن جدوى تحمل الجزائريين لكمّ المصائب المتوالية والمشاكل المتكررة والكوارث المتعاقبة التي يكابدونها يوميا حتى بات التعايش في حدّ ذاته تضحية جسيمة وبطولة ما بعدها بطولة!

نقول هذا الكلام لأن مجرّد الاطلاع على جريدة واحدة وفي يوم واحد، كفيل بإخراجك من عقلك أو بالتعبير الشعبي “مخك يحبس”، وهذه بعض الأمثلة القليلة عن أخبار سريعة وتصريحات عشوائية:

فمثلا، وزير الداخلية يُحمّل مرصد الأحوال الجوية مسؤولية الفيضانات في الوقت الذي يتباهى فيه والي قسنطينة بوفاة شخصين فقط، أما والي باتنة فـ”جا يكحلها عماها” حين طالب إماما “بالتركيز على موضوع النظافة في دروسه” ساخرا من كثرة كلامه عن سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه!

– نقابة الصيادلة تتحدث عن 150 دواء مفقود، فيما تنفي وزارة الصحة الخبر، ويتهم وزير العمل مرضى السكري بتبذير دواء غير موجود أصلا!

– والي العاصمة يقول للمواطنين “إن الله ابتلاه بالمسؤولية وهو لذلك يتحملها مكرها”، دون الحديث عن كمّ الامتيازات التي يحصل عليها وعن النفوذ الذي جعل أحد أبنائه يقف أمام المحكمة بتهمة الحصول على سكن وصفقات قبل أيام!

– وزيرة البيئة التي قالت يوما إن المواطنين لا يمتلكون حسّا بيئيا راقيا عادت لتؤكد بأن خسارة جمع النفايات المرمية في نقاط عشوائية تكلّف الخزينة العمومية أزيد من 150 مليار سنتيم سنويا وهذا المبلغ يتحمله المواطن ورئيس البلدية معا!

– وزير داخلية أسبق مثل دحو ولد قابلية يقول إن عددا كبيرا من الحركى كانوا مجاهدين دون أن يفصح لماذا كتم الشهادة كل هذه السنين، في الوقت الذي يخرج فيه مجاهد كبير مثل لخضر بورقعة بتصريح أخطر متحدثا فيه عن امتلاك قائمة اسمية للحركى أما السلطة فمنشغلة بمنع فيلم عن العربي بن مهيدي عقب الإساءة لرمز كبير آخر مثل عبد الحميد بن باديس.

-حزب سياسي يدّعي أنه لائكي وهو الأرسيدي يروّج لفكرة المساواة بين الذكر والأنثى رغم علمه أن المساواة الوحيدة الموجودة في البلد هي المساواة في الحقرة والمحسوبية والتهميش!

-مجتمع يكاد ينفجر بفعل انهيار أخلاقه، في ظل وجود مليون مستهلك للمخدرات بينهم 54 بالمائة من التلاميذ والمراهقين، و700 جريمة يوميا تجعلنا في المرتبة الـ49 عالميا والسادسة عربيا ضمن مؤشرات الجريمة،، تضاف إليها 600 جريمة إلكترونية تتوزع بين التشهير والابتزاز والتحرش، و23 جناية ترتكب كل ساعة ومعظمها جرائم قتل لأسباب تافهة!

-ولن نتحدث طبعا عن وفيات الكوليرا والبوحمرون وعن عشرات الحالات من المالاريا في يوم واحد وبولاية واحدة مثل تمنراست، وعن العقارب التي تقتل المواطنين وغياب الأطباء في عدة ولايات وعن الإضرابات والاحتجاجات وحالة الغضب التي تجعل من الصدام في الشارع دمويا مثلما حصل مع متقاعدي الجيش قبل يومين وفي العديد من المناسبات، وعن الحراقة وتهريب العملة وحجم الفساد في الصفقات والمشاريع، وعن تجسس السفارات، ورداءة الفن وغياب الثقافة وتلوث الفكر والعنف في الملاعب وحوادث المرور والاكتظاظ في المدارس وسرقة الاستثمارات!

بعد كل هذا، لابد من القول لمن يمسك أعصابه ولمن لا يزال يحافظ على سلامة عقله “هنيئا لك”، وربي يجيب الخير!

مقالات ذات صلة