-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأزمة العاصفة بين الجزائر وإسبانيا تدخل عامها الثاني

مدريد الخاسر الأكبر والمخزن يجني السّراب

محمد مسلم / حورية عياري
  • 10041
  • 0
مدريد الخاسر الأكبر والمخزن يجني السّراب
أرشيف

مر عام كامل على اندلاع الأزمة بين الجزائر وإسبانيا، بسبب قرار مثير للجدل، اتخذه رئيس حكومة مدريد بيدرو سانشيز، داعم لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه نظام المخزن المغربي في سنة 2007.
القرار تسبب في قطيعة بين الجزائر ومدريد، لا تزال مستمرة إلى غاية اليوم، رغم المحاولات الكثيرة التي قام بها الوسطاء الأوروبيون وعلى رأسهم المفوض السامي للشؤون الخارجية والدفاع جوزيب بوريل، باسم الاتحاد الأوروبي الذي تربطه شراكة مع الجزائر منذ سنة 2005. فما هي التداعيات التي خلفها الغضب الجزائري من مدريد على الاقتصاد الإسباني؟ وهل من أفق لوقف نزيف المصالح الإسبانية في الجزائر؟ وماذا أضاف الموقف الإسباني لمساعي النظام المغربي الرامي إلى تكريس احتلاله للأراضي الصحراوية المحتلة؟

لا أفق للتهدئة في ظل تمسك الجزائر بشروطها السيادية
الإسبان يحصون خسائرهم واللعنة تحلّ بالمخزن
مرت سنة كاملة على اندلاع الأزمة العاصفة بين الجزائر وإسبانيا بسبب انقلاب موقف حكومة هذه الأخيرة من القضية الصحراوية، وهي اليوم تدخل عامها الثاني، في غياب أي أفق لتهدئة التوتر في ظل تمسك الطرف الجزائري بموقفه المتمثل في عودة موقف مدريد إلى المرحلة التي سبقت 18 مارس 2022.
ورغم الجهود التي يقوم بها الطرف الإسباني لتليين الموقف الجزائري من خلال الوساطات التي قامت بها أطراف بطلب من حكومة بيدرو سانشيز، وآخرهم المفوض السامي للسياسة الخارجية والدفاع في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي زار الجزائر مؤخرا، إلا أنه لا جديد يذكر على هذا الصعيد.
بل إن البوابة الأوروبية التي تعتبرها مدريد آخر منفذ نجاة بالنسبة إليها وآخر ورقة يمكن أن تضغط بها على الجزائر، يبدو أنها أغلقت بعد الفشل الذي أعقب زيارة جوزيب بوريل الأخيرة، إذ قوبل برفض صارم من قبل السلطات الجزائرية لأي عودة للعلاقات الثنائية قبل أن تصحّح مدريد موقفها الذي تسبب في ما وصلت إليه العلاقات الثنائية.
وعلى مدار السنة المنقضية من عمر الأزمة، حاول الطرف الإسباني تصحيح ما أفسده ببعض الإشارات أملا في أن يلتقطها الطرف الجزائري وتساهم في تليين موقفه، غير أن تلك الإشارات لم تجد الالتفاتة المأمولة. ومن أبرز تلك الإشارات كانت محاولة التخفيف من دعم حكومته لنظام المخزن المغربي في قضية الصحراء الغربية، من خلال عدم الإشارة مطلقا إلى مخطط الحكم الذاتي في المواقف الرسمية الإسبانية.
ويتذكر المتابعون كيف أن بيدرو سانشيز تجاهل تماما دعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به نظام المخزن المغربي، في خطابه أمام أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المنصرم، في الوقت الذي كانت الرباط تراهن على أن تتحول مدريد إلى مدافع عن ذلك المخطط في المحافل الدولية، وهو الموقف الذي أدخل الشك لدى النخب السياسية والإعلامية في مملكة المخزن، في صدق الجانب الإسباني.
الأسبان ومن وراء تقربهم من الجزائر بمحاولة تعديل مواقفهم، كانوا يستهدفون تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشركات المصدرة، منذ قرار تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون بين البلدين في جوان المنصرم، لكن دون جدوى إلى غاية اليوم، ما دفع وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إيفي”، إلى دق ناقوس الخطر، وهي تبحث تداعيات الأزمة بعد مرور سنة عليها.
الخسائر التي تكبدتها الشركات ومن ورائها الاقتصاد الإسبانيان من الأزمة مع الجزائر، كبيرة وهي ترقى إلى مستوى الخطيئة التي ارتكبها رئيس الحكومة بيدرو سانشيز بحق المصالح الجيوسياسية للجزائر، وتمثلت في انخفاض مدو في الصادرات الإسبانية إلى شريكتها السابقة وصل 93 بالمائة وفقًا لبيانات من وزارة التجارة، تقول الوكالة الرسمية، التي اعترفت لأول مرة بأن محاولة جوزيب بوريل، بصفته رئيس الدبلوماسية الأوروبية، التوسط مع الجزائر لرفع العقوبات المفروضة على هذه التبادلات التجارية، آخر خيار يمكن التفكير فيه قبل العودة إلى الموقف التاريخي من قضية الصحراء الغربية، وهذا دون نسيان خسارة الشريك المتميز في سوق الطاقة ما تسبب في تكبد أسعار محرقة للغاز بعد إصرار الطرف الجزائري على مراجعتها كل سنة بعدما كانت كل ثلاث سنوات.
الطرف الآخر في خيط هذه الأزمة، هي مملكة المخزن التي اكتفت بما جاء في بيان سوّقه القصر الملكي في الرباط، تمثل في دعم مدريد لخطة الحكم الذاتي، غير أن هذا الدعم بقي مشروطا بموافقة الشعب الصحراوي وبعيدا عن أي دعم في المحافل الدولية، مثلما كان يأمل نظام المخزن لتسويق مشروعه على المستوى الدولي.
لكن بأي ثمن كان الدعم الإسباني المشروط لمخطط الحكم الذاتي لنظام المخزن؟ لقد كان ذاك الحدث بمثابة اللعنة على الرباط، فمنذ 18 مارس 2022، لم يحصل أي تقدم، بل خُذل نظام المخزن من قبل حلفاء تقليديين له، فإسبانيا رسّمت أسوار مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، حدودا للبر الأوروبي بفرض تأشيرة على الراغبين في دخولهما، ما يعني إلحاق المدينتين بإسبانيا بصفة رسمية، كما تلقت الرباط ضربة أخرى من فرنسا التي كانت إلى وقت قريب تعتبر حليفتها التقليدية، قبل أن يدير الأوروبيون ظهورهم للمخزن بسبب فضائح الرشوة (شراء ذمم النواب الأوروبيين بالمال)، والتجسس “بيغاسوس”، في انتظار ما هو قادم.

لاستجوابه في أحداث مليلية المأساوية
وزير الداخلية الاسباني أمام البرلمان الأوروبي الأربعاء المقبل
يواصل الاتحاد الأوروبي تحقيقاته وتحرياته بشأن الأحداث المأساوية لمليلية بعد ثمانية أشهر من حدوثها، والتي تورطت فيها كل من حكومتي المخزن وسانشيزو حيث أودت بحياة مهاجرين أفارقة، إذ استدعت لجنة المهاجرين بالاتحاد الأوروبي وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا للتحقيق معه في الأحداث، وذلك في جلسة خاصة برمجت ليوم الأربعاء المقبل، ومن المتوقع أن يستمر استجواب الوزير مع أعضاء البرلمان الأوروبي أكثر من ساعة، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية .
وجهت اللجنة الأوروبية الخاصة بالمهاجرين استدعاء استعجاليّا لوزير الداخلية الإسباني للمثول أمام أعضائها للرد للاتهامات الموجهة لمدريد بشأن هذه الأحداث التي هزت الرأي العام الدولي في جوان الماضي والتي راح ضحيتها 23 مهاجرا إفريقيا على الأقل.
وأعلن وزير الداخلية الإسباني في تصريحات للصحافة في بروكسل عقده اجتماع مع اللجنة التي طلبت حضوره مرتين في وقت سابق قائلا “سأحضر اجتماعا لوزراء الداخلية الأوروبيين وبعد ذلك ستتاح لي الفرصة للقاء رئيس لجنة الهجرة الأوروبية.”
وللتقليل من حدة الاستدعاء، أوضح المسؤول الإسباني أن مشاركته في اللجنة المذكورة لن تكون استجوابا، بل تبادلًا للآراء للبحث عن سبل معالجة مآساة مليلية ، لأن هذه هي الطريقة التي التزم بها أعضاء البرلمان الأوروبي بعد أن انتهى التحقيق مع مكتب المدعي الداخلي.
وقد سبق للجنة البرلمانية الأوروبية أن وجهت استدعاء لوزير الداخلية الإسباني بعد الأحداث مباشرة طالبت فيها بمثوله لتقديم تفسيرات للمأساة في جلسة مشتركة مع ممثلي المفوضية الإسبانية لمساعدة اللاجئين والجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورفض المثول للدعوة، زاعمًا أنه في ذلك الوقت كان يتم التحقيق في الوقائع في إسبانيا من قبل مكتب المدعي العام وأمين المظالم، لذلك رأى أنه من المناسب انتظار انتهاء هذه التحقيقات..
وتزامن هذا الاستدعاء الأوروبي للمسؤول الاسباني مع إعلان أمين المظالم الإسباني عن نتائج التحقيق التي أجراها في المأساة والتي اعتبر فيها أن عمليات إعادة المهاجرين 480 الى المغرب بغير القانونية، وقال التقرير إن العمليات القصرية للمهاجرين غير الشرعيين لم تمتثل منذ البداية للقانون كما أوصى بوضع لائحة على وجه السرعة لإخضاع عمليات الإعادة للمراقبة القضائية الكاملة والامتثال للالتزامات الدولية التي وقعتها اسبانيا .

–  الكاتب الصحفي الصحراوي بابا السيد لعروسي في حوار لـ”الشروق”: 

قرار سانشيز خلق تصدعا كبيرا في النسيج الإسباني

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!