الشروق العربي

مربيات يسرقن أطفالا من أمهاتهم.. في زحمة الحياة العملية 

نسيبة علال
  • 765
  • 0

إيداع الأطفال لدى المربية خيار لا مفر منه لدى السيدات العاملات، اللواتي ليس بقربهن أهل قادرون على تحمل هذه المسؤولية، خيار صعب نوعا ما، لكنه مريح، فالأطفال يقضون النهار بأكمله مع أشخاص آخرين غير الأبوين، ويعتادون على نمط حياة مخالف وسلوكيات ربما تتباين مع تلك التي يشهدها الأطفال في بيوتهم.. هكذا يسرقهم الغرباء.

لا عجب في أن بعض المربيات يكن أحيانا كثيرة أحن وألطف على الطفل من والدته، بل قد تقدم هذه السيدة الغريبة له من التربية والمعتقدات ما لا توفق الأم البيولوجية لتقديمه، أو لا تتفرغ له بحكم انشغالها الدائم برعاية أطفال أقل سنا، أو العمل خارج المنزل بدوام يأخذ جل وقتها.

متى يحدث الانفصام.. تلاميذ بين الأم والمدرسة والمربية

في دراسة أجراها باحثون في كلية العلوم الإنسانية بالعفرون، وتم نشرها، اتضح أن الأطفال الذين يعيشون حياتهم بين منزل الأهل ومنزل المربية، والمدرسة، يعانون أكثر من غيرهم من اضطرابات نفسية وشعور بعدم الأمان والاستقرار، ويتجلى ذلك من خلال نمط سلوكهم ونتائجهم المدرسية، ومن بين هذه الاضطرابات الشائعة حالات الانفصام في الشخصية، حيث إن الطفل وفي عمر مبكر جدا يبدأ في تلقي المعلومات من عدة مصادر، يمكن أن تكون متناقضة أحيانا، أو على الأقل تتباين في طرق تبليغ الرسالة، ما يجعله مشتت الذهن منفصما في آرائه ووجهات نظره، مضطربا لا يميز بين الصحيح والخطإ، وهو المشكل الذي يعجز عن تسييره أغلب الأولياء. السيدة وهيبة.ع، محامية وسيدة مثقفة أم لثلاثة أبناء، أحضرت لهم في غضون 6 سنوات أكثر من 10 مربيات: “مع أنني أختارهن بمستوى تعليمي وبراتب مغر، لا أتفق معهن حول الأفكار والمعتقدات التي يقدمنها للأطفال، بدأت أشعر بأن أبنائي مصابون بالانفصام، أحاول تربيتهم على الفضيلة، بينما تقدم المدرسة محتويات يلزمها برنامج غريب، وتتهاون المربيات في مهمتهن التربوية التي أوكلها إليهن..” على النقيض من هذا، تماما تقول صديقتها الأستاذة داودي. س، موثقة بباب الزوار: “ليس لدي الوقت الكافي للاهتمام بابني وتعليمه في المنزل أو الحديث معه في أمور العقيدة، في المرات القليلة التي أحاول فيها فعل ذلك يهرب إلى عمته، التي تقيم معنا وتتولى رعايته مقابل راتب شهري، يقول إن أفكارنا متناقضة وهذا يشعره بالقلق والحيرة”.

هل تتولى المربية مهمة الوالدة؟

الرضع والأطفال غير المتمدرسين وغير المؤهلين للبقاء بمفردهم، ليسوا فقط المجبرين على زيارة بيوت غير بيوتهم يوميا، لتلقي الرعاية، حتى التلاميذ أبناء العاملات، أو الذين يدرسون بعيدا عن مقر سكناهم.. عليهم التوجه إلى المربية لأخذ وجبة الغداء، وللاستراحة بعد يوم كامل من الدراسة إلى غاية أن يصطحبهم أحدهم إلى منزلهم في نهاية النهار.. أصبحت هذه من تقاليد المجتمع الجزائري العصري، أين يتاح للمربية قضاء وقت أكبر مع الأبناء، مقارنة بذلك الذي يقضونه رفقة أمهاتهم. وبالتالي، فإن احتكاكهم هذا يجعلهم يتأثرون بالغرباء أكثر، تقول منى: “بحثت عن مربية منضبطة وخلوقة لابنتي، بعدما انتقلت للدراسة في المتوسطة، حيث لا يمكن أن تعود إلى المنزل في استراحة الغداء بحكم بعد المسافة. مع مرور الأسابيع لاحظت تغير سلوكها بالكامل، لم أعلمها الصلاة لكنها أبدت حبها لإقامتها وفي وقتها، بدأت تحفظ الأذكار وتبهرني بترديدها، وفي آخر مرة طلبت من أن أضع تسجيلا مفيدا في السيارة بدل تشغيل الموسيقى”.. منى تساءلت أمام ابنتها إن كانت تتعلم كل هذا من المدرسة، بحسب اعتقادها، لكن المفاجأة جاءت أن: “المربية تكافئها عن كل سلوك حسن وتربية دينية تتبعها”.. تقول إنها شعرت بالفخر وبالعجز أيضا، من كونها مقصرة ولا تلعب دور الأم الصالحة كما تفعل المرأة الغريبة.

مقالات ذات صلة