-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مركب تونيك يتجه للهاوية : شلل في الوحدات الانتاجية وتعطل في المعاملات المالية

الشروق أونلاين
  • 2706
  • 0
مركب تونيك يتجه للهاوية : شلل في الوحدات الانتاجية وتعطل في المعاملات المالية

يواجه المركب الصناعي “تونيك” في بواسماعيل مشاكل كبرى في التسيير واضطرابات في عمل الوحدات الإنتاجية، ومشاكل في التموين بالمواد الأولية، بسبب تعطل معاملاته مع البنوك والشركاء الأجانب والزبائن، نتيجة عدم انسجام القرارات الجديدة التي أصدرها الحارس القضائي المعين‮ ‬حديثا‮ ‬مع‮ ‬خصوصيات‮ ‬عمل‮ ‬الوحدات‮ ‬الإنتاجية‮ ‬للمركب‮ ‬ومع‮ ‬مواعيد‮ ‬انطلاق‮ ‬الأسبوع‮ ‬المالي‮ ‬الذي‮ ‬يبدأ‮ ‬يوم‮ ‬الأحد‮ ‬وينتهي‮ ‬يوم‮ ‬الخميس‮.‬أصدر الحارس القضائي رشيد بوراوي المعين لتسيير مجمع “تونيك” مؤقتا قرارات بتوقيف العمل يومي الخميس والجمعة وتوقيف العمل الليلي، ووجه أوامر لجميع إدارات الوحدات الإنتاجية بالمجمع من أجل تنفيذ هذه القرارات خلال 48 ساعة.
كما أصدر الحارس القضائي، الذي عين منذ ثلاثة أسابيع خلفا للحارس القضائي السابق عمار داودي الذي فشل في تسيير المركب، قرارا يقضي بإجراء التسديد المضبوط في جميع المعاملات مع الشركاء والممونين والزبائن دون استثناء، وأمر بإلغاء الإتفاق الذي توصلت إليه إدارة مجمع “تونيك” مع العمال والقاضي بتقليص عدد أيام عمل العمال إلى 15 يوما في الشهر بدلا من 30 يوما وتسريحهم في الـ 15 يوما المتبقية، أي العمل الجزئي وذلك بحضور موافقة مفتش العمل المؤهل إقليميا، بهدف تقليص كتلة الأجور المقدرة بتسع ملايير سنتيم شهريا، وذلك لفترة مؤقتة تستمر إلى غاية إنقاذ المجمع، وذلك كحل للإحتفاظ بكل العمال والحفاظ على جميع مناصب الشغل أفضل من اللجوء إلى التسريح الإضطراري لتقليص كتلة الأجور، حيث كانت إدارة المجمع قد توصلت إلى اتفاق مع العمال على أن يتم العمل بهذه الطريقة بالتناوب فيما بينهم، وهو نفسه الحل الذي لجأت إليه شرطة الطيران البريطانية “بريتيش أيروايز” مع عمالها عندما كانت مهددة بالإفلاس قبل سنوات، وقد نجحت في الحفاظ على جميع مناصب الشغل من جهة وإنقاذ الشركة التي أصبحت من أكبر شركات الطيران في العالم من جهة أخرى، وقد بذلت الإدارة جهدا كبيرا في إقناع العمال بهذا الحل لأنه حل ضروري لإنقاذ المجمع وإنقاذ كل مناصب الشغل، باستعمال جميع الطرق والوسائل القانونية والتنظيمية، دون الحاجة إلى تسريح أي عامل، غير أن الحارس القضائي ألغى هذا القرار.

الحارس‮ ‬القضائي‮ ‬يأمر‮ ‬بتقليص‮ ‬ساعات‮ ‬العمل‮ ‬في‮ ‬مركب‮ “‬تونيك‮” ‬

وقد أثارت هذه القرارات اضطرابات كبيرة في مواعيد عمل إدارات الوحدات الإنتاجية ولاسيما إدارات جلب المياه وجمع نفايات الورق التي تفرض عليها خصوصيات المجمع العمل 24 ساعة على 24 ساعة لكون هذه المواد تعتبر أولية وأساسية في إنتاج الورق، خاصة وأن الحارس القضائي أصدر‮ ‬هذه‮ ‬القرارات‮ ‬بشكل‮ ‬انفرادي‮ ‬ودون‮ ‬الإجتماع‮ ‬بمسؤولي‮ ‬الوحدات‮ ‬الإنتاجية‮ ‬أو‮ ‬التنسيق‮ ‬معهم‮.‬
“الشروق اليومي” تحصلت على القرار رقم 33 المؤرخ في 25 نوفمبر 2007 الصادر عن الحارس القضائي، والذي يحدد مواعيد العمل الجديدة، وجاء فيه “أنهي إلى علم جميع المسيرين والمدراء ومسؤولي الوحدات والهياكل الإنتاجية، أنه تقرر تحديد عدد ساعات العمل بـ 40 ساعة أسبوعيا وتحديد أيام العمل من السبت إلى غاية الأربعاء، أي إلغاء العمل يومي الخميس والجمعة”.
وقد دخل حيز التنفيذ ابتداء من يوم أمس، ورغم أن القرار يتطابق مع الإطار القانوني إلا أنه يتعارض مع نظام دفع الرواتب الخاص بمعظم عمال المجمع، حيث يتقاضى عدد كبير منهم أجورا عالية مقابل التزامهم بنظام العمل “أوبن تايم” أو “توقيت العمل المفتوح” المعمول به في كبريات الشركات العالمية، وهو نظام يعتمد على أن التزام الإدارة بدفع رواتب عالية للعمال مقابل حضورهم في كل وقت تطلبهم الشركة، وتصل رواتب العمال الذين يعملون وفق نظام “أوبن تايم” في مركب “تونيك” إلى 60 ألف و70 ألف و80 ألف دينار، غير أن قرار تحديد مواعيد العمال جعل الرواتب تبدو خيالية مقارنة بحجم ساعات العمل التي يؤديها هؤلاء، الأمر الذي يزيد من متاعب مركب “تونيك”، إذ أن الإنتاج انخفض بسبب تخفيض ساعات العمل، في وقت بقيت كتلة الأجور‮ ‬مرتفعة‮ ‬كما‮ ‬هي،‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬يقود‮ ‬المركب‮ ‬إلى‮ ‬التوقف‮ ‬الإضطراري‮ ‬عن‮ ‬النشاط‮.‬

المركب‮ ‬يتكبد‮ ‬خسائر‮ ‬كبرى‮ ‬بسبب‮ ‬قرار‮ ‬إلغاء‮ ‬العمل‮ ‬يومي‮ ‬الخميس‮ ‬والجمعة

يواجه المركب الصناعي كله مشاكل كبرى واضطرابات في سير العمل بسبب عدم انسجام هذه القرارات مع خصوصيات عمل الوحدات الإنتاجية للمركب، وأولها قرار إلغاء العمل يومي الخميس والجمعة بسبب عدم مراعاة القرار لعلاقات العمل التي تربط المجمع بشركائه وزبائنه الأجانب في الخارج، والتي تلزم العاملين في هذا الإطار بالعمل يومي الخميس والجمعة، وقد ترتب عن هذا القرار تعطيل كل تعاملات “تونيك” مع زبائنه وشركائه في الخارج، لمدة ثلاثة أيام لأن المجمع يباشر العمل يوم السبت في وقت تكون الشركات الأجنبية خارج الوطن في عطلة الأسبوع، ما يعني أن المعاملات معها سوف تصبح محددة بأربعة أيام فقط وهو ما سيتسبب في خسائر تقدر بالملايير للمجمع، كما أن إلغاء العمل يوم الخميس سيترتب عنه تعطيل معاملات المجمع مع البنك التي تفرض التقيد بأيام الأسبوع المالي الذي يبدأ يوم الأحد وينتهي يوم الخميس، بينما يعتبر السبت يوم عطلة بالنسبة لجميع البنوك في العالم، ويجد المجمع نفسه مجبرا على الإنتظار إلى غاية يوم الأحد لمباشرة المعاملات البنكية، كما ترتب عنه تعطيل أشغال نقل المياه وجمع نفايات الورق وأشغال الصيانة التي تستدعي تجنيد العمال حسب حالات التعطل باعتبارهم يتقاضون‮ ‬رواتبهم‮ ‬وفق‮ ‬نظام‮ “‬التوقيت‮ ‬المفتوح‮”.‬‮ ‬

‮”‬تونيك‮” ‬يواجه‮ ‬مشاكل‮ ‬كبرى‮ ‬واضطرابات‮ ‬في‮ ‬سير‮ ‬العمل

وفي هذا الصدد أكد بعض العمال لـ “الشروق اليومي” بأن المركب الصناعي يعيش حالة من الشلل التام بسبب عدم انسجام هذه القرارات مع خصوصيات المركب، ما جعلها قرارات مصيرية وخطيرة بالنسبة لمستقبل المجمع.
ففرقة الحماية المدنية التي جهز بها المركب يجب أن تعمل ليلا ونهارا وتكون دائما في حالة تأهب، احتياطا لوقوع أي طارئ لأن المركب ينتج الورق، ومادته الأولية كلها من نفايات الورق وأي فتيل من النار يمكن أي يتسبب في كارثة، كما أن الإدارة المكلفة بجلب المياه يجب أن تعمل 24 ساعة على 24 ساعة لتزوّد المصانع بالمياه وإلا يتوقف الإنتاج، وأعوان الأمن كذلك يعملون ليلا ونهار بالتناوب، وإدارة مجمع نفايات الورق كذلك تعمل 24 ساعة على 24 ساعة، غير أن قرار الحارس القضائي لم يراع هذه الخصوصيات، خاصة أن الأمر يتعلق بمجمع ضخم يوظف‮ ‬3500‮ ‬عامل،‮ ‬وليس‮ ‬بمؤسسة‮ ‬صغيرة‮ ‬أو‮ ‬محل‮ ‬تجاري‮.‬
وتواجه إدارة المركب مشاكل كبيرة مع الشركاء الإقتصاديين في الخارج الذين قام الحارس القضائي السابق عمار داودي بإخطارهم أن مجمع “تونيك” موجود تحت الإدارة القضائية، فكل طلب يقدمه المجمع للممونين يجب أن يسدد مسبقا والزبائن أصبحوا ينفرون من فكرة تقديم مبالغ مسبقة على طلبياتهم، في وقت أصدر الحارس القضائي قرارا آخر يتعلق بإجراء التسديد المضبوط ويفرض أن لا تتم المطالبة بأي تسديد من المتعاملين قبل استلام السلعة المطلوبة بمخازن “تونيك”، ما يؤدي إلى التوقف الكلي.
والأسوأ من ذلك أنه في إطار جمع الورق المستعمل والصحف والنفايات الورقية الأخرى التي تمثل المادة الأولية الأساسية لمركب صناعة الورق، فإن المتعاملين مع “تونيك” هم في الأساس أشخاص طبيعيون لا يمكن دفع مستحقاتهم بصك وهم لا يملكون في أغلب الأحيان صفة التجار.

الحارس‮ ‬القضائي‮ ‬يتمتع‮ ‬بكل‮ ‬الصلاحيات‮ .. ‬ومسؤولو‮ “‬تونيك‮” ‬عاجزون‮ ‬عن‮ ‬التدخل‮ ‬لإنقاذ‮ ‬الوضع

وفيما يخص نظام التزويد بالمياه لمركب صناعة الورق الذي يعمل 24 ساعة على 24 ساعة والذي يستخدم حوالي 30 شاحنة صهريج تقوم بـ 200 دورة يوميا، فإن الدفع للممونين الذين يزودون “تونيك” بالكميات المطلوبة من المياه أصبح غير ممكن بسبب قرار غياب الفاتورة في مثل هذه المعاملات،‮ ‬وهو‮ ‬الأمر‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يأخذه‮ ‬القرار‮ ‬المتعلق‮ ‬بإجراء‮ ‬التسديد‮ ‬المضبوط‮ ‬الصادر‮ ‬بتاريخ‮ ‬24‮ ‬ديسمبر‮ ‬2007‮.‬
وفي الوقت الذي تزداد هذه المشاكل التي يتخبط فيها المجمع تفاقما يوما بعد يوم، يجد الرئيس المدير العام لمجمع “تونيك” عبد الغني جرار نفسه عاجزا عن التدخل أمام الصلاحيات الممنوحة للحارس القضائي، وهو يرى ما بناه في سنوات ينهار تدريجيا أمامه بسبب قرارات صادرة من‮ ‬طرف‮ ‬أشخاص‮ ‬لا‮ ‬يعرفون‮ ‬جيدا‮ ‬طريقة‮ ‬سير‮ ‬المركب،‮ ‬وخصوصيات‮ ‬العمل‮ ‬التي‮ ‬تتميز‮ ‬بها‮ ‬الوحدات‮ ‬الإنتاجية‮ ‬لـ‮”‬تونيك‮”. ‬

ــــــــ
جميلة‮ ‬بلقاسم

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!