-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أخيرا بات بإمكانهم الاستشفاء واللّعب والدراسة في مكان واحد

مركز علاج لأطفال السّرطان

كريمة خلاص
  • 621
  • 0
مركز علاج لأطفال السّرطان
أرشيف

أخيرا تحقّق الحلم بعد ربع قرن.. أخيرا أصبح لأطفال السّرطان في الجزائر مركز علاج يأويهم ويجمعهم بعد “شتات” عبر مختلف المصالح.. أخيرا بات بإمكان الأطفال الاستشفاء واللّعب والدراسة في مكان واحد وفي جوّ ينسيهم ولو لحين السقم والألم ويحتضنهم بكل أمل..
“الشروق” زارت مركز مكافحة السّرطان للأطفال بمستشفى محمد لمين دباغين “مايو” ووقفت على فرحة الأطفال المرضى وذويهم وكذا الأطقم الطبية وشبه الطبية التي تسهر على رعايتهم، معبرين عن أملهم في أن تكتمل الفرحة بالحصول على كامل الأدوية اللازمة للعلاج في ظل التذبذب الحاصل من فترة لأخرى.

البروفيسور غاشي.. حلمنا تحقق بعد 23 عاما
وأكّدت البروفيسور، فتيحة غاشي، المختصة في طب أورام السرطان ورئيسة مصلحة طب أورام الأطفال بالمركز، في لقاء لها مع جريدة الشروق، أنّ المركز تم تدشينه في جويلية الماضي ودخل حيّز الخدمة والاستشفاء منذ أياّم بعد استكمال جميع الإجراءات والتحضيرات، وهو يندرج في إطار المجهودات التي تبذلها الدولة لتحسين التكفل بالسرطان عامة وسرطان الأطفال خاصة، إذ يعد مكسبا لأطفال الجزائر جميعا الذين التأم شملهم في مركز واحد لعلاج أورام الأطفال، واعتبرت المختصة هذا المرفق إضافة نوعية في مجال تحسين التكفل بالمرضى ضمن الاستراتيجية التي تعكف السلطات العليا في البلاد على تطبيقها في قطاع الصحة.
وعبرت غاشي، عن سعادتها لتحقيق وتجسيد حلم دام سنوات طويلة قرابة 23 عاما، أين كان الأطباء والمرضى يأملون جمع أطفال السرطان في مستشفى واحد بدل توزيعهم على مختلف المصالح الاستشفائية التي يتقاسمون فيها معاناة وآلام المرضى الكبار.
وقالت المختصة “هو حلم كبير يتحقق بدأ التفكير به في عام 2001.. نحن فرحون وسعداء جدا، لدينا فريق طبي وشبه طبي شاب ونشيط يعملون جميعا بإرادة وحب للتكفل بأولادنا”.
وقضى الأطفال الذين تم تحويلهم إلى المركز الجديد من مصلحة بيار وماري كوري وكذا مصالح استشفائية أخرى ليلة “بيضاء” وهم يلعبون ويتنططون بين مختلف الألعاب ووسائل الترفيه الموجودة في القاعة الكبيرة.
ويساهم المركز الاستشفائي لمكافحة سرطان الأطفال في تقليل الضغط عن المستشفيات الأخرى التي كانت تعاني من نقص الأسرة والتوافد الكبير للأطفال المرضى عليها.
وتقدّر الطاقة الاستيعابية للمركز بـ140 سرير، 60 سريرا للعلاج الكيميائي والباقي لجراحة الأطفال في مختلف أصناف السرطان، حسب ما أكّده للشروق المدير العام لمستشفى محمد لمين دباغين تاتي نافع.
ويعدّ المركز، حسب المدير تاتي نافع، الأوّل من نوعه على المستوى الوطني يجمع جميع التخصصات الطبية ويضم وحدة للأشعة الطبية و7 قاعات عمليات، 2 منها موجهة للاستعجالات و5 للعمليات المبرمجة، كما يضم إلى جانب ذلك وحدات طبية تتمثل في مخبر، وحدة الأشعة الطبية، وحدة للتصوير الطبي والمسح الضوئي بالموجات فوق الصوتية إلى جانب الاستعجالات الطبية والجراحية.
وأوضح تاتي أن مصلحة طب الأورام دخلت حيز الخدمة منذ أيام بعد توفير كافة الإمكانيات البشرية “أطباء وشبه طبيين” على أن تدخل مصلحة الجراحة حيز النشاط هي الأخرى قريبا، حيث يجري التحضير لاستكمال بقية الإجراءات والاستعداد.

وتضم مصلحة الجراحة التي تختص في جراحة الأطفال وجراحة الأعصاب للأطفال طاقة استيعاب تقدّر بـ80 سريرا موزعة بالمناصفة، بينهما أي بـ40 سريرا لكل تخصّص.
وإلى جانب المرافق العلاجية يتوفر المركز على قاعات تدريس وترفيه من أجل توفير جو مناسب للأطفال الذين يقضون مدة طويلة في المستشفى.
وفّر المركز الاستشفائي الجديد قسمين دراسيين للأطفال الخاضعين للاستشفاء من أجل إتمام مسارهم التعليمي ويحرص أساتذة على تقديم كل الدروس التي قد يتخلفون عنها، خاصة أن هذا المرض صعب جدا ومدة علاجه تطول، كما قالت البروفيسور غاشي، لذا تم الحرص على توفير كل العوامل ليكون الطفل في حالة نفسية جيدة وبيئة مناسبة لتحسين التكفل به تجمع بين الدراسة والترفيه”.
وقالت غاشي “علاج الطفل قد يستغرق سنتين أو أكثر يتضمن علاجا كيميائيا وجراحة ويطول، لذا ننصح الأولياء بعدم انقطاع الأطفال عن الدراسة والحرص على متابعتهم.”
وأردفت “لاحظنا أنّ هؤلاء الأطفال لهم إرادة فولاذية وقدرة على الاستمرار في الدراسة حتى أثناء العلاج الكيميائي الذي ينهكهم تجدهم لا يستسلمون ويصرون على الاستمرار والنجاح”.
وقالت غاشي “هنالك أطفال متمدرسون حصلوا على “البكالوريا” و”البيام” بمعدلات عالية جدا ناهزت 17 و18 كانوا يتعالجون وهذا أمر مشجع ومشرف لهؤلاء الأطفال الذين يجب أن نحيطهم بكل الإمكانيات والظروف لإتمام حياتهم بصحة وعافية فهم قادرون على العطاء ونحرص سنويا في نهاية الموسم الدراسي على تنظيم حفل تكريمي لهم عرفانا وتشجيعا لمجهوداتهم”.

أولياء.. نثمّن هذا المكسب ونأمل الحصول على الدواء
ثمّن العديد من الأولياء هذا المرفق الجديد الذي يشرّف الجزائر ويسعد المريض، وأثنوا على جوانب النظافة والإطعام والتهيئة العامة وتعامل الأطقم الطبية وشبه الطبية، راجين السلطات العليا استكمال هذه المجهودات الجبارة التي تبذلها لخدمة المريض بتوفير كافة الأدوية الأساسية في علاج فلذات أكبادهم، حيث قال هؤلاء للشروق “ما يهمنا الآن هو توفير الدواء.. نعاني كثيرا في الحصول عليه أحيانا نلجأ إلى محسنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأحيانا نستعين بأشخاص خارج الوطن… ”
وقالت إحدى الأمهات “هذا المرض لا يرحم ينتشر بسرعة في الجسم.. إنّه خبيث رجاء أغيثوا أبناءنا ووفروا لهم الدواء”.
وقبل أن تتم حديثها قاطعتها أمّ أخرى “نأمل النظر إلينا بعين الرأفة.. أبناؤنا يتألّمون ويتوجعون وفروا لنا الدواء وفقط”.
وقالت أخرى “نوجه نداءنا إلى وزير الصحة والمسؤولين.. الجميع يقول إن الدواء متوفر نطلب منكم الرقابة والمتابعة لتتبع مسار الدواء هنالك مافيا تتلاعب بدواء المريض ونحن نتساءل أين يذهب الدواء.”
وقال الأولياء أيضا “نحظى بمعاملة جيدة ورائعة والأطباء والممرضون يتقاسمون آلامنا ويقفون إلى جانبنا لكن ليس بوسعهم فعل شيء فرجاء أعينونا على محاربة المرض”.

براءة تستبسل في مقاومة المرض الخبيث
بأجسامهم النحيلة وبإرادتهم الفولاذية يستبسل الأطفال في مقاومة السرطان يعرفون أنه العدو القاتل وأن سنوات العمر، قد تكون معدودة لكنهم رغم كل هذا يرفعون التحدي عاليا بإيمان قوي يحاولون كتم آلامهم قدر المستطاع، لكنهم أحيانا يضعفون فيرتمون في أحضان آبائهم باكين.
خديجة تدرس في السنة الثالثة متوسط وجدناه في غرفتها بانتظار الحصول على العلاج، تقول والدتها “ابنتي تعرف كل شيء رغم أنها تحاول عدم إظهار ذلك لي.. تتحدث مع أقرباء لنا عن مرضها وكيف أنّ والديها لا يستطيعون تأمين العلاج لها خارج الوطن بعد استحالته في الجزائر”. تقول خديجة “أعالج منذ مدة وأتمنى أن أشفى وأن أصبح بيطرية وأتمتع بحياة عادية مثل باقي الأطفال” فهل يتحقق الحلم…

صريخ الرّواق يفجع الأولياء
يصدم الأطفال وأولياؤهم بسماع خبر الإصابة بالسرطان ويصدمون أكثر بخبر الوفاة المرّة التي تهزم دموع الرجال فتتسلل من غير حول لهم ولا قوّة..
“كل يوم نسمع في الرواق صريخا أم مفجوعة في فلذة كبدها تبكي فراقه نتحسر ونتألم ونحاول مواساتها ونحن موقنون بأننا في طابور ننتظر دورنا وساعة مناداتنا… نحن لا نعارض قدر الله لكن نأمل في علاج كامل لأبنائنا وبعد ذلك ليكن ما يكون”.. هكذا عبرت أم خديجة عن يوميات أولياء الأطفال المرضى الذين يصدمون بوفاة أبنائهم بين أيديهم.
قاسية جدا هي اللّحظات الأخيرة.. لحظات تودع فيها البراءة أحضان آبائها وأمهاتها إلى الأبد.. يحاول أثناءها الجميع تقديم العزاء والمواساة، لكن في الوقت ذاته يتملكهم الخوف من مصير مجهول يترصدهم…

أزيد من 800 طفل يصاب بالسرطان سنويا ونسب الشفاء مرتفعة
تسجّل الجزائر استنادا إلى معطيات رسمية قدّمتها البروفيسور غاشي قرابة 886 إصابة جديدة بالسرطان عند الطفل معتمدة في ذلك على أرقام وزارة الصحة.
ومن أكثر السرطانات انتشارا عند الطفل، تقول البروفيسور غاشي، نجد سرطانات الدم والغدد اللمفاوية وبعدها سرطانات العظام والأنسجة الرخوة وسرطانات البطن والكلى والعين.
ويعتبر المركز، حسب المختصة، مرجعية في علاج الأورام الصلبة بالأخص أورام المخ.
وتحدّثت المختصة عن أمل شفاء عال جدا في بعض أنواع السرطانات مثل سرطان الدم والسرطان اللمفاوي و”هوتشكين” وسرطان الكلى وهنالك أخرى يمكن الشفاء منها بشكل أقل وتتراوح النسب عادة بين 50 بالمئة وقد ترتفع أحيانا إلى نسب أكبر.
وقالت البروفيسور غاشي معلقة على تأثير جائحة كوفيد19 على الأطفال المرضى “لاحظنا في السنوات الثلاث الأخيرة أنّ نسبة الشفاء تراجعت بسبب جائحة كوفيد19 التي عطلت اكتشاف المرض وبالتالي ننصح الأولياء باصطحاب أطفالهم إلى الطبيب بمجرد ملاحظة أعراض معينة عليهم وعدم تضييع الوقت”.
وفي سياق ذي صلة، ركّزت المختصة على جانب تكوين الأطباء العامين وأطباء الأطفال في مجال تشخيص الأورام السرطانية في وقت مبكر سرطان الأطفال وتحيين معطياتهم العلمية.

الأطفال يحظون بالأولوية في العلاج الإشعاعي
يحظى الأطفال بأولوية بالغة في مواعيد العلاج الإشعاعي الذي يعتبر ضروريا في بعض الأمراض استنادا إلى تصريح البروفيسور غاشي التي عبرت عن تفاؤلها بانطلاق أشغال وحدتين جديدتين في كل من مستشفى رويبة ومستشفى بني مسّوس.
وقالت غاشي إنّ “آجال انتظار الأطفال في قوائم مواعيد العلاج الإشعاعي تتراوح بين 15 إلى 30 يوما كأقصى أجل، وهو انتظار مبرّر بالنظر إلى العدد الكبير للمرضى وستساهم المرافق الجديدة في تخفيف الضغط وتقليص الآجال بعد دخول وحدة الرويبة وبني مسوس حيز التنفيذ وسيسوي لنا الأمر مشاكل كثيرة”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!