الرأي

مرّضتونا..!

جمال لعلامي
  • 751
  • 2

عندما تكشف الأرقام أن 14 مليون عامل وموظف (مكرّر) “استفاد” من عطل مرضية، نتصوّر أن كل أو نصف أو على الأقلّ أغلب العمال والموظفين، “مرضى”، أو يزعمون المرض، أو أنهم كرهوا من العمل، فلجؤوا إلى التمثيل والادعاء زورا وبهتانا بأن المرض ألمّ بهم ومنعهم من المرض! إذا كان 14 مليون عامل مريض، وفي نفس الفترة، فالأمر مثير، أمّا إذا كان هؤلاء أو بعضهم، وبعضهم كثير، يدّعي المرض بهدف الغياب وتبرير التغيّب والانقطاع عن العمل، فهذا أمر خطير، يستدعي التوقف والتنفس بعمق، قبل المطالبة بتسريح هؤلاء المرضى المزيّفين!
نعم، المرض بلاء من عند الله، وهو قضاء وقدر، والمكتوب على الجبين لا تزيحه اليدان، والجميع دون استثناء من عباد الله مصاب، لكننا نعلم، مثلما تعلمون، أن الكثير من العمال والعاملات، يدعون المرض، في كثير من الحالات، من أجل تبرير غياباتهم التي تكون أحيانا بالجملة، وبالتالي “تقنين” هذه الغيابات، وتفادي العقوبات!
هناك بعض المستخدمين في الإدارات والمؤسسات العمومية والخاصة، وفي المصانع وشركات الإنتاج، وفي ورشات البناء، وعلى مستوى المناصب التي توفرها المهن الحرّة، يمرضون، بل ويمرّضون أنفسهم مرارا وتكرارا، ويصطنعون والعياذ بالله الأمراض لأنفسهم، ويستنجدون بأطباء في القطاعين العام والخاص، لاستحضار وصفات العطل المرضية!
هناك نوع آخر، من الموظفين، “قتل” كل أفراد العائلة، ثم انتقل إلى الأصول والفروع، وبعدها إلى الأهل والجيران والأصدقاء والأصهار، وهدفه للأسف من أجل تبرير غياباته، وتصوّروا كيف يمكن بعد تسجيل 14 مليون عطلة و”هبلة” مرضية، يُمكن الحديث عن الإنتاج والإنتاجية؟
تغيب 14 مليون عامل باسم العطل المرضية، معناه أن 14 مليون منصب ظل شاغرا لفترة مؤقتة، ومعناه أيضا تعطل المهام المسندة لكلّ أولئك، أو أن 14 مليونا آخر ممّن “لم يمرضوا” في نفس الوقت، عملوا عمل المتغيّبين من المرض، وهذا يعني في ما يعنيه، أن “الضحايا” ممن عملوا حقهم وحقّ غيرهم، أصبحوا جاهزين لردّ الصاع صاعين بالتغيّب ضعف ما تغيّبه زملاؤهم!
كان بالإمكان استغلال الـ1700 مليار التي “ضاعت” أو صُرفت لتعويض العطل المرضية، في أمور أكثر جدوى وأهمية، كتنقيح وتلقيح الأجور مثلا، أو تكوين المستخدمين، أو ترميم الإدارات والمعامل، أمّا وأنها تذهب هكذا هباء منثورا، فهذا ما يدفع إلى “تمريض” الباقي المتبقي من الأصحاء وسط العمال والموظفين، ولا تنتظروا الكثير يا جماعة الخير، طالما أن المرض تحوّل إلى يافطة غير أخلاقية لممارسة “الهفّ”!

مقالات ذات صلة