الرأي

مسلمو إفريقيا الوسطى بلا مغيث

حسين لقرع
  • 2682
  • 4

تؤكد الأنباء الواردة من جمهورية إفريقيا الوسطى أن أعمال الإبادة الجماعية التي بدأت منذ نحو 3 أشهر بحق مسلميها، لاتزال متواصلة إلى حدّ الساعة، وقد تحولت إلى عملية تطهير عرقي واسعة تهدف إلى إخلاء البلد من كل مسلميه (1.2 مليون مسلم).

لقد فاقت المجازر الوحشية المرتكَبة بحق مسلمي إفريقيا الوسطى في فظاعتها تلك التي تعرّض لها المسلمون “الروهينغيا” في ميانمار العام الماضي، وبلغت إلى حدّ قيام البوذيين هناك بحرق مئات المسلمين أحياءً؛ ففي إفريقيا الوسطى، لم يكتفِ المسيحيون المنضوون تحت لواء ميليشيا “أنتي بلاكا” بقتل المسلمين بالسواطير والسيوف والحجارة وحرق جثثهم، بل قام بعضهم بأكلهم أيضاً، وهناك فيديوهات على الأنترنت تقشعر لها الأبدان لمجرم متوحّش يلتهم ذراع مسلم بعد أن شواه على النار.

الكثير من البيوت والمتاجر والمساجد والمصاحف أحرقت، ومئات الآلاف من السكان أجبروا على مغادرة منازلهم باتجاه مناطق أخرى أو إلى السودان وتشاد والكاميرون.. حتى أن العاصمة بانغي أخليت تماماً من المسلمين فلم يبق سوى 900 من أصل 150 ألف مسلم.

تحدث كل هذه الجرائم ضد الانسانية تحت أنظار 1600 جندي فرنسي أرسلتهم بلادُهم إلى مستعمرتها السابقة تحت غطاء “حفظ الأمن” فيها، لكنهم لم يقوموا سوى بنزع سلاح ميليشيات “سيليكا” المسلمة، في حين غضت الطرف عن ميليشيات “أنتي بلاكا” المسيحية وتركتها ترتكب مذابح وحشية ضد المسلمين، دون أي حماية.

هذه الجريمة، تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك أن فرنسا شريكة للميليشيات المسيحية في هذه الجرائم ضد الانسانية، وأنها دخلت مستعمرتها السابقة للانتقام فقط من مسلميها الذين وصلوا إلى الحكم بانقلاب قاده محمد ضحية ليصبح أول رئيس مسلم لإفريقيا الوسطى قبل أن يستقيل في نوفمبر 2013 تحت الضغوط، وليس لحفظ الأمن وفرضه على الجميع ونزع سلاح كل الميليشيات وبناء جيش وطني موحّد مفتوح لجميع أبناء البلد بغض النظر عن العرق أو الدين.

أما الأمم المتحدة، فقد تظاهرت بأن المجازر قد هالتها وأفزعتها، ودعت إلى إيقافها ووعدت بإرسال 9 آلاف جندي لـ”حفظ السلام”، ولكن لا مؤشر إلى الآن يدلّ على بداية إرسال الجنود برغم أن المهمة مستعجلة، فهل تنتظر الهيئة الأممية إبادة كل المسلمين أو تهجيرهم من بلدهم لتُرسل جنودها؟

وحينما نعلم أن الغرب هو الذي يشكل العمود الفقري لهذه الهيئة تتضح الصورة؛ فالغربُ الذي يقيم الدنيا ولا يُقعدها إذا قُتل مسيحيٌ واحد، ولو خطأ، في مصر أو العراق أو سوريا… أو هلك مستوطنٌ بصاروخ فلسطيني، لا يتعامل بنفس الطريقة حينما يتعلق الأمر بأعمال إبادة همجية ضد المسلمين.

أما العالم الإسلامي، فقد لزم صمت الأموات “كعادته” فلا أنظمة نددت، ولا منظمات إقليمية تابعة لها تحرّكت لإغاثة هؤلاء المستضعفين.. باستثناء تشاد والسودان وتركيا. والبقية خانعة وغير مبالية، أو مشغولة بتأجيج نيران الفتن والحروب بين المسلمين، أو بإصدار لوائح لتجريم الإخوان المسلمين وفصائل المقاومة، أو لها أجنداتٌ أخرى مشبوهة.

مقالات ذات صلة