مصالح إيطاليا وألمانيا وفرنسا تتعزز في الجزائر
في الوقت الذي تتفاقم فيه أزمة العلاقات بين الجزائر وإسبانيا، تتعزز العلاقات مع كبرى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (ألمانيا وإيطاليا خاصة)، في تطور من شأنه أن يضيف المزيد من المتاعب لحكومة بيدرو سانشيز، التي تتجه نحو العزلة يوما بعد آخر.
وبعد التطورات المتسارعة على محور الجزائر روما، بعد الزيارة الأخيرة للرئيس عبد المجيد تبون، والتي عززت من فرص إيطاليا في التحول إلى موزع حصري للغاز الجزائري في أوروبا، على حساب إسبانيا، جاء الدور هذه المرة على العملاق الأوروبي الآخر، ألمانيا، التي أوفدت كاتبة الدولة بوزارة الخارجية كاتيا كول، إلى الجزائر في زيارة رسمية تمتد على مدار ثلاثة أيام.
وقبل الزيارة قالت المسؤولة الألمانية في تصريح نقلته الوزارة الألمانية إن “الجزائر لاعب رئيسي في حل القضايا الإقليمية في شمال وغرب إفريقيا. لذلك من المهم بالنسبة لي تكثيف الحوار السياسي مع المسؤولين هناك”. كما تحدثت عن توقيع اتفاقية ثقافية بين البلدين.
وأكدت الوزيرة الألمانية: “سأطرح على الحكومة الجزائرية إمكانات توسيع علاقاتنا في مجال الطاقة. أنا مقتنعة بضرورة استخدام إمكانات الطاقات المتجددة بشكل أكبر لتوسيع علاقاتنا الثنائية”، علما أن وفدا من رجال الأعمال الألمان يرافقها في هذه الزيارة، التي سيكون من بين محاورها الرئيسية “تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون في مجال الأمن الإقليمي والتبادل الثقافي”.
وتعتبر الوزيرة الألمانية والناشطة السياسية في حزب الخضر، من الداعمين لحقوق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وقد شاركت كاتيا في عام 2016، إلى جانب برلمانيين ألمان آخرين، في نداء لتنظيم استفتاء تقرير المصير لصالح الشعب الصحراوي “في أقرب الآجال، وفق ما تقتضيه القرارات الأممية”.
وحظيت المسؤولة الألمانية باستقبال من قبل وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة، بحضور الأمين العام للوزارة شكيب قايد، وحسب بيان للخارجية، فقد سُجل تقارب في وجهات النظر بين البلدين، إزاء القضايا الإقليمية والدولية، على غرار النزاع الدائر في الصحراء الغربية والوضع في كل من منطقة الساحل وليبيا.
أما فرنسا وعلى الرغم من البرود الحاصل في علاقاتها مع الجزائر، إلا أن المعاملات التجارية بين البلدين تسير بوتيرة عالية، ولاسيما بعد الأزمة المسجلة مع إسبانيا، إذ تحولت مرسيليا إلى ملاذ للمستوردين الجزائريين “الهاربين” من الموانئ الإسبانية، توازيا مع تراجع كميات الغاز المصدر من الجزائر باتجاه إسبانيا.
وفي هذا الصدد، كشفت الأرقام عن تراجع صادرات الغاز الطبيعي القادم من الجزائر إلى إسبانيا بنسبة 4.7 بالمائة خلال الشهر المنصرم، مقارنة بشهر أفريل الماضي، في حين قفزت صادرات الغاز إلى فرنسا إلى مستويات قياسية، وفقا لآخر البيانات التي كشفت عنها شركة “إيناغاز” الإسبانية، التي أوعزت هذا التراجع إلى المشاكل الحاصلة بين الجزائر ومدريد بسبب الانقلاب المفاجئ في موقف حكومة هذه الأخيرة من القضية الصحراوية.
وتقول “إيناغاز” إن تراجع صادرات الجزائر من الغاز نحو إسبانيا، وصل إلى الذروة في شهر ماي المنصرم، وقدرت المصادر ذاتها هذا التراجع بنحو نصف ما صدرته الجزائر نحو إسبانيا، في الشهر ذاته من العام المنصرم.
وأشارت تقارير إعلامية إسبانية إلى أن كميات الغاز التي سجل تراجعها خلال الأشهر القليلة الأخيرة، تم تحويلها إلى الدولة الجارة فرنسا، عبر الناقلات العملاقة، التي نشطت خلال شهر ماي المنصرم، بنسبة زيارة قدرت بنحو 79 بالمائة، لأن فرنسا لا يربطها أي خط من أنابيب الغاز بالجزائر.
وتؤكد هذه المعطيات أن الدول الأوروبية وعلى الرغم من أنها تربطها روابط الاتحاد، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالمصالح الاقتصادية، تتغلب المصلحة الوطنية على مصلحة بقية الدول الأعضاء الأخرى، بدليل اغتنام إيطاليا أزمة الجزائر مع إسبانيا لتعزيز مصالحها في الجزائر، حالها حال ألمانيا التي تبحث بدورها عن تعزيز علاقاتها الطاقوية مع الجزائر، وكذلك الشأن بالنسبة لفرنسا، فيما تبقى مدريد هي الخاسر الأكبر في كل ما يحدث بين الجزائر وجيرانها.