-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

مصر الصمود .. تنتفض

محمد عباس
  • 4273
  • 0
مصر الصمود .. تنتفض

مصر الصمود والأصالة ترفع رأسمها من جديد لتقول لا، وتطالب بسقوط الثمار المرة لأربعين سنة من التيه الحضاري والعبث المتعدد الأبعاد: عبث سياسي، يواكبه عبث اجتماعي اقتصادي بلا حدود.

  • ومهما كان مصير المواجهة الدائرة منذ 25 يناير الفارط بين طلائع الشعب المصري و”بقايا” نظام السادات – مبارك، فإنها ستكون حتما لصالح الشعب عاجلا أو آجلا.
  • قد أدخل الرئيس السادات، الذي خلف القائد القومي جمال عبد الناصر في خريف 1970، مصر الصمود والقضية في متاهة سياسية اقتصادية اجتماعية، عندما قرر استبدال مذهب أوهام السلم والرخاء بمذهب سلفه: مذهب التضامن مع القضايا العربية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومذهب التنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة الحل الحقيقي لمشاكل التشغيل والفقر والحرمان.
  • كانت مصر عبد الناصر في الستينيات من القرن الماضي أوفر حظا من الهند على صعيد المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، بل كانت تتطلع إلى امتلاك الأسلحة النووية..
  • هذه التجربة الرائدة الواعدة تحطمت على يد السادات وأجهز عليها مبارك، بسبب مقايضة قضايا التنمية والدفاع عن القضايا العربية بسراب “الرخاء المدعوم” من أمريكا وحلفائها!
  • فأين مصر يا ترى من الهند اليوم؟! وأين “الرخاء” الموعود مقابل التخلّي عن القضايا الحقيقية المصرية والعربية؟!
  • طبعا إن التخلي عن قضايا الشعب المصري، وحقه في التنمية الحقيقية -التي تكفل له الحد الأدنى من الحياة الكريمة بعرق جبينه- هذا /التخي حقق الرخاء فعلا، لكن للرئيس وحاشيته، والفئة القليلة المحظوظة المستفيدة من النظام.
  • لقد تقاسم هؤلاء ريوع “المساعدات الأمريكية” المغرضة، كما تقاسموا أشتات القطاع العام بعد تفكيكه..
  • لكن حال عامة الشعب (الغلابة) تراجعت إلى حد كبير، بعد أن بات الجوع هاجسا حقيقيا للآلاف المؤلفة من أفراد الشعب، كما عبرت عن ذلك شعارات الانتفاضة الجارية.
  • لقد دنّس نظام السادات -مباراك- شأن عامة الأنظمة العربية ما عدا استثناءات نادرة!- رسالة /السياسية، بعد أن حولوها باختصار من “خدمة عمومية” إلى “خدمة خاصة”! كانت أمريكا وحلفاؤها -وهم يشترون بالثمن البخس تخلي هذا النظام عن قضايا شعبه وأمته- ينصحونه بخوصصة الاقتصاد، وإتاحة الفرصة بذلك إلى القطاع الخاص ليساهم في عملية التنمية الشاملة بماله وحركيته، لكن بادر -عملا /بهدة النصحية- إلى خوصصة “السياسة” ذاتها!!
  • فلا غرابة إذن أن تصطدم انتفاضة 25 يناير بالمصالح الخاصة المتراكمة جراء تخصيص “السياسة”، وما تدره من ثروات طائلة -سريعة و/حارمة- على الرئيس وعائلته وحاشيته، والفئة المحدودة المستفيدة من عهدة.
  • هذه المصالح هي التي بدأت “الهجوم المضاد” على انتفاضة الشعب ابتداء من الأربعاء الماضي.
  • ويكشف تعامل الرئيس /مباراك وحاشيته مع هذه الانتفاضة، مدى احتقار بعض القادة العرب لشعوبهم واستخفافهم بمطالبها، واعتبار حركة جماهيرية، عامة بحجم تحرك الشارع المصري، مجرد فورة غضب عابرة، يمكن الالتفاف عليها واحتواؤها بالأساليب الأمنية البالية!
  • وقد أصبح هذا الاحتقار السافر للشعوب والاستهتار بإرادتها مثال ازدراء من أسياد مبارك أنفسهم، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة التي سارعت بتبني مطالب الشعب المصري، والترديد معه لشعار “ارحل فورا”!
  • والملاحظ أن واشنطن -وحلفاؤها- نفضت أيديها من “الرئيس” منذ أكثر من عقدين من الزمن، بعد أن أصبح عالة عليها يأخذ أكثر مما يمكن أن يعطي؛ وبعد أن انتهى دوره عمليا في تقديم المزيد من التنازلات، عن القضايا العربية عموما والقضية الفلسطينية على نحو خاص..
  • فلا عجب أن تسارع بالتعبير عن ارتياحها لمطالبة الشعب المصري برحيله، لأنّها بدورها تحملته كفاية!
  • وكان المفروض أن يفهم “الرئيس” بأن دوره قد انتهى من زمان، وأن يكون عاقلا فيتعظ بغيره ويرحل بسرعة، مثلما فعل قبله الرئيس التونسي بن علي.
  • لكن يبدو أن خليفة السادات بطيء الفهم، لذا نراه مصمما على التأكيد من جديد، بأنه لم يعد لديه ما /يقدم للشعب المصري غير القمع الدموي، بعد ثلاثة عقود أليمة من القمع المعيشي على الصعيدين المادي والمعنوي.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!