مصطلح “داعش” يعشش في أحاديث ونقاشات الجزائريين
أخذ مصطلح “داعش” والعديد من العبارات الغريبة حيزا واسعا من التداول بين أفراد المجتمع الجزائري، ورغم أن هذا التنظيم (الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام) مقرون بعمليات الإرهاب وذبح الأبرياء وقتل الأسرى، إلا أن مثل هذا المصطلح بات متداولا دون حرج بين الجزائريين بشكل يدعو إلى طرح الكثير من التساؤلات.
ورغم أن العبارة تبدو غريبة ودخيلة في الوقت نفسه، إلا أنها تجمع بين ثنائية التخويف والتنكيت بناء على طريقة تعاطيه وتداوله في الأوساط الشعبية، وهو ما جعله يفقد محتواه، خلافا لما كان يحدث في العشرية السوداء، بدليل أن الجزائريين يتفادون ترديد عبارات حساسة في المجالس العامة وفي مقدمة ذلك كلمة “الإرهاب”، وبدرجة أقل القاعدة.
وتقول لامية زبير (طالبة جامعية): “نتألم كثيرا حين نرى أو نسمع مظاهر العنف والدمار في بلدان شقيقة أو صديقة، لأننا عشنا فترة صعبة للغاية”، مؤكدة أنها لا تعرف ماذا يقصد من كلمة داعش، هل هي لقبيلة ما أو بلد معين، ولكن من المؤسف حسب قولها أن أطفالنا يتلاعبون بهذه الكلمات دون مبالاة. أما الشاب عبد العزيز، خريج حديث من الجامعة فيرى أن معرفة رأي المجتمع إزاء هذه الظاهرة يحتاج إلى دراسة أو استبيان، ولكن من المؤكد حسب محدثنا هو أن المجتمع الجزائري ينبذها، لأنه تذوق المر من ذات الكأس، وآخرها بعد إعدام الرهينة الفرنسي في جبال تيزي وزو مع تبني داعش لهذه العملية . واعتبر عبد العزيز أن هذا التنظيم صناعة غربية، مؤكدا على تداول هذه العبارة في عدة مواضع قائلا: “حين لا أحلق اللحية مثلا يناديني أصدقائي على سبيل المزاح واش داعش، ربما لسهولة الاسم وغرابة الأفعال” واصفا ذلك بالخطير خاصة على المراهقين والقصر.
وإذا كانت اللغة في نظر الباحث في علم النفس الإجرامي إبراهيم بوزيد هي الوعاء الذي يحمل الفكر وأداة التعبير، فقد تتحول حسبه إلى عدوان رمزي، وهذا بناء على تداول بعض المصطلحات الرهيبة التي تحمل معاني الإرهاب والجرم والإبادة، كمصطلح داعش الذي يعكس حسب قوله أخطر تنظيم إرهابي، مؤكدا أن استخدام مثل هذا المصطلح دليل على تراجع الضبط الاجتماعي، والابتعاد عن القيم التي حلت محلها الاهتمامات الأساسية لكل فرد وجماعة (الفوضى، التصلب، المغامرة، الاندفاعية، الحماسة، رفض السلطة…)
أما الدكتور إبراهيم صحراوي، أستاذ بجامعة الجزائر، فيرى أن داعش أصبحت حقيقة حياتية واقعية شئنا ذلك أم أبينا، معتبرا أن الجانب الهزلي الذي ترد به في كلام الناس هو استعمالها على سبيل التخويف والتهويل في التعليق على أمر ما كل حسب فهمه، مضيفا أن عبارة داعش دخلت قاموس الجزائريين في أحاديثهم اليومية وتعاليقهم على مواقع التواصل الاجتماعي في معظم الأمور الدينية والحياتية الأخرى، ما جعل الكثير يستعملها دون حرج وبمختلف سياقاتها الحقيقية والمجازية.