الرأي

معايير الجودة في صحافة جمعية العلماء

حسن خليفة
  • 224
  • 0
ح.م

بقدر تعمّق القارئ، فضلا عن الدارس والباحث، في تراث جمعية العلماء المسلمين وأساليب عملها في الدعوة والإصلاح والإرشاد والاستنهاض الحضاري والثقافي، لكل فئات المجتمع ومختلف طبقاته، وفي جميع الميادين، يتبيّن ذلك الأفق القيادي الراشد الذي كان يحكم سير كل عمل من أعمال الجمعية، والأهداف المرسومة بدقة كبيرة، لكل حقل وكل ميدان: في التربية والتعليم وقد حققت الريادة وخرّجت عشرات الألوف من المتعلمين والمعلّمين والمثقفين والدعاة والعلماء الصالحين، في الثقافة والفكر والأدب وقد يسّر الله على يديها  إعداد قوافل من الأدباء والكتاب وأهل الفكر… وهكذا في كل ميدان، على الرغم من الظروف القاسية التي كانت تعمل فيها الجمعية، تحت “منظار مكبّر” متابعة، وعرقلة، وطمسا، ومحوا، ومحاربة.

لكن دعنا نلقي نظرة عاجلة على مجال الصحافة (والإعلام بلغة اليوم) ونبحث عن الرؤية التي كان تحكم مسار العمل الصحفي في الجمعية، ونبحث عن الأسس التي بُنيَت عليها تلك الرؤية ونتساءل ما إذا كانت هناك ضوابط ومعايير ومقاييس تضبط حركة العمل والسير في ميدان الكتابة والصحافة؟.

والجواب يكمنُ في النّص التالي الذي ضُبطت فيه مقاييس العمل، في نداء وُجه إلى كتّاب “البصائر” وقتئذ، ولعل تحليلنا لهذا النصّ يوصلنا إلى استنتاجات مهمّة أخصّها الاستنتاج أن منظومة الصحافة في الجمعية، والتي كانت حقلا رئيسا وأداة  عمل محوري في الإصلاح والدعوة والتوجيه.. كانت منظومة قيمية متكاملة يتمثل فيها ما يلي:

ولو واصلنا التحليل لوجدنا كل ما يريد الباحث التحقق منه فيما يتعلق بشأن الاحتراف والمهنية والموضوعية والالتزام والقيّم، كما نقول اليوم عن الصحافة الموضوعية المسؤولة عموما، والصحافة الرسالية الراشدة خصوصا.

ولعل السطور التالية تجلو لنا كل ما نريد أن نعرفه عن معايير الكتابة وضوابطها في صحيفة البصائر، وهي أنموذج راق لصحافة الجمعية المفيدة النافعة.

جاء في النص المكتوب والذي حمل عنوان “إلى الكُتَّاب” (أي كتّاب البصائر”):

“إنكم أيها الكتّاب ـأبناء جمعية العلماءـ بكم تفخرُ وتعتزُ، وإنكم حراس الضاد في هذا الوطن، عليكم تقوم أركانه وبكم يعلو شأنه، وأنتم حماة الإسلام: سلاحكم أقلامُكم وذخيرتكم أفكارُكم وعقولكم، وأنتم جند جريدة البصائر تبيِّضون صحائفها بمدادكم وتشرّفون سمعتها بسدادكم وهي تتقدم لكم بهذه الملاحظات:

10- تحرّوا الحقيقة فيما تكتبون، وإذا كتبتم في وقائع الأعيان فاعتمدوا على المعاينة؛ (طلب الدليل في الواقعة أو الحادثة والمعاينة للتحقّق والصدقية).

مقالات ذات صلة