-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معركة في مقبرة – الحلقة 13

عمار يزلي
  • 1461
  • 0
معركة في مقبرة – الحلقة 13
ح. م

هذا اليوم ليس ككل الأيام: كان عليّ أن أخرج أيضا، لكن لجنازة عند الظهر.. الصلاة على الميت وهو جار لنا، في تمام الظهر بالمقبرة.. وأنا صائم. ولما تقول شعبان صائم في رمضان، معناه أنه يختلط فيه شعبان مع رمضان.. من قال لهذا الرجل يموت ظهرا؟ ألم يكن بإمكانه أن ينتظر قليلا إلى ما بعد المغرب ويموت إذا أراد أن يموت؟ ما بهم الجزائريون هكذا؟ لما يموت، يحب أن يأخذ معه 40 واحدا من الأحياء!

أقول لكم الصح: صليت معهم في الظل ولكني لم أذهب بجوار القبر حتى اقتربوا من الانتهاء. وما إن انتهوا حتى جاء وفد من النسور والعقبان والكواسر التي تشتم رائحة الجنائز عن بعد، وبدؤوايرطلونفي القرآن الكريم. أنا حفظت بعض السور وأعرف أنهم كانوا يقولون أي شيء! واحد منهم أدخل عدة آيات في سورة واحدة: آية من البقرة وأخرى من يوسف أو لست أدري من أين.. وأخرى من السور القصيرة! اللعنة! إنهم يكسرون ويحرفون القرآن الكريم من أجل المال: سمعت أحدهم يقرأ على قبر مجاور أمام 3 نساء جئن لزيارة قبر طري ويدخل آيات من سورة لقمان على سورة يوسف، قلت له وقد تركت الجنازة: أنت إذا ربي ما علقكش من هذا الشفار العوجين وهذا الرزة الموسخة.. أنا مانيش شعبان ولا راني صايم في رمضان! هكذا تقرأ القرآن يا وجه النحس وأمام الموتى؟.. (نهض هاربا لما اجتمع الناس من حوله عندما سمعوني أجادله، وترك شاشه الأصفر مرميا من خلفه). بعدها استداروا لي يشكرونني على حسن التصرف من هؤلاء القشاعم!. عندها فكرت: ما دام أني جئت إلى غاية المقبرة وأنا صائم وأحفظ شيئا من القرآن، لماذا لا أشتغل قارئ قرآن على القبور والناس اليوم جاؤوا لزيارة المقابر؟!

ابتعدت قليلا عن الجنازة والناس الذين يعرفونني، ولبست شاش الطالب القارئ الملعون الذي تركها وهرب، ورحت أدخل على كل عائلة واقفة على القبر أقرأ ما تيسر منيس” (التي أحفظها عن ظهر قلب). في ظرف ساعة، ملأت جيوبي الداخلية والخارجية بأكثر من مليون سنتيم. ما هيتي الشهرية تقريبا! (بيني وبينكم، لولا ما حدث فيما بعد، لكنت قد تعودت وصرت نسرا محترفا!).

آخر قبر زرته لأقرأ أمام ذويه الحاضرين، كان لعسكري، ومن كانوا حول القبر كانوا كلهم عسكريين.. قردت على رجلي، ثم قنبعت، ورحت أقرأ يس! ولم أشعر إلا وركلة ترفعني من الأرض إلى الأعلى لترميني على أنفي وأتمرغ في التراب الموحل الذي كان لا يزال الماء لم ينشف منه.. ركلة تتبعها كفرة قد السطاد! ثم ركلة أخرى من قدم ثانية تعالجني، وما إن هممت بالنهوض، حتى كان أنفي يصطدم بالعارضة الأمامية (الشاهد)، ثم ركلة أخرى في الدبر وأخرى في الخصر، رمتني على الحشيش.. تخيلت نفسي كرة قدم وسط الڤازون ورحت أصرخ: آآى.. معاك يالخضرا.. وان تو فيفا لا لجيري.. آآآي!

هذه المرة، لم أعد لا بمليون سنتيم التي كان صرفُها قد تناثر في ميدان المعركة وجمعه البزاوز الحاضرون الذين راحوا يصفقون للركلات الترجيحية في جسدي! لا مليون ربحت، ولا سروال أبقيت.. ضاع السروالان معا.. حتى السروال الاحتياطي الداخلي  تشرشخ بماء لست أدري من أين جاء.. الحمد لله لم يكن معه شيء آخر ذو رائحة نتنة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • لبون

    حاجة مليحة

  • hamid

    اتمنى انك استفدت من الخطا وقررت تعليم ابناءك ولو جزء يسير من القرءان حتى يترحم عليك به بعد مماتك