-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معركة كسر العظم بيننا وبين أعداء القلم

معركة كسر العظم بيننا وبين أعداء القلم
أرشيف

لقد مجَّد القرآن الكريم القلم في قوله تعالى: “ن والقلم ما يسطرون”، وقد جاء هذا في سياق قسم إلهي لشد أزر صاحب الرسالة الخاتمة صلى الله عليه وسلم، فقال جل جلاله بعده: “ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر ويبصرون بأيِّكم المفتون إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين”.

تلخص هذه الآيات القرآنية المعركة الأزلية بين أهل القلم وأعداء القلم، معركة لا نسمع لها رِكزا في الظاهر ولكن وقعها وآثارها شديدة، وليس أدل على ذلك من ضحاياها الكثر، معركة هزت كثيرا من عروش الجهل التي ظن أهلها أنهم مانعتهم حصونهم من الله فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وألبسهم لبس الذل وقذف بأزلامهم وأحلامهم في مزبلة التاريخ “فما بكت عليهم الأرض وما كانوا منظرين”.
إن القلم سلاح ذو حدين، فإما أن يكون وسيلة للاسترزاق والارتزاق كما هو دأب كثير من أصحاب الأقلام المأجورة الذين يحولونه إلى أداة لجلد الذات والتحامل على التراث والتكالب على الدين والوطن مقابل عرض من الدنيا قليل، وإما أن يكون وسيلة للدفاع عن الحق وكشف الحقائق وسدا منيعا لحماية الوطن من كيد الطامعين والحاقدين الذين يصلون ليلهم بنهارهم، ويجلبون على الناس بخيلهم ورِجلهم من أجل أن يقتلوا فيهم كل عاطفة دينية ووطنية، ومن أجل أن يستميلوا طائفة منهم من أجل أن ينضموا إلى العابثين والراقصين على إيقاع الفتنة الدينية والمجتمعية التي حذر منها القرآن الكريم بقوله: “واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب”.
نحن لا نقف في الحياد وسطا بين المدافعين عن دينهم ووطنهم وبين من باعوا الدين والوطن وبلا ثمن في الأعم الغالب، الذين ركنوا إلى أعداء الدين والوطن وقالوا بمقالتهم فكانوا مثلهم في العمى والبُعد عن الهدى، نحن نؤمن بأن أقلامنا سلاحٌ نشهره في وجه كل من يعبث بقيم الدين والوطن من أبواق الداخل والخارج الذين يهللون لكل ناعق ويصفقون لكل آبق من جماعة “إذ انبعث أشقاها”، ونؤمن بأن أقلامنا سلاح نشهره في كل من يستهويهم الاصطياد في المياه العكرة ويحاولون ضرب الاستقرار بتقارير مغلوطة يتم اختلاقُها في مخابر الكذب العالمي باسم لجان “حقوق الإنسان” مرة، وباسم لجان “الدفاع عن الديمقراطية” مرة أخرى. إننا نعلم كما يعلم كثير من العارفين والضالعين بخبايا هذه اللجان أنها لا تكترث لاغتيال العقل وتحريف النقل، لأنها غير حرة وهي مملوكة لمن صنعوها على أعينهم، ونعلم أيضا أن الوطن الوفيّ لقيمه يصبح في عرف هذه اللجان المزعومة وطنا بلا قيم ووطنا بلا عنوان، ونعلم أيضا أن من يكتبون تقارير هذه اللجان يرومون تسويد الوضع وتقليب الأمور من غير تأسيس وعلى طريقة إبليس وقبيله ممن يعادون الحقيقة ولا يرونها إلا بمنظارهم وما يكون من بنات أفكارهم.
نحن لا نؤمن بالحياد في أمورنا كلها وخاصة حينما يتعلق الأمر بقيم الدين والوطن التي لا تقبل المساومة ولو بملء الأرض ذهبا، ولسنا ممن يصفق للباطل والمبطلين في عالم امتلأ نفاقا وشقاقا ويصنف خيانة الدين والوطن على أنها “حرية تعبير” وما هي من حرية التعبير في شيء، فمتى كانت الخيانة في كل شرائع الأرض والسماء وأعراف ذوي العقول السليمة “حرية تعبير”؟! هذا تصنيفٌ عجيب وطريقة مبتذلة يرفضها كل ذي حجر.
نحن لا نؤمن بالحياد حينما يتعلق الأمر بدين يتهدده أهل الأهواء من الملل والنحل التي تحاول نشر باطلها وأباطيلها مع أن الحق أبلج يرى لكل إنسان إلا من به صممُ ويرى لكل ذي عينين إلا لمن على أعينه غشاوة يرى الحق باطلا والباطل حقا بمنطق معوج وأفلج رحل من عهود الظلم وبعث من آباد عصور الاستعباد والاستبداد.
نحن جنود المعركة المفروضة على ديننا وأوطاننا التي تغذيها أبواقٌ ناقمة هنا وهناك يصور أصحابها أنفسهم على أنهم ملائكة مقربون ويصورون الآخرين المخالفين على أنهم شياطين مردة لا يستحقون الحياة ولا تصلح الحياة بهم لأنهم –بزعمهم- رقم مهمل في معادلة الإنسان والزمان ومعادلة الحضارة والريادة.
نحن – ولا نزكي أنفسنا- جرم صغير في عالم مليء بالتناقضات، عالم يصفنا ويصنفنا على أننا أميون ومعادون للحضارة لأننا نربأ بعقولنا أن ترتكس في حمأة الدفاع عن أفكار تجافي العقل، وتعادي الإنسان.
نحن وُجدنا لننافح عن قيم الدين والوطن في معركة كسر العظم بيننا وبين أعداء الدين والوطن الذين لن يحققوا غرضهم ولن يصلوا إلى مرادهم – لا أوصلهم الله- إلا على أجسادنا، نحن حماة الحمى في معركة فُرضت علينا لا نملك معها إلا الدفاع عن حدودنا ووجودنا وميراث أجدادنا الذي يمتدُّ في آباد الزمن.
إن المعركة بيننا وبين أعداء القلم لن تنتهي قريبا وستكون معركة طويلة نخوضها بلا هوادة ضد كل من جعل من القلم وسيلة للثراء والافتراء والهراء، وجعل من الدعاية للديمقراطية المزيفة ذريعة لزرع القلاقل والبلابل في أوطان آمنة، وضد كل من يغتال الحرية ثم ينصِّب نفسه واحدا من دعاتها وأعمدتها.
إن المعركة بيننا وبين أعداء القلم لن تنتهي قريبا وستكون امتدادا لمعارك تاريخية بدأت مع بزوغ شمس الحرية في عالم قديم يعادي كل عليم، وينكل به أو يصلبه في جذوع النخل لأنه في نظره متمرد على عقيدة “ما أريكم إلا ما أرى”.
إن المعركة بيننا وبين أعداء القلم لن تنتهي قريبا، لأن تسارع الأحداث وانتشار أعداء الدين والوطن في كل مكان وخروجهم علينا في كل اتجاه كما يخرج الموتى من الأجداث يحتم علينا أن نبقى يقظين ومتأهبين للرد على كل أفاك أثيم لا يتورع عن الإساءة للأديان والأوطان. إننا نؤمن بأن حرية الأوطان من حرية الأديان.
إن المعركة بيننا وبين أعداء القلم لن تنتهي قريبا، لأن معايير الظلم التي تسيِّر العالم المعاصر في زمن العولمة معايير مجحفة تجعل خيانة الدين والوطن “تعبيرا حرا” وتجعل من يتولى كبرها “مفكرا حرا”، فبئست هذه الحرية التي تقلب الموازين وتجعل الاحتكام للعقل شكلا من الخبال ونسجا من الخيال.

“القلم سلاح ذو حدين، فإما أن يكون وسيلة للاسترزاق والارتزاق كما هو دأب كثير من أصحاب الأقلام المأجورة الذين يحولونه إلى أداة لجلد الذات والتحامل على التراث والتكالب على الدين والوطن مقابل عرض من الدنيا قليل، وإما أن يكون وسيلة للدفاع عن الحق.”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • كسيلة

    الوطن لفظ واسع فضفاض،مصطلح هلامي ليس له ملامح أو معالم يتغير ويتبدل،ومن قال لكم ان الدين والوطن وجهان لعملة واحدة؟ كلاهما وهم اخترعناه وصدقناه واختلفنا فيه وحاربنا بعضنا من أجله،هل معنى الوطن أن أتي بقلم وأرسم خطا على الأرض ثم ادعي بغير وجه حق أن هذه الأرض أرضي؟ ليس من حق أي أحد أن يدعي أن الأرض ملكه لا لشئ إلا لأنه ولد عليها ،كما الحال في الدين تماما، ليس لأنني ولدت لأبوين يؤمنان بدين معين فيكون من الحتمي والضروري أن أؤمن بهذا الدين، إذا أردت أن تعرف حقيقة أي شئ فلترجع إلى أصوله،الحياة يا سيدي أبسط بكثير جدا من هذه التعقيدات ولا تستحق كل هذا العناء ،وحده الإنسان هو الذي يستحق أن نعمل من اجله

  • أ.د محمد بوالروايج صاجب المقال

    الرجاء الانتباه إلى هذه التصويبات في مقالي المعنون : " معركة كسر العظم بيننا و بين أعداء القلم " : " فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منظرين " الآية ، و العبارة :" إن الحق مجلجل و أبلج ، يسمعه كل إنسان إلا من به صمم ، و يرى لكل ذي عينين إلا من كانت على عينيه غشاوة ".