منجم بجاية.. بداية استفاقة العملاق العالمي للزنك والرصاص

بدأ منجم الزنك والرصاص الكائن بولاية بجاية يستفيق شيئا فشيئا وذلك بعد مرور 34 سنة عن اكتشافه من قبل الديوان الوطني للأبحاث الجيولوجية والمنجمية سنة 1989، هذا الأخير الذي يقدر احتياطه القابل للاستغلال بنحو 34 مليون طن وبمتوسط درجة خام الزنك مقدرة بـ5.5 بالمائة و1.1 بالمائة بالنسبة للرصاص ما يجعل من منجم أميزور- تالة حمزة ذو حجم عالمي.
ولم تكن مهمة بعث المشروع بالسهلة، بل تطلبت جهودا كبيرة رافقتها اجتماعات ماراطونية على المستويين المحلي والمركزي، وانخراط العديد من القطاعات من أجل إخراج المشروع من النفق الذي كان عالقا فيه منذ فترة طويلة، إذ بدأت بوادر تجسيد المشروع مع بداية الدراسة المتعلقة بالخطر التي تمت في 18 سبتمبر 2022، تلتها دراسة الأثر البيئي في 17 جانفي 2023 وبعدها دراسة المنشآت المصنفة في 22 فيفري 2023، ثم جاء المرسوم التنفيذي الصادر بالعدد 44 من الجريدة الرسمية بتاريخ 2 جويلية 2023 الذي يعيد تصنيف الأراضي الفلاحية الواقعة بالمنجم وقبلها الحصول على الترخيص المنجمي لاستغلال المكمن بتاريخ 10 ماي 2023 وذلك قبل أن يأتي المرسوم التنفيذي الصادر بالعدد الـ60 من الجريدة الرسمية بتاريخ 6 سبتمبر 2023 الذي أعلن المنفعة العامة.
وكان والي بجاية قد عقد عديد الاجتماعات مع كل الجهات المعنية بالمشروع بهدف تسريع وتيرة التحضيرات وكذا مع سكان المنطقة بهدف طمأنتهم، وآخر هذه الاجتماعات كانت يوم الخميس الفارط، بحضور ممثل الشركة الوطنية للمنتجات المنجمية غير الحديدية والمواد المفيدة ومديرة المشروع ممثلة الشركة الجزائرية – الاسترالية وكذا المديرين التنفيذيين المعنيين بهذا المشروع.
وبالمناسبة، فقد استحسنت مديرة المشروع كل التسهيلات المقدمة من طرف مصالح الولاية وتدخلاتها المتكررة لاسيما فيما يتعلق بالحصول على الرخص الممنوحة من قبل مختلف القطاعات كالموارد المائية وأملاك الدولة والطاقة والتقنين والشؤون العامة وكذا الأشغال العمومية، معلنة في نفس الوقت تمركز الشركة الجزائرية – الاسترالية بقاعدة الحياة لتالة حمزة بداية من هذا الأسبوع، أما بخصوص التكوين فقد كشفت المتحدثة عن إتمام مرحلة تهيئة وتجهيز المركزين الخاصين بالتكوين المهني بكل من بلديتي تالة حمزة وأميزور وذلك قصد الشروع في الدورات التكوينية لفائدة المكونين في المجال المنجمي والتي سيشرف عليها إطارات من شركة سونارم – تكوين، ومن ثم الانطلاق في تكوين شباب المنطقة في المجال.
وسمح اللقاء، من جهة أخرى، بالوقوف على مدى تقدم عملية التحقيق الجزئي للأراضي المعنية بنزع الملكية، أين أعطى الوالي تعليمات قصد تيسير وتيرة العملية وتعويض المواطنين المالكين للأراضي المعنية بالمشروع.
ويكتسي منجم بجاية للزنك والرصاص أهمية بالغة في مجال التنمية وتنويع الاقتصاد الوطني خارج المحروقات وبالتالي تقليص فاتورة الاستيراد ورفع المداخيل بالعملة الصعبة، ويعتبر المشروع ذو أهمية إستراتيجية نظرًا للإمكانات المنجمية القابلة للاستغلال التي يتوفر عليها والتي تقدر بنحو 34 مليون طن، ما سيسمح بتقليص فاتورة الاستيراد من خلال تلبية احتياجات السوق الوطنية ورفع العائدات من العملات الأجنبية عن طريق تصدير فائض الإنتاج.
ومعلوم أن المشروع الذي سيسمح باستحداث نحو 5 آلاف منصب عمل مباشرة وغير مباشرة، سيضمن مداخيل سنوية قدرت بنحو 215 مليون دولار وبفائدة قدرها 60 مليونا سنويا وذلك على مدار 30 سنة، حسب تقديرات الاحتياطات الحالية، مع الإشارة إلى أن المشروع يمر على ثلاث مراحل على غرار البناء والاستغلال ومن ثم إغلاق المنجم والشروع في التهيئة.
وتم اعتماد طريقة الغرف المردومة في استغلال المنجم كونها ستضمن استقرارا أكبر لمسطح الأرضية مع تجنب خطر الانهيارات، ومن المنتظر أن يتم ربط المنجم بالطريق السريع مع حجز وتهيئة رصيف مخصص بميناء بجاية ورصيف آخر للشحن بمحطة واد غير مع توسيع نطاق التعدين ليشمل الرواسب المجاورة الأخرى إلى جانب انجاز مصنع ببجاية لتحويل مركزات الزنك والرصاص إلى منتجات تامة الصنع، وأن الانطلاق في الاستغلال والإنتاج سيكون سنة 2026.