الرأي

منظومة منكوبة.. مدرسة مندوبة!

جمال لعلامي
  • 882
  • 8
ح.م

الرئيس عبد المجيد تبون، دعا الحكومة، وتحديدا وزارة التربية، إلى إعادة النظر في المنظومة التربوية وتخفيف كثافة البرامج المدرسية، وبالموازاة، قال الوزير الجديد للقطاع، إن عهد “البريكولاج” انتهى، وآن وقت إحالة الكلمة للكفاءات، والحال أن قطاع “التغبية” ظلّ خلال السنوات الأخيرة، حقلا للتجارب الفاشلة، وللأسف أريد للتلاميذ أن يتحوّلوا إلى فئران تجارب باسم الإصلاحات!

إصلاح الإصلاحات، يستدعي توجيه أصابع الاتهام أيضا، إلى تلك النقابات وجمعيات الأولياء، التي صفقت لوزراء القطاع السابقين، ورقصوا معهم “بلا محارم”، وعقدوا اتفاقيات علنية و”صفقات” تحت الطاولة، وأحيانا ركبوا الإضرابات واستعملوا المعلمين والمتمدرسين “دروعا بشرية” لجني ثمار مسمومة لا علاقة لها بالمظلومة التربوية!

ليس وزراء التربية السابقون من يتحملون الانحراف الذي عرفته المدرسة، ولكن الشركاء الاجتماعيين -وليس كلهم طبعا- يتحملون بدورهم مسؤولية ما حدث من عبث للبرامج التعليمية ولمسار التكوين ومسابقات التوظيف والحجم الساعي للتدريس وللامتحانات ولنتائج البكالوريا والبيام و”السانكيام”، وكلها سقطات ونكسات عصفت بقطاع التعليم والتربية، فلم يبق لا تعليم ولا تربية ولا هم يحزنون ولا يضحكون!

طبعا، هناك وزراء ومسؤولين سابقين ومديري القطاع، يستحقون “الشنق”، وفي أحسن الأحوال السجن، لأنهم لعبوا وتلاعبوا بمستقبل الأجيال، وحوّلوا المدرسة إلى “ساحة قتال”، تارة معركة إيديولوجية، وتارة سياسية، وتارة أخرى عشوائية وارتجالية وتهوّر وأهواء شخصية، انتهت في آخر المطاف بتخريب أركان منظومة تعليمة، وتعذيب الأساتذة والتلاميذ معا!

نعم، مراجعة المنظومة التربوية، يبقى أولوية من الأولويات، وإنهاء عهد “البريكولاج” هو الآخر ضرورة حتمية، وإفساح الطريق للكفاءات، يبقى خيارا لا مفرّ منه، من أجل تصحيح الأخطاء وتقويم الاعوجاج الذي كسر المدرسة وجعل منها مجرّد هياكل آيلة للزوال، ولن يتحقق الإصلاح المطلوب، إلاّ بترميم العقليات والذهنيات البالية، وإعادة بناء الأفكار والسماع للصوت الآخر، وفتح نقاش عام وحوار شامل بين شركاء ونخبة القطاع!

لقد أدّى تهلهل المدرسة، إلى زلزلة الجامعة، ومن خلالها ضرب كلّ المؤسسات والقطاعات، وخلخلة انسجام فئات المجتمع وتفاعل الطاقات والكفاءات، كما حرّض هذا “المرض المزمن” الإطارات على الفرار نحو ملاذات آمنة بالخارج، وهنا كانت الضربة موجعة، بل وقاضية!

لن يصلح التغيير المنشود، لتأسيس الجزائر الجديدة، ما لم يتمّ تغيير ما يجب تغييره في قطاع التربية المنكوبة، وأخطر ما في الموضوع، أن المعلم الذي كاد أن يكون رسولا، أصبح هو أيضا ضحية يُنتج ملايين الضحايا من التلاميذ كل سنة، في مختلف المستويات والأطوار، فتصوّروا مسار كرة ثلجية لا يمكنها إلاّ أن تتدحرج من الأعلى إلى الأسفل باتجاه “قصر” العلم والمعرفة والقيّم وخزان الأمة من القادة والمسيّرين والمفكرين مستقبلا!

مقالات ذات صلة