من هم المزورون الحقيقيون؟
عمليات تزوير الدينار وإغراق السوق المالية بالملايير المزورة اتخذت في الآونة الأخيرة أبعادا خطيرة، إذ لم يعد الأمر يتوقف على ما يستقبله التجار والمواطنون أحيانا من بعض الأوراق المزورة مموهة داخل الأوراق والمبالغ الحقيقية، ولكنه تجاوز ذلك بكثير وأصبحت البنوك الوطنية والأجنبية تتلقى مئات الملايين من الدينار المزور دون أن تتمكن آلات الكشف الحديثة لديها من تمييز واكتشاف المزور.
-
وعلى الرغم من هذه الأبعاد وهذا التزوير الكثيف وإغراق السوق المالية بالمال المزور، إلا أن الاتهامات الرسمية وغير الرسمية لاتزال توجه بالتحديد إلى أولئك الحراقة البؤساء من الأفارقة الوافدين إلى الجزائر عبر الحدود الجنوبية والذين يأخذون واجهات الصحف ووسائل الإعلام كلما تعلق الأمر باكتشاف أوراق نقدية مزورة متداولة في السوق سواء كانت بكميات كبيرة أو صغيرة، فهل باستطاعة هؤلاء فعلا تزوير كميات من الدينار مثل تلك التي اكتشفت مؤخرا في بنوك عنابة، وهل هم قادرون على تزوير فئة 1000 دينار بهذه الكمية والنوعية التي لا تتمكن الأجهزة الحديثة في البنوك من اكتشافها بسهولة، وكيف يقدر هؤلاء على إنتاج مثل هذه الأوراق التي لا تقدر على إنتاجها حتى أرقى وأحدث المطابع وأكثرها تكنولوجية في الجزائر!؟
-
إذا.. لماذا لا يتوجه البحث عن مصادر هذا التزوير المهول وجهات أخرى ولماذا لا يطرح السؤال عن إمكانية قدوم الدينار المزور بهذه النوعية من أوروبا وفرنسا على سبيل المثال وفي الحقائب والحاويات الديبلوماسية التي ترسل إلى سفارة من السفارات أو قنصلية من القنصليات الأجنبية في الجزائر.. ولماذا لا يفكر المسؤولون الجزائريون المعنيون في إمكانية أن تكون هذه العلمية عبارة عن مؤامرة دولة من الدول وعملها على تحطيم الاقتصاد الوطني وتدميره بعد أن حطمت سيادة البلد وتركته بلا إرادة سياسية أو مؤسسات قوية.. أم أن هؤلاء المسؤولين جزء من اللعبة ومن المخطط المحك، خاصة وأن عمليات التزوير الشاملة هذه في العملة الوطنية تتزامن مع افتضاح مؤامرات بعض فروع البنوك الأجنبية عبر التقارير الاستخبارية التي تعدها عن الوضع السياسي والاجتماعي الجزائري، كما تتزامن مع انهيار قيمة الدينار أمام اليورو في الأسواق السوداء التي تشهد إغراقا في الدينار المزور وفي اليورو المعد أساسا للتهريب إلى الخارج وربما مصدره في السوق الجزائرية فروع هذه البنوك بطرق غير شرعية؟.
-
هذه هي الأسئلة التي يجب أن تطرح لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة قبل فوات الأوان وليس الاستمرار في توجيه التهم إلى لاجئين مشردين لا يعرفون حتى كتابة أسمائهم.