الرأي

من هؤلاء “الخبراء” الذين اقترحوا اللهجة العامية في الابتدائي؟!

الشروق أونلاين
  • 2684
  • 0

عندما خرج علينا أحد إطارات وزارة التربية بتصريح غريب وشاذ حول التعليم بالدارجة في الابتدائي، انتفض الجميع ضد هذا الكلام الغريب. وتدخلت الوزيرة للرد على هذه الانتفاضة الشجاعة. وقالت لوسائل الإعلام إن هذا الكلام غير صحيح وإنما هو مجرد اقتراح جاء به بعض الخبراء في الورشات الخاصة بتقييم تطبيق الإصلاحات في المدرسة وإن التعليم بالدارجة سيكون في التحضيري فقط.

 وبعد أيام، خرجت علينا مرة أخرى الوزيرة بتصريح مناقض للتصريح الأول.. وأكدت أنه لابد من التعليم بالدارجة في التعليم التحضيري وفي السنة الأولى والثانية ابتدائي.. ومن هنا يأتي السؤال الجوهري: من هؤلاء الخبراء الذين نصحوا الوزيرة بتبني التعليم بالدارجة في الابتدائي؟ وما هو البحث الذي قاموا به ليتوصلوا إلى هذا “الاكتشاف العظيم”؟ لماذا لم ينصحوا الوزيرة عند تعلم اللغة الفرنسية بأن يبدأوا بالعامية الجزائرية ثم يتعلموا اللغة الفرنسية بالتدريج بما أنها ليست لغة الأم؟ أليس كذلك يا وزيرة التربية؟ ثم: هل كان الفرنسيون يعتمدون على الدارجة في تعليم اللغة الفرنسية في بلادنا؟ أبدا والله، بل كانوا يتحدثون باللغة الفرنسية فقط وعندما لا يفهمهم أحد التلاميذ يستعينون بالإشارات لا غير. أما أن يتحدثوا بالدارجة لتعليم اللغة الفصحى،  فهذه بدعة في الجزائر فقط. وأخيرا نقول لهذه الوزيرة، شهادة للتاريخ: إذا قررت فعلا التدريس بالعامية في الابتدائي، فسيسجل عليك التاريخ وصمة عار لن تمحى أبدا.. فهل وجدتم مسؤولا في أي بلد يقول عن لغة بلاده الرسمية إنها “تصدم” التلميذ وتمر عليه مرور الكرام؟ لا أظن ذلك ولا يقبلها أي عاقل مهما كان منصبه.. أيعقل أن يتعلم أي تلميذ الفصحى عن طريق الدارجة؟ ما هذا الهذيان يا ناس؟ أنا أستاذ لغة عربية تعلمت اللغة الفصحى عن طريق أستاذ فلسطيني لا يعرف الدارجة الجزائرية وكان يتحدث باللغة العربية الفصحى فقط، وقد تعلمتها بكل سهولة ولم أصدم.

 إذن المشكلة ليست في اللغة وإنما المشكلة في المعلم الذي يعلم هذه اللغة للتلميذ والبرنامج الذي يدرسه، والمطلوب الآن هو:  كيف نكوّن المعلم في منهجية التدريس وليس إقحام العامية في الابتدائي؟ وأظن أن هذا “الخبير” الذي نصح الوزيرة بإدراج العامية في التدريس في الابتدائي إنما أراد بذلك تحطيم ما تبقى من اللغة العربية الفصحى لنصبح بعد ذلك من دون هوية ولا لغة رسمية.. وعندها سنصبح كالشعب اللقيط، ليس له لا أصول ولا جذور ولا هوية واضحة. وتصبح الفرنسية هي اللغة الرسمية وتُمحى بعد ذلك اللغة العربية. وهذا هو المقصود بالذات والأمور واضحة وضوح الشمس.

مقالات ذات صلة