الرأي

“مهرودة” والسلام!

جمال لعلامي
  • 833
  • 3
أرشيف

الحالة المالية “مهرودة” منذ أكثر من سنتين، ومع ذلك مازال الخبراء والوزراء والمديرون، يطلون على الجزائريين هنا وهناك بأفلام رعب مروّعة، كلها تبث مشاهد انهيار القدرة الشرائية وتراجع قيمة الدينار وما سيخلفه من تداعيات على نسبة التضخم والبطالة والأجور، وآخر هذه التخويفات، الخسارة التي ستتكبّدها الخزينة العمومية مجددا بسبب تخفيض إنتاج البترول، والتي ستصل إلى حدود 600 مليار شهريا!
الأغلبية المسحوقة من الجزائريين، لم تعد تخاف، فقد “ضرب عليها البارود”، مثلما يقول المثل الشعبي الشهير، فالقدرة الشرائية انهارت، والدينار لم يعد “بشلاغمو”، والبطالة تنامت، والتضخم “دار كراع”، ونار الأسعار أحرقت الجيوب، فما الذي يُمكنه أن “يخلع” المواطنين أكثر؟
عقلية “هلمّ من مزيد”، الذي تعتمدها الحكومة في عمليات طبع النقود، والتي تجاوزت عتبة الـ40 مليار دولار، خلال 11 شهرا، في انتظار امتثال بنك الجزائر لطبع الطلبية الجديدة، تزرع دون شك الهلع في نفوس “المزلوطين” و”المهرودين” والموظفين الذين مرمدتهم “الشهرية”، لأن الفاتورة مثلما جرت العادة، سيدفعها هؤلاء المساكين آجلا أم عاجلا!
الترويع لم يعد يجدي نفعا، وقطع الأرزاق الذي لا يختلف عن قطع الأعناق، لم يعد هو الآخر ينقل الرعب إلى المرعوبين، وبين هؤلاء وأولئك، وزراء يقولون ما لا يفعلون، وخبراء يتكلمون أكثر ممّا يقترحون، ومستهلكون يدفعون الثمن بـ”الثاني والمثني”، وبعدها لا فرق بين رفع إنتاج البترول أو خفضه!
اختزال مداخيل الجزائريين في ملايير “البقرة الحلوب”، وقتل الفلاحة والسياحة والصناعة والتجارة، ضاعف تبعات الأزمة المالية، وحوّلها إلى محنة ومأساة وتراجيديا لا تعرف إلاّ طريق الفقراء والضعفاء والتعساء، ولذلك لم يعد هذا النوع من المقهورين والضحايا يئنون كثيرا، فإذا عمّت خفّت!
من الأحسن والمفيد للجميع، لو صمت قليلا بعض الخبراء والوزراء، خاصة في هذا الظرف المالي والاقتصادي الحرج والمزعج، فكفى من التصريحات الفلكلورية، والتوقعات المبنية على ضرب خطّ الرمل، وتنبؤات “الزمياطي”، التي أثبتت الأيام بأنها بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة، ولا علاقة لها بالوضع الفعلي الذي يعيشه غالبية الناس!
الكثير من التأويلات والاستنتاجات الخاطئة، أرعبت “المستهدفين” أكثر ممّا أرعبتهم وأدهشتهم الضائقة المالية، ولقد أثبتت الأيام أن سوء التسيير المتسبّب في الثغرات والمشاكل المالية، رافقه سوء تسيير للمعلومة والإعلام، وهو ما سمّم الأجواء بالغازات القاتلة، وأحجب الرؤية، وأنتج الغموض، ووأد المبادرة، وتفـّه روح الإبداع وقوّة الاختراع، فكان الإفلاس حتما مقضيا!

مقالات ذات صلة