-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
السلالات الجديدة عصية على المبيدات والمكيفات

موجات البعوض تتحول إلى هاجس يؤرق المواطنين

م.عبد الرحمان
  • 731
  • 0
موجات البعوض تتحول إلى هاجس يؤرق المواطنين

لم يعد البعوض يُعذب سكان ولايات من دون أخرى في الجزائر، وبلديات مناطق الظل، من دون البلديات المسجلة ضمن الغنى والثراء، في صائفة 2022، حيث عمت جائحة الحشرة المزعجة الضارة كل مناطق الجزائر بما فيها أرقى أحياء العاصمة ووهران وقسنطينة في ظاهرة صارت تتطلب تحرك السلطات عبر بلدياتها، بعد أن تحولت حشرة الناموس إلى هاجس مرعب لساكنة مختلف الولايات، من حشرة تضاعف عددها بشكل رهيب، ومخاطرها الصحية والمعنوية، خاصة أن كل طرق مقاومتها التقليدية السابقة، لم تعد تنفع معها، ومنها المبيدات سواء كانت على شكل سوائل أو ألواح للتبخير التي صار وجودها كعدمه، وحتى في وجود المكيفات، تفعل هذه الحشرة الأفاعيل في قلب العاصمة فما بالك ببقية الولايات الداخلية.

مع حلول فصل الصيف، يتجدد خطر حشرة الناموس أو البعوض في كل مكان، ولو بشكل متفاوت، حيث تتحوّل هذه الحشرة الضارة والناقلة للأمراض إلى كابوس يؤرق الساكنة، سواء داخل النسيج العمراني، بسبب ما يحدث من تسربات على مستوى مشاعب الصرف الصحي وأقبية العمارات التي تتجمع فيها المياه المستعملة، أو على مستوى الأحياء والتجمعات الريفية البعيدة عن النسيج العمراني أو تلك القريبة من الأودية والغابات، أين تنتشر حشرة الناموس بكثرة، لتوفر عوامل تكاثرها وانتشارها على مدار شهور السنة، ومنها تحديدا شهور فصل الصيف.

بيئة مثالية لتكاثر البعوض

وتعد الأحياء الواقعة في ضواحي مدينة سيدي عقبة بولاية بسكرة كمثال لما يحدث في الجزائر عموما، مثل أحياء 1000 و700 مسكن وسيدي غزال وغيرها بعاصمة الولاية بسكرة من بين المناطق الأكثر تضررا من ظاهرة انتشار الناموس على مستوى ولاية بسكرة، التي تصيب المواطنين بالأرق المزمن، في حين تطرح المشكلة بولاية أولاد جلال المجاورة، على مستوى بلدية الدوسن وتحديدا أحياء الجاروف وما جاورها بشكل كبير، وبدرجة أقل وشكل متفاوت عديد الأحياء الأخرى، مثل الخافورة وتافشنة وغيرهما من الأحياء الواقعة في قلب المناطق الفلاحية، أين تتسبب أحواض ومياه السقي في انتشار الناموس، ليصبح ضيفا مزعجا وخطيرا جدا للساكنة في تلك الأحياء خصوصا في الصيف. وبأولاد جلال يُطرح ذات المشكل بالأحياء القريبة من وادي جدي بسبب مصبات مياه الصرف التي تحول أجزاء كبيرة من مجرى وادي جدي إلى برك مسببة لانتشار الناموس مثل مناطق شعوة ووهاس والعسل وغيرها كثير. ونفس الشيء يطرح وبذات الأسباب على مستوى بلدية سيدي خالد المجاورة. وإذا كانت بعض البلديات تسارع قبيل حلول فصل الصيف لتنظيم حملات لمكافحة الناموس، من خلال رش المبيدات على مستوى تجمعات المياه المستعملة وعبر الأحياء المتضررة وغير المتضررة، فإن بعض البلديات الأخرى وهي كثيرة لا تكون فيها حملات المكافحة بالشكل المطلوب لضعف الإمكانات أو الوسائل. وساكنة مثل هذه البلديات يكونون دوما أكثر عرضة للناموس وإزعاجه الذي لا يطاق ليلا ونهارا.

وفي مثل هكذا حالات يظهر دور الجمعيات الناشطة في مجال البيئة، حيث تسعى هذه الجمعيات وحسب رئيس جمعية الذهب الأزرق لحماية البيئة ببلدية الدوسن كما قال للشروق اليومي، إلى طرح المشكل وسبل معالجته في كل مرة، ولكن ليس بالطريقة التقليدية، أي ليس فقط عن طريق رش المبيدات على مستوى المناطق المتضررة والتي ينتشر فيها مسببات انتشار هذه الحشرة الضارة، بل الأمر يتطلب حسب رئيس الجمعية المذكورة السيد عبد القادر شايب ذراع وضع خطة استراتيجية للمكافحة ومتابعتها، وذلك بالقضاء نهائيا على هذه البؤر المسببة للناموس من خلال تجفيف كل المستنقعات غير الطبيعية، مثل مصبات المياه المستعملة، وهذا الأمر حسبه يتم عادة تنفيذه من قبل مكاتب النظافة ومصالح البلديات قبيل وخلال فترة تكاثر هذه الحشرات، حتى يتم كسر سلسلة الحياة بالنسبة لهذه الحشرة. أما إبقاء السبب أي المستنقعات وتجمعات المياه القذرة، ومحاربة المسبب أي الناموس، فهذه طريقة أثبتت عدم نجاعتها طوال السنوات الماضية. فالأمر حسب السيد عبد القادر يتعدى مجرد حملات رش المبيدات كلما حل الصيف وبدأت شكاوى المواطنين تتعالى. وفي حال التعرض للناموس فإن طرق التدخل لدى المواطنين والمختصين تختلف.

لسعات تتطلب العلاج بالمستشفى

وتؤكد مختلف التقارير الصحية في مختلف ولايات الوطن، استقبال مصابين من المتأثرين بالناموس، سواء من خلال اللسعات التي تسبب الحمى والإصابات الجلدية المؤذية، كما هو الحال في ولاية عنابة الساحلية، أو من خلال الأرق والوهن والتعب، وقدّرت بعض المصادر الصحية، الأرقام بالعشرات يوميا، في كل مشفى، ومنهم مرضى يعانون من أرق وصعوبة في النوم منذ قرابة الشهرين، كما هو حال الشيخ مصطفى الذي افتقد النوم بسبب الناموس، منذ خمسة أسابيع، ناهيك عن الذين يقومون بتطبيب أنفسهم من جائحة الناموس والبعوض في منازلهم، ينصح الممرض محمد محياوي، في حديثه للشروق اليومي، بضرورة  استعمال المواد المطهرة عديمة الكحول، ومنها المركيروكروم الذي عرف شعبيا بالدواء الأحمر، حيث ينصح بوضعه في مكان اللسع، في حال تسبب الناموس في حكة قوية وبروز حساسية جلدية. وفي حال تفاقم الوضع يرى ذات الممرض ضرورة استشارة طبيب، فقد تكون – كما قال للشروق اليومي – حشرة الناموس ناقلة لأمراض قد تكون عواقبها وخيمة على الجلد، ومن أخطرها الحشرة المسببة لليشمانيا الجلد أو ما يعرف بمسمار بسكرة. فيما ينصح الطبيب لزهر قريشي وهو طبيب عام في اتصال بالشروق اليومي، كل المواطنين في المناطق المعروفة بانتشار حشرة البعوض إلى توخي الحيطة والحذر، خصوصا الأطفال، حيث وجب حمايتهم من هذه الحشرة من خلال وضع الأغطية الخفيفة على أجسامهم، وإبعاد أجهزة المكافحة عن رؤوسهم تفاديا للحساسية من المواد المنبعثة منها. وفي حال تعرض الطفل للناموس يجب تجنب حك أماكن اللسع ووضع أدوية مطهرة غير كحولية حتى لا تتسبب في مضاعفات أخطر.

لجوء إلى الطرق التقليدية

وبطرق مختلفة يجتهد ساكنة البلديات المتواجدة في مناطق الظل بالجزائر العميقة، للقضاء على الناموس وإزعاجه باعتماد طرق تقليدية أحيانا والاستعانة بالوسائل والتجهيزات الحديثة المضادة للناموس أحيانا أخرى. فالسيد (س.إبراهيم)، وهو ستيني، فيؤكد أنه وقبيل كل صائفة يجتهد لاقتناء مادة الياسمين وجعلها كمرهم يضعه على ساعديه ورجليه اعتقادا منه أن الناموس لا يحب رائحة الياسمين وبالتالي لا يقترب منه أبدا. ومن خلال تجربته لسنوات، فهذا هو الحل الأنسب حسبه. فيما يؤكد مواطن آخر، أنه يلجأ في كل صائفة إلى الأجهزة الطاردة للناموس وهي حسبه فعالة رغم تكاليفها. فهو يقتني كما قال في كل صائفة ما يلزمه من هذه التجهيزات ويركبها في غرف منزله، وباستعمال المكيفات أو المراوح تكون فعالية القضاء على إزعاج الناموس مائة بالمائة على حد وصفه، بالرغم من عدم موافقة آخرين الذين يرون بأن ناموس هذه الصائفة أعجز كل طرق الوقاية القديمة والحديثة. وفي المناطق الفلاحية المفتوحة يلجأ الساكنة هناك إما إلى إضرام النيران وافتعال الدخان كل مساء لطرد الناموس، أو اللجوء إلى ما يعرف محليا بالناموسية، وهي شبه غطاء من القماش الشفاف يستعمل كغطاء يمنع لسعات الناموس ويجنب خطره خصوصا على الأطفال. وإذا كان الإجماع على أن مكافحة الناموس لا تتم ولا تكون فاعلة إلا عن طريق عمليات الرش والمكافحة التي تقوم بها دوريا مصالح مكاتب حفظ الصحة عبر البلديات وخاصة في فصل الربيع. فإنّ البعض يؤكد بأن تعزيز نشاط المكافحة يتطلب دوما إجراءات وقائية مدعمة لنشاط المكافحة الذي تقوم به البلديات. فصحيح أن الناموس يقل خطره ويتراجع انتشاره بشكل كبير، عندما تقارب درجة الحرارة الخمسين مئوية، فإن ذلك لا يعني زوال خطر هذه الحشرة الضارة، بل إن تجدّد انتشارها قد يتم في أية لحظة طالما بقيت مسببات انتشارها موجودة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!