-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد أن عادت العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى الاستقرار

موقف باريس من الصحراء الغربيّة يتبلور على نار هادئة

محمد مسلم
  • 11793
  • 1
موقف باريس من الصحراء الغربيّة يتبلور على نار هادئة

الآن وبعد أن استتبت العلاقات الجزائرية الفرنسية، وعادت المياه إلى مجاريها بعد أشهر من أزمة صاخبة، بزيارة كل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والوزير الأول، إليزابيت بورن، إلى الجزائر رفقة نصف طاقمها الحكومي، هل ستنخرط باريس في دعم بعض القضايا التي تهم الجزائر تماشيا والتوافقات التي حصلت بشأن بعض القضايا الإقليمية؟

ومن بين القضايا التي تهم الجزائر وكانت فرنسا تعاكس المصلحة الجزائرية فيها، توجد القضية الصحراوية، فإلى وقت قريب كان موقف باريس داعما للموقف المغربي من القضية الصحراوية، باعتبارها “عرابا” لمشروع الحكم الذاتي، الذي اقترحه نظام المخزن المغربي في عام 2007، بل إن هناك مصادر دبلوماسية تتحدث عن كون الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، هو صاحب المبادرة من خلف الستار، كما لعب الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، دورا في عرقلة تنفيذ القرار الأممي المتعلق بإجراء استفتاء في الصحراء الغربية.

وخلال الزيارة التي قادت كل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والوزير الأول إليزابيت بورن، إلى الجزائر، لم يدل أي منهما بأي تصريح حول موقف بلادهما من القضية الصحراوية، غير أن هناك تقارير غير رسمية تحدثت عن توجه فرنسي نحو مراجعة موقف باريس من هذه القضية، التي أصبحت في المدة الأخيرة عاملا مؤثرا في العلاقات بين الجزائر وباريس.

غير أنه وإن فضل الجانب الفرنسي الإفصاح عن موقفه من القضية الصحراوية، إلا أن الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين لمعرفة موقف باريس، لأن نهاية الشهر الجاري سيكون موعد تصويت مجلس الأمن الدولي على مهمة بعثة الأمم المتحدة لاستفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، وهناك سيتضح الموقف الفرنسي باعتبار فرنسا عضو دائم في مجلس الأمن، ومن حقه التصويت، إما بنعم أو الامتناع أو رفع حق الفيتو.

وخلال جلسة التصويت على مهمة بعثة “المينورسو” الأخيرة في 31 أكتوبر 2021، صوتت فرنسا بنعم رفقة كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين باعتبارها دولا دائمة العضوية، فيما امتنع العضو الآخر الدائم روسيا، رفقة تونس التي كانت عضوا غير دائم، ومنذ ذلك الحين بدأ الضباب يخيم على العلاقات المغربية التونسية، إلى أن انفجرت الصائفة الأخيرة بعد فرش البساط الأحمر للرئيس الصحراوي، إبراهيم غالي، على هامش قمة إفريقيا اليابان.

وتعليقا على هذه القضية، يعتقد الدبلوماسي نور الدين جودي، أن الممارسات السابقة للسلطات الفرنسية تجعل من الصعوبة بمكان التكهن بالموقف الفرنسي، الذي لديه اتفاق قديم مع نظام المخزن، فيما يعرف بمعاهدة فاس، الذي تلتزم فيه فرنسا بحماية الملك وعائلته ومن يخلفه في القصر.

وقال جودي في اتصال مع “الشروق”: “أنا لا أؤمن إلا بالملموس”، داعيا إلى الانتظار قليلا إلى غاية اجتماع مجلس الأمن نهاية الشهر الجاري، وحينها سنقف على الموقف الرسمي لفرنسا من القضية الصحراوية.

وأضاف: “ما هو مؤكد، هو أن الرئيس تبون رسم خارطة الطريق لمن يريد علاقات جيدة مع الجزائر، في حواره مع مجلة “لوبوان” الفرنسية. “إذا أرادت فرنسا علاقات جيدة مع الجزائر، فهي على دراية تامة بما يتعين عليها القيام به”.

وفي انتظار اتضاح الموقف الفرنسي، تلوح مؤشرات قوية على أن باريس بصدد مراجعة موقفها من القضية الصحراوية، وما يعزز هذا، الأزمة المستعرة بين نظام المخزن المغربي وفرنسا، التي وإن تبدو صامتة على الصعيد الرسمي، إلا أنها تبقى زوبعة عاتية على الصعيد غير الرسمي، تنشطها الأذرع السياسية والدبلوماسية والإعلامية للمخزن في الداخل والخارج، مقابل صمت هدوء لافت من قبل الجانب الفرنسي.

وتحاول أذرع نظام المخزن المغربي تجاهل السبب الحقيقي في الخلاف المغربي الفرنسي والمتمثل في تجسس المخابرات المغربية على الرئيس الفرنسي وكبار مساعديه، عبر برمجة “بيجاسوس” المطور من قبل شركة “آن آس أو” الصهيونية، واختزال هذه الأزمة في سيناريو بعيد تماما عن الحقيقة، من قبيل تمدد النفوذ المغربي على حساب النفوذ الفرنسي في القارة السمراء، فيما بدا تخديرا للشعب المغربي من خلال تصوير مملكة المخزن على أنها تحولت إلى دولة كبيرة تزاحم نفوذ الكبار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • zakaria

    "ومن بين القضايا التي تهم الجزائر وكانت فرنسا تعاكس المصلحة الجزائرية فيها، توجد القضية الصحراوية" هده الجملة تلخص كل شيئ تحيا الجزائر