-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ميناء الحمدانية: تغيير استراتيجي قادم!

محمد سليم قلالة
  • 12385
  • 0
ميناء الحمدانية: تغيير استراتيجي قادم!

سيكون ميناء الحمدانية بِحَجمه وقُدراته من بين أكبر الموانئ العالمية، لن تتفوق عليه في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا سوى ثلاثة موانئ (روتردام، أنفير، وهامبورغ)، باقي الموانئ البحرية ستكون أقل من قدرته المتوقَّعَة المُقدَّرَة بـ6.5 مليون حاوية سنويا.

سيبدو ميناء مرسيليا قزما أمامه بـ1.4 مليون حاوية سنويا، ويقترب من قدرة ميناء هامبورغ 8.3 مليون حاوية سنويا، وسيكون أكبر من ميناء فالنسيا 5.05 مليون حاوية… أي أن الجزائر ستلتحق بالكبار في مجال الموانئ البحرية بعد انجازه، وستُعيد إلى الأذهان تلك الصورة التاريخية المعروفة عنها كأكبر قوة بحرية في المتوسط لأكثر من ثلاثة قرون…

من حقنا أن نأمل ذلك ونعمل لتحقيق هذا الأمل، بل إِنَّ العمل جار لتحقيقه في الميدان وكل شيء جاهز لذلك ومنذ سنوات: الدراسة أُنجِزت منذ 2012، والشَّرَاكة مع الصين منذ 2016، والتَّمويل كذلك، ما بين 3.5 مليار دولار و5 مليار دولار هي الآن في الانتظار من قبل الشريك الصيني… فقط هي أربع سنوات ويُصبح الحلم واقعا، ونُحقِّق أحد أكبر الإنجازات في البنية التحتية ذات التأثير الاقتصادي والجيواستراتيجي الكبيرين…

وبالنظر إلى كونه ميناءً يدخل ضمن استراتيجية كونية لقوة عظمى كالصين، وله علاقة مباشرة بطريق الحرير، وبالتعاون الاستراتيجي مع هذا البلد الصديق فإن تداعياته ستكون ذات تأثير كبير على الاقتصاد الجزائري في العقود القادمة وعلى مكانة بلدنا الإقليمية متوسطيا وافريقيا. إن هذا الميناء الذي سيُعزِّز الاقتصاد الجزائري، لن يكون معزولا عن العمق الإفريقي، بل كلاهما سيتكاملان، ويصبح للجيران الأفارقة من غير نافذة بحرية ميناؤهم أيضا، وطريقهم نحو العالم، تصديرا واستيرادا. وبالنظر إلى توسطه غرب المتوسط، حتى أوروبا لن يكون لها بديل عنه للتعامل مع افريقيا، ولعل الكثير من الموانئ، التي ستصبح صغيرة مقارنة مع حجمه، ستفقد زبائنها الكبار المتجهين نحو القارة السمراء…

أي أن هذا الميناء ضمن نظرة كلية استشرافية ستكون له آثاره الإيجابية الكبيرة على كامل منطقة المتوسط، وسيُغيِّر من قواعد اللعبة التجارية فيه باعتبار أنه سيكون أحد المراكز الأساسية التي يصب فيها طريق الحرير وباتصال مباشر مع أكبر الموانئ البحرية في العالم (من بين أكبر عشرة موانئ بحرية في العالم، 7 موانئ صينية وأشهرها على الإطلاق ميناء شنغهاي الذي تبلغ قدرته 47.8 مليون حاوية).. يبقى علينا وقد اجتمعت كافة الأسباب للانطلاق في إنجازه أن نفعل، ونتجاوز كل ما يمكن أن يبرز من صعوبات لتعطيل تحقيقه.. ونحن نعرف أنه ليس من اليسير أن تبقى بعض الأطراف مكتوفة الأيدي لعرقلته وهي تُدرك أبعاده المختلفة، وتعمل على إبقاء الوضع على حاله لما فيه من خدمة لمصالحها والتي دامت عقودا من الزمن..

لقد كانت للموانئ عبر التاريخ أدوار اقتصادية وجيواستراتيجية كبرى، وارتبطت بها انتصارات وهزائم، وكانت عنوان تقدم وازدهار، كما كانت رموزا للتعاون والتبادل التجاري… وبلا شك فإن ميناء الحمدانية سيكون من هذا الصنف الأخير في رمزية الصين كشريك استراتيجي معنا فيه.. هذا البلد الذي ما كانت علاقاتنا معه سوى لأجل التعاون المثمر للبلدين من التجارة إلى الصناعة إلى البناء والبنية التحتية إلى البحث العلمي والثقافة والفضاء… ليس من اليوم، بل ومن أيام ثورة التحرير المباركة. ألم تكن الصين هي أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية يومين بعد الإعلان عنها؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!