جواهر
"‬رقصة الياسمين‮" ‬تستلهم تجربة آسيا جبار في‮ "‬بعيدا عن المدينة المنورة‮"‬

نادية سبخي‮ ‬تبحث عن سماحة الإسلام في‮ ‬زمن التطرف

جواهر الشروق
  • 2105
  • 0
ح.م
نادية سبخي

من خلال روايتها الأخيرة‮ “‬رقصة الياسمين‮” ‬ـ منشورات الكلمة ـ تواصل نادية سبخي‮ ‬الحفر في‮ ‬التراث الإسلامي‮ ‬بمساءلة المناطق المظلمة في‮ ‬علاقة المسلمين بالآخرين،‮ ‬حيث تؤكد مدير المجلة الأدبية‮ “‬لفراسك‮” ‬وفاءها لتراث الراحلة آسيا جبار،‮ ‬خاصة في‮ ‬اختيار زاوية الموضوع‮.‬

في‮ “‬رقصة الياسمين‮” ‬ترمي‮ ‬نادية سبخي‮ ‬بشخصياتها في‮ ‬عوالم متناقضة وعاصفة،‮ ‬وتجعلها تكتشف أقدارها،‮ ‬حيث تعمل شخصية دانيا وهي‮ ‬كاتبة جزائرية وشخصية إزابيل الصحفية الفرنسية التي‮ ‬تعود إلى الجزائر بعد نصف قرن لتكتشف البلد الذي‮ ‬ولدت فيه وسمعت عنه الكثير‮. ‬اللقاء بين دانيا وازابيل في‮ ‬الجزائر كان تتويجا لمسار طويل من المراسلات الالكترونية والتي‮ ‬دارت في‮ ‬اغلبها عن الإسلام ونظرته للآخر،‮ ‬الحرية،‮ ‬النظرة للمرأة،‮ ‬الإلحا،‮ ‬علاقة المسلمين بالآخرين‮. ‬رقصة الياسمين تبحث عن إسلام الأنوار والروحي‮ ‬والانفتاح والمساءلة التاريخية بعيدا عن ثقافة التطرف‮.‬

في‮ “‬رقصة الياسمين‮” ‬تواصل ما بدأته منذ كتابها الأول‮ “‬الحب الصامت‮”‬،‮ ‬إذ اعتبرت أن مسألة الالتزام بقضايا النساء ومقاربتها الثقافية للإسلام واجب تقرأ من خلاله مسار النساء الجزائريات خاصة،‮ ‬والمسلمات في‮ ‬العالم العربي‮ ‬عموما،‮ ‬فمنذ أول كتبها،‮ ‬قالت سبخي‮ ‬إنها قررت أن تكون‮ “‬نسوية‮” ‬ليس بالمفهوم السلبي،‮ ‬وإنما بالمفهوم الإيجابي‮ ‬لقضية الالتزام‮.‬

في‮ ‬الكتاب ساءلت نادية الإكراه الذي‮ ‬يمارس على المرأة اجتماعيا تحت الغطاء الديني،‮ ‬حيث تعرضت عبر قصص شخوص الرواية إلى علاقة صلاة الإنسان بأفعاله وكيفية تقديم نفسه لربه انطلاقا من أفعاله،‮ ‬وفي‮ ‬ثاني‮ ‬كتبها‮ “‬تحت ستار روحي‮” ‬انتقلت لمعالجة مخلفات الأزمة الأمنية على الجزائريات،‮ ‬وما تلاها من نقاش حول الحجاب،‮ ‬كما قالت نادية إن قضية الحجاب بالنسبة لها روحية أكثر من كونها مرتبطة بغطاء الرأس‮. ‬وفي‮ ‬كتابها‮ “‬تنهدات القيصرية‮” ‬انتقلت لفرض وتبني‮ ‬فكرة الالتزام،‮ ‬منبهة إلى خطورة التراجع عن المكتسبات التي‮ ‬حققتها الجزائريات منذ الثورة التحررية،‮ ‬وخاصة إذا كان هذا تحت‮ ‬غطاء الدين‮. ‬

في‮ ‬هذا الكتاب تعمل المؤلفة على مقاربة‮ “‬الفكرة الدينية‮” ‬ثقافيا وليس عقائديا،‮ ‬من خلال استعادتها لسيرة النساء في‮ ‬صدر الإسلام ودورهن في‮ ‬مجتمعاتهن بهدف نفي‮ ‬الصورة السلبية التي‮ ‬يتم إلصاقها بالإسلام وعلاقته بالنساء،‮ ‬أما في‮ “‬رقصة الياسمين‮” ‬الصادر حديثا،‮ ‬تنتقل نادية إلى مقاربة مشاكل النساء المسلمات فلسفيا عبر علاقة المسلمين بالآخرين‮. ‬واعتبرت سبخي‮ ‬أن حصر النقاش اليوم في‮ ‬هيأة النساء وثيابهن أمر مهين لكرامة النساء،‮ ‬باعتبارها كائنا ناقصا ويتم الحجر عليه،

وتدعو من خلال روايتها الأخيرة إلى ملامسة الأسئلة الجادة التي‮ ‬واجهت النساء في‮ ‬دولة النبي‮ ‬محمد صلى الله عليه وسلم،‮ ‬حيث أخرج الإسلام المرأة من ثقافة الوأد إلى اتخاذ القرار وامتلاك الكلمة،‮ ‬نادية سبخي‮ ‬عبر‮ “‬رقصة الياسمين‮” ‬تعيد ربط الصلة بالنصوص وتفسيراتها الاجتماعية التي‮ ‬رافقتها طوال قرون،‮ ‬ودعت المتحدثة النساء،‮ ‬خاصة الجيل الجديد من الكاتبات والمثقفات إلى عدم الاستسلام للصمت،‮ ‬وإنما العمل لفرض النفس في‮ ‬فضاء الحياة العامة والارتقاء بالنقاش لملامسة القضايا الجادة للمجتمع،‮ ‬لأن ـ حسبها ـ ما‮ ‬يتم اليوم طرحه وتداوله نقاشات سطحية لا تخدم المجتمع ولا تقدم أي‮ ‬شيء في‮ ‬مسار تطويره،‮ ‬منبهة بأنّ‮ ‬نضال النساء ضروري،‮ ‬ليس فقط للحفاظ على المكتسبات،‮ ‬لكن للانتباه والحرص لعدم الرجوع إلى الخلف‮.‬

مقالات ذات صلة