الرأي

نحن وأوروبا.. فشل منطق الضعفاء!

محمد سليم قلالة
  • 1011
  • 5

لم يشفع لنا أنْ مَكَّنا الاتحاد الأوروبي سنة 2005 من اتفاقية تبادل حر رغم أنه لم يكن بإمكاننا أن نُصدِّر لهذا التكتل الاقتصادي أي شيء. أكثر من 13 سنة والاتحاد الأوروبي يستفيد من هذا الاتفاق الذي كان في صالحه بكل المقاييس. نستورد منه كل شيء ولا نستطيع أن نُصدِّر له أي شيء عدا المحروقات طبعا. وبمجرد أن شرعنا في التفكير في تقليص بعض الواردات ولفترة محدودة، حتى ثارت ثائرة هذا الاتحاد، ولم يسمح حتى بهذا الهامش من المناورة لعلنا نتنفس بعض الشيء… بل إن فرنسا احتجت على التفاح، وإسبانيا على السيراميك عندما تم توقيف استيرادهما!…
هكذا هو العالم الذي نسمّيه حرا اليوم. إذا خدمت مصالحه، وبقيت تحت حمايته، فأنت سياسيا واقتصاديا مقبولا حتى وإن كنتَ مع السياسة والاقتصاد النقيض التام كما هو شأننا. أما إذا حاولت انتهاج خط سياسي لا يخدمه ولو في بعض التفاصيل، فانتظر كل المخططات واستعد لكي توصف بكل الأوصاف.
ولعل هذا ما بتنا نلاحظه على أكثر من صعيد، حيث لم نعد فقط نواجه صعوبات اقتصادية، بل نعرف أكثر من تهديد على الصعيد الجيوسياسي والأمني خاصة ما يتعلق بحدودنا الجنوبية وما أصبحت تعرفه من نشاط إرهابي متزايد وغير بريء.
لذا، فإنه إذا كان علينا اليوم من درس نحفظه، فهو أن نعلم أن البناء الداخلي المتين هو الأهم إن كان اقتصاديا أو سياسيا، وأن وضع البلاد ضمن أفق المدى البعيد، والخروج من سياسات الترقيع، وإعادة الثقة في القدرات الذاتية، ومحاربة الفساد مهما كان نوعه ومهما كانت درجته، هي العوامل الأساسية القادرة على تمكيننا من تفادي سيناريوهات التركيع التي أصبحت اليوم أداة الأقوياء في مواجهة الأقل قوة.
إن عالم اليوم، لا يعترف إلا بمن يعامله بنِدِّية، بعيدا عن أي تنازلات مجانية، بل إنه يعتبر كل تنازل من غيره ضعفا، يُشجِّعه على مزيد من ممارسة أساليب القهر والإذلال وعدم الاعتراف بالمصالح المشتركة. وهو الذي حدث لنا بالفعل مع الاتحاد الأوربي، وبخاصة مع الدول ذات المعاملات الكثيفة معنا (فرنسا، اسبانيا، إيطاليا…) التي لا تريد أن تقتنع بأنه سيأتي يوم نضطر فيه إلى مراجعة الكثير من العلاقات الاقتصادية غير المتكافئة التي أثقلت كاهلنا لعقود من الزمن ومنعتنا من الإقلاع. ولعل هذا اليوم قريب إذا ما حكّمنا الكفاءة واحتكمنا للوطنية في تسيير شؤوننا المختلفة، وذاك ليس بالمستحيل.. إذ لسنا نحن من تنقص الكفاءة أبناءه أو يعدم وجود وطنيين بين صفوفه، لننتقل في ظرف وجيز من منطق الضعفاء إلى منطق الأقوياء…

مقالات ذات صلة