الرأي

نحن وتونس!

قادة بن عمار
  • 1715
  • 11
ح.م

أصوات كثيرة ارتفعت عندنا في الأيام القليلة الماضية مفتخرة بالتجربة التونسية وبالإنجاز الديمقراطي غير المسبوق، الذي تم تحقيقه هناك، فصعد بمرشّحين من خارج الكيانات الحزبية الضيّقة ورفعهما إلى الأمتار الأخيرة من المنافسة وسط دهشة وذهول الجميع.

مبدئيا، لا يحق لأحد غير “التوانسة” الافتخار بما تحقق، أما البقية فعليهم أن يتعلموا من التجربة بدلا من مجرّد التهليل لها، وأن يستنتجوا الدروس بدلا من الاكتفاء بترديدها، وأول تلك الدروس، كيفية الحفاظ على موعد الاستحقاق الانتخابي والإجماع بالمطلق على ضرورة أن يكون الصندوق هو الفيصل الوحيد للخروج من كل المآزق والأزمات.

 وهنا نتذكر جميعا، ذلك الضجيج الذي رافق قرار فرض المساواة بين الجنسين في الميراث، حيث كرسته السلطة السياسية وباركه البرلمان، وتحفظت عليه حركة النهضة وهلل له كثير من الإعلام، لكن الشعب اختار في النهاية، وبالصندوق، رجلا ضدّ المساواة، بل وضدّ المبدأ أصلا حيث يعتبره “مؤامرة على ثوابت البلد والأمة”.

لقد أسقط التوانسة وبالإرادة الشعبية ما أراد البعض فرضه عليهم، وبالتالي، إن كان هنالك أمر يجب أن نتعلمه من هذه التجربة فهو ضرورة نقل خلافاتنا للصندوق والفصل فيها عن طريق الإرادة الشعبية وفقط.

لكن بأي حال نذهب للصندوق في الجزائر؟ وهل يكفي تأسيس سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات من أجل إقناع المرشحين المفترضين، والمواطنين عموما من تجاوز البلد تجاربه السابقة والمريرة في هذا الصدد، تجارب تميزت بسرقة أصوات الأموات قبل الأحياء!

لاشك أن تأسيس سلطة لتنظيم الانتخابات يعدّ خطوة مهمة لكنها ليست كافية، فالمناخ العام الذي تعيشه الجزائر، يضيق يوما بعد آخر، وهنالك حالة قلق من مخاطر حقيقية، بعضها ظاهر وآخر مستتر، والأكيد أن السلطة بيدها أن تقدم الكثير من أجل تحسين المناخ الديمقراطي وإقناع الشعب بضرورة الذهاب للموعد الانتخابي قريبا، ولعل أبرز تلك القرارات والتي يكاد يتفق عليها الجميع، تتمثل في رحيل حكومة نور الدين بدوي.

وهنا، لا نعرف حتى الآن السبب الحقيقي وراء التمسك بهذه الحكومة التي عينها الرئيس السابق بوتفليقة، لا بل إن بعض الوزراء فيها تجاوزوا مرحلة الصدمة، واستجمعوا قواهم للتأكيد على أنهم يمثلون “حكومة قرارات” وليس حكومة تصريف أعمال، رغم أن الدستور الذي تتمسك به المؤسسة العسكرية، يُعرّف هذه الحكومة بأنها مؤقتة، مثلها مثل رئاسة الدولة تماما.

رحيل حكومة بدوي يبدو مهمّا أيضا بالنسبة لمن يريد الترشح في الانتخابات المقبلة فكثير من هؤلاء يريدون تحقيق هذا المطلب لتوظيفه كورقة في مواجهة الشارع، ولمنح ضمانة كافية ولو رمزية على أن الحراك حقق معظم أهدافه وخصوصا ما ارتبط منها برحيل الباءات من رموز العصابة.

وعود على بدء، فإن التجربة التونسية تعدّ مصدر فخر للتوانسة فقط، أما نحن فيجب أن تمثل لنا، مصدر إلهام وتحفيز للعمل أكثر والاجتهاد في سبيل الخروج من الأزمة بشكل لائق، يحفظ للحراك سلميته وللبلاد سمعتها.

مقالات ذات صلة