الرأي

نحو عهدةٍ خامسة لبرنامج الرئيس

حبيب راشدين
  • 1236
  • 4
أرشيف

لأن الحقيقة تحتمل بالضرورة التستُّر بالوهم، والوهم قد يضمر بعض الحقيقة، فإنه “عندما تستبعد المستحيل وتطارد الوهم، فما تبقى، ومهما كان بعيد الاحتمال، هو بالضرورة الحقيقة”، وهذا حالنا عند فحص عناوين الجدل القائم حول الرئاسيات القادمة، ما بين الدعوة إلى ترحيلها إلى أجل غير معلوم، والتمديد للرئيس، أو التمكين لإعادة انتخاب برنامج الرئيس بوصفه الحائز لإجماع بين أركان النظام، إذ بات في حكم اليقين استحالة المضيِّ في التسويق للعهدة الخامسة.
دعونا نبحث ابتداءً في المستحيل الذي يبدأ بوجوب صرف النظر نهائيا عن دعوات المبعَد ولد عباس لعهدة خامسة، كانت قد استبعِدت من حسابات أركان النظام منذ أكثر من سنة، وتعززت بجملة من الإشارات اللطيفة.
وبنفس المنطق يُفترض أن نستبعد سيناريو التوريث الذي فتن جانبا من المعارضة وبعض المضاربات الإعلامية، لأكثر من سببٍ وجيه؛ فالجزائر ليست سوريا الأسد، ولا مصر مبارك، وليس في ثقافتها السياسية ما يمنح أدنى فرصة لمشروع توريث لم نرَ له مقدمات منذ بداية العهدتين الثانية والثالثة في وقتٍ كان الرئيس يحظى بشعبية كبيرة.
بقي لنا أن نتعامل مع بعض مشتقات صيغ التمديد في عمر العهدة الرابعة، التي توافقَ فيها جانبٌ من الموالاة والمعارضة عبر دعوة رئيس “تاج” إلى مؤتمر وطني لصناعة التوافق، ودعوة “حمس” لتمديد مشروط بتوافق بين الموالاة والمعارضة، يُضمر “عرضا للخدمة” تحت برنوس الرئيس وبرنامجه إلى حين. وقد اشتركت الدعوتان في تسفيهٍ متعمد لأحكام الدستور وقانون الانتخابات المانعين لأي تأجيل لموعد الانتخابات إلا في حالة الحرب، مع كلفة سياسية تنسف من القواعد ما حرص النظامُ على تثبيته طيلة عقدين من الزمن باحترام مواعيد الانتخابات تحت أي ظرف.
وحيث لا يوجد أي مشروع بديل عند المعارضة العاجزة عن تحقيق توافق حول مرشح مشترَك، وعجز أحزاب الموالاة عن صياغة بديل خارج إملاءات الدولة العميقة، وما توحي به حناجرُها العميقة، فإن ما تبقى هو تصنيع حالة من التوافق حول التمديد الاضطراري لبرنامج الرئيس، الذي صار في أكثر من موطن برنامجا توافقيا للدولة العميقة، كيفما كان مستوى الصراع بين أجنحتها على تقسيم أو إعادة تقسيم ريعه السياسي والمادي، وأن تأجيل الاعلان عن مرشح اجماع يبقى محض تفصيل بعد أن نجحت السلطة في تعرية هشاشة المعارضة وفضح افتقارها لصناعة البديل، وحملها ـ كما حصل مع “حمس”ـ على الدعوة الطوعية إلى تمديد العهدة الرابعة الذي يعني القبول بتمديد العهدة لبرنامج الرئيس.
وإذا ما صدق هذا الاستشراف، فإن رئاسيات 2019 تكون قد حُسمت حتى قبل استدعاء هيئة الناخبين، مع استحالة قيام بديل منافس ذي شأن من جهة المعارضة، وتحييد أي مشاغبة قد تأتي من صفوف الموالاة، واستشراف سهولة حصول توافق بين أركان الدولة العميقة حول مرشح لن يكون له أي هامش مناورة للخروج عن التوافق الذي تسير به البلد منذ بداية العهدة الثانية، والذي تعزز بتفكيك جهاز الـ”دي أر أس” وتوحيد قيادة الجيش الماسكة اليوم بخيوط اللعبة من وراء الستار.

مقالات ذات صلة