ندرة مرتقبة في الوقود.. والحكومة تستنجد بالاستيراد لمواجهة الطوابير!
عرّى الدخول القوي لمجموعة “سوناطراك” إلى الأسواق الدولية لاستيراد ملايين الأطنان من البنزين بأنواعه والمازوت والزفت وزيوت المحركات، تلك الوضعية الكارثية التي تتواجد عليها استثمارات الشركة في مجال إنتاج المحروقات والمواد المكررة، وعجزها لعقود عن تجديد وبناء مصانع تكرير جديدة تحسبا لتغطية الاحتياجات الوطنية التي عرفت قفزات قياسية منذ 2006، مدعومة بالزيادة الحادة في الحظيرة الوطنية للسيارات والعربات الصناعية وخاصة السيارات منخفضة الثمن من النوعية الرديئة التي تستهلك كميات هائلة من الوقود.
واعترف الرئيس المدير العام لمجموعة “سوناطراك”، بأن المجموعة لم تكن تتوقع زيادة الطلب على المواد المكرّرة بهذه الوتيرة، وهي تقوم حاليا بتعديل توقعاتها على الطلب في الفترة التي تمتد إلى غاية 2016، مؤكدا أن “سوناطراك” ستواصل استيراد كميات إضافية من المنتجات المكررة والزيوت خلال السنوات القادمة لتغطية العجز في الاستهلاك المحلي، متوقعة تطور حدة العجز مع زيادة وتيرة إطلاق مشاريع الخماسي الثالث التي لم تنطلق بشكل جيد إلى غاية بداية العام الجاري.
وكشف عبد الحميد زرقين، أن واردات الجزائر من المازوت والبنزين سجلت ارتفاعا سنة 2011، حيث بلغت بالنسبة لمادة المازوت 1.3 مليون طن من المازوت من إجمالي استهلاك سنوي بلغ 8.9 ملون طن، و380 ألف طن من البنزين بجميع أنواعه في نفس السنة من إجمالي استهلاك بلغ 3 ملايين طن، مقابل 200 ألف طن، بقيمة إجمالية تعادل ملياري دولار، وبزيادة سنوية قدرت بـ77 بالمائة بالنسبة للمازوت و242 بالمائة بالنسبة للبنزين.
وستواصل الجزائر استيراد المواد المكررة خلال السنوات القادمة لسد العجز نتيجة تراجع قدرات التكرير الوطنية، وخاصة مع توقف مصفاة سكيكدة بداية من شهر جويلية القادم، لإجراء عمليات توسيع وصيانة دورية بعد توقف الاستثمارات الجادة في قطاع التكرير منذ 1980.
وبلغت الزيادة السنوية لاستهلاك المواد المكرّرة حوالي 10 بالمائة سنويا منذ 2002، قبل أن تشتد حدة الأزمة نهاية ديسمبر ومطلع جانفي الماضي، مما دفع بالحكومة إلى البحث عن أي كميات متاحة في السوق الدولية وبأي سعر لسد العجز وتوفير المواد المكررة.
“فاينانشال تايمز”.. تراجع إنتاج الجزائر من 1.4 إلى 1.1 مليون برميل يوميا
لم تكشف “فاينانشال تايمز” جريدة الأعمال الأكثر شهرة في العالم، سرا بحديثها الأسبوع الماضي عن تراجع إنتاج الجزائر من 1.4 مليون برميل يوميا سنة 2008 إلى 1.1 مليون برميل يوميا سنة 2011 نتيجة تراجع استثمارات مجموعة “سوناطراك” التي لا تتوقع عودة إنتاجها للارتفاع قبل حلول 2016، بل سبقها إلى ذلك تقرير بنك الجزائر الذي أشار إلى أن إنتاج البلاد من المحروقات بدأ في التراجع منذ 2006
وتحدث بنك الجزائر، بصراحة استثنائية عن تراجع حاد في إنتاج المحروقات خلال الأعوام الخمس الأخيرة، لاسيما النفط الخام و”الكوندونسا” وغاز البترول المميع والغاز الطبيعي والغاز الطبيعي المسال، قبل امتداد الخلل إلى عجز تام في تغطية الطلب على المواد المكررة من بنزين ومازوت وزيوت المحركات ومادة الزفت التي أصبحت تستورد من الخارج، في دولة تنتج وتصدر المحروقات في شكلها الخام.
وأشار بنك الجزائر في تقريره الظرفي إلى أكبر تراجع سجله إنتاج النفط الخام في الجزائر، حيث تراجع الإنتاج من 345.3 مليون برميل سنة 2006 إلى 339.1 مليون برميل سنة 2007 ليواصل تراجعه إلى 305.5 مليون برميل سنة 2008 و272.8 مليون برميل سنة 2009 ليواصل الإنتاج انحداره الشديد إلى 258.7 مليون برميل فقط سنة 2010 وهو الانخفاض المقدر بـ25.08 بالمائة أي ما يعادل 86.6 مليون برميل في ظرف 5 سنوات.
وقالت “فاينانشال تايمز”، إن الوضعية الجديدة التي استفاقت عليها السلطات الجزائرية دفعتها إلى تغيير معسكرها داخل منظمة الأقطار المصدرة للبترول “أوبك” من معسكر الحمائم إلى معسكر النسور داخل المنظمة، في إشارة إلى موقفها المتطابق مع جبهة الرفض الفنزويلية الإيرانية، ضد الموقف السعودي المدعوم خليجيا، مشددة على أن هلع الجزائر اشتد مع فقدان بترول “صحارى بلاند” إلى “منحة النوعية” التي كان يحصل عليها كواحد من أجود أنواع البترول الخفيف والحلو في الأسواق الدولية، ولكن شروع مجموعات بترولية عالمية في استغلال مصادر غير تقليدية لاستخراج النفط والغاز، تسبب في إزاحة البترول الجزائري من مكانته التقليدية وهو الوضع الذي تزامن مع أزمة اقتصادية عالمية خانقة تشتد يوما بعد آخر، مما أفقد أسعار النفط أزيد من 40 دولارا في أقل من 4 أشهر، حيث نزل النفط من حوالي 130 دولار نهاية مارس الماضي، إلى 89 دولارا نهاية الأسبوع الفارط وهو ما رفع من حدة مخاوف الجزائر.