نريد هذا الاستقرار في المنتخب الجزائري
خرج المنتخب الجزائري ظافرا بنقاط مواجهته أمام مالي، في مباراة لعبت تحت خوف شديد من تكرار حادثة مقتل اللاعب الكاميروني لشبيبة القبائل إيبوسي. فوز مكننا بعد جولتين من احتلال مقدمة الترتيب والسير بخطى ثابتة نحو التأهل إلى كأس إفريقيا للأمم المقررة بالمغرب، لا يهم الأداء في مثل هذه المباريات بقدر ما تهم النتيجة التي تمكننا من التربع على عرش المجموعة، ولعب اللقاء القادم ذهابا وإيابا شهر أكتوبر القادم بأريحية ومعنويات كبيرة، دون اللجوء إلى الحسابات للعب “كان” المغرب مثلما حدث قبل موقعة أم درمان.
عندما أتحدث دائما عن منتخبنا الوطني الجزائري، أنسى أن الجزائر تملك بطولة محلية ينشط فيها أكثر من ألف لاعب محترف، يتقاضون أموالا طائلة ويجلبون أسبوعيا للملاعب آلاف الأنصار ليقدموا عروضا هزيلة ويتفننون في زرع الرعب والعنف، من خلال تصريحاتهم اللامسؤولة أو تصرفاتهم الصبيانية دون أن تتحرك رابطتنا لضربهم بقوة ومعاقبتهم مثلما يحدث في كل بطولات العالم، فلا تنفع الاجتماعات ولا البيانات ولا حتى الومضات الإشهارية، لأن القضاء على هذا الداء الخطير يستوجب إرادة سياسية لاستئصال هذا المرض الخبيث من كرتنا التي أصبحت خير سفير للجزائر في كل المحافل الدولية.
الحديث عن النتيجتين الإيجابيتين للمنتخب الوطني أمام إثيوبيا ومالي مرده سياسة الاستقرار، التي تسود تشكيلتنا الوطنية وعودة بعض المغضوب عليهم واستدعاء آخرين جدد ومجيء أيضا مدرب جديد وجد صعوبة في التأقلم مع الأجواء الإفريقية لكنه نجح بامتياز في الفوز بالامتحانين اللذين واجههما أمام إثيوبيا ومالي.
حقا المنتخب الجزائري أصبح قدوة لكل الأفارقة خاصة مع تراجع نتائج بعض المنتخبات، على غرار المنتخب المصري، الذي فاز بثلاث كؤوس إفريقية متتالية ويعجز الآن حتى على الفوز في عقر داره وأصبح ذلك المنتخب “المهلهل” الذي لا يخيف أحدا، وهو ما يجعلنا نعمل للمحافظة على المكانة التي أصبحنا نحتلها في الكرة الإفريقية، والبقاء في عرش الكرة الإفريقية لسنوات أخرى لأننا نملك خزانا من اللاعبين المحترفين جلبتهم هيئة روراوة بعد الإفلاس، الذي ضرب كرتنا المحلية التي لم تخرج بعد من سباتها العميق.
المنتخب الجزائري، الذي أبهر الجميع في مونديال البرازيل، منطقيا لن يغيب عن المنافسات القارية القادمة، ولا حتى عن مونديال روسيا ولا حتى ربما عن مونديال قطر، لأن التركيبة الحالية للمنتخب تستطيع اللعب لعشر سنوات أخرى تكون قد اكتسبت تجربة ونضجا كبيرا يمكنهم من السيطرة على الكرة الإفريقية مثلما كان يحدث في بداية الثمانينات مع العهد الذهبي لكرتنا.
التطور الإيجابي لكرتنا على المستويين الإفريقي والدولي يجعلنا نتساءل، لماذا الفئات الشبانية لمختلف المنتخبات الوطنية تقصى في المهد في مختلف البطولات الإفريقية؟ وهل اتحاديتنا الموقرة لم تجد حلولا بعد للصغار؟ وهل يستطيع الناخب الجديد لهذه الفئة تدارك الوضع والعمل على تكوين منتخبات شبانية قوية بإمكانها على الأقل تدعيم تشكيلة المنتخب الأول في السنوات القادمة.